بحث
بحث
سيارة تابعة للأمم المتحدة أمام فندق فور سيزنز في دمشق ـ صوت العاصمة

كيف تعامل النظام مع المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في سوريا؟

النظام يتغنى بالموافقة لـ 44 منظمة إنسانية بالعمل في سوريا رغم أنه المستفيد الأول!

صرّح نائب وزير الخارجية في حكومة النظام “بشار الجعفري”، أمس الاثنين 24 كانون الثاني، بأن النظام وافق لـ 44 منظمة غير حكومية دولية معنية بالشأن الإنساني بالعمل على أراضيها، وقدّم تسهيلات لعملها.

وقال الجعفري في بيان أمام مجلس حقوق الإنسان، إن حكومة النظام سهلت وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطقها عبر الخطوط و”دون تمييز” بما فيها المناطق الصعبة الوصول أو المحاصرة وبلغ عدد المستفيدين نحو 8.5 ملايين، متهماً “المصادر المفتوحة” التي تستقي منها الآليات الأممية معلوماتها بأنها تفتقر إلى المصداقيّة ومخترقة من أجهزة استخبارات دولية.

عشرات التقارير الإعلامية نُشرت في مواقع دولية وعربية، وأخرى في مواقع إخبارية محلية، كما نشر موقع “صوت العاصمة” عدّة تقارير حول الفساد في المنظمات الإغاثية التي تتلقى دعمها من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، وتسخير أموالها لصالح النظام وضباطه، وتقارير أخرى تُجيب على سؤال: “كيف تعامل النظام مع المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في سوريا؟”.

تجنيد مخبرين داخل المنظمات!
جنّدت استخبارات النظام سابقاً، عشرات المخبرين داخل المنظمات الإغاثية الدولية العاملة في سوريا، ليزودوا الأفرع الأمنية بتقارير دورية حول نشاطاتها وإدارتها وخطط عملها.

تجنيد المخبرين تم بعد إصدار الفرع الخارجي “279” التابع لشعبة المخابرات العامة، برقيات استدعاء لأكثر من 300 عاملاً في المنظمات الإغاثية الدولية وموظفي الشركات الأجنبية في سوريا، وأخضعهم جميعاً للتحقيق.

مجريات التحقيق دارت حول عمل المنظمة وبالتحديد الموظفين الأجانب من تحركاتهم إلى علاقاتهم إلى آرائهم السياسية بما يجري في البلاد، في حين ادعى المحققون بأن استدعاء الموظفين هو “خدمة للوطن”، وأن معظم الموظفين الأجانب “جواسيس” للغرب في سوريا ويجب تتبعهم باستمرار.

واستطاع الفرع الخارجي حينها، تجنيد قرابة 50 موظفاً وعاملاً في المنظمات الإنسانية والشركات الأجنبية، ممن يحملون فكراً موالياً للنظام.

إتاوات مالية مقابل السماح بتوزيع المساعدات:
اتبعت استخبارات النظام، منذ أواخر عام 2020، سياسة جديدة للتعامل مع المنظمات الإغاثية الدولية، فرضت بموجبها إتاوات مالية عليها مقابل السماح لها بافتتاح نقاط لتوزيع المساعدات.

سياسة فرض الإتاوات بدأت في بلدات “جنوب دمشق”، حين أقدمت منظمة دولية متخصصة بإغاثة اللاجئين الفلسطينيين بدفع مبلغ “مليون” ليرة سورية، عن كل نقطة توزيع للمساعدات الإنسانية في مناطق “يلدا” و”مخيم جرمانا” ومخيم “خان الشيح”.

رفضت المنظمة الإنسانية بداية دفع الإتاوات المفروضة، فمنعتها استخبارات النظام من إطلاق حملتها التي أعلنت عنها، ما دفعها للتوزيع في نقطة واحدة فقط، ولأشخاص محدودين داخل “مخيم اليرموك”، وكان معظم المستفيدين من عائلات عناصر الميليشيات الفلسطينية المقاتلة إلى جانب النظام، والمرتبطين بالأفرع الأمنية، قبل أن تعود للموافقة على دفع المبلغ المذكور لاستئناف عملها في المنطقة.

تخصيص الدعم لضباط النظام وعناصره:
كشف موقع صوت العاصمة في تقرير سابق له، عن إقدام عدد من المنظمات الإغاثية التي تتلقى دعمها من هيئة الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، على شطب أسماء المستفيدين من قوائمها، وتسخير الدعم لترميم منازل أشخاص مقربين من النظام.

جمعية “الندى” الإغاثية، صاحبة النشاط الأكبر في الغوطة الشرقية، أطلقت برنامجاً لترميم المنازل المتضررة في المنطقة جراء العمليات العسكرية، وشمل برنامجها ترميم المنازل المتضررة بشكل جزئي، إضافة لعملية الإكساء الكامل، إلا أنها لم تدرج اسم أي من المدنيين المتضررين في قوائم مشروعها.

وخصّصت الجمعية مشروعها للعقارات المملوكة لأشخاص مقربين من النظام السوريين، وأخرى لمسؤولين في حزب البعث، إضافة لمنازل الضباط والعناصر المقربين منهم.

وسبق تخصيص مشروع ترميم المنازل لمقربين من النظام، إلغاء أسماء عشرات العائلات المستفيدة من برنامجها الإغاثي، والإبقاء على أسر عناصر النظام والمقربين من مسؤوليه، بما فيهم أعضاء الفرق الحزبية في مدن وبلدات الغوطة الشرقية.

إجراءات الجمعية المذكورة ليست محصورة بعملها فقط، فتلك السياسية معمّمة على كافة الجمعيات الإنسانية التي تتلقى دعمها من جهات دولية وتعمل في مختلف المحافظات السورية، في الوقت الذي قامت فيه استخبارات النظام بالاستيلاء على معظم المنظمات الإغاثية المحلية، عبر إقالة مجالس الإدارة فيها وتعيين شخصيات مقربة من الأفرع الأمنية.

النظام كسب ملايين الدولارات من مساعدات الأمم المتحدة!
كسب النظام السوري ملايين الدولارات من أموال المساعدات الدولية المقدمة للسوريين عبر المنظمات الإغاثية، من خلال أساليب “غير تقليدية” استطاع خلالها تمويل خزينته بالعملات الأجنبية.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية أواخر العام الفائت، فإن النظام أجبر المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، على استخدام سعر صرف أقل للدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية.

واستندت الغارديان في تحقيقها، إلى دراسة أجرها باحثون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) ، ومركز العمليات والسياسات الفكرية ومركز تحليل العمليات والبحوث، توصلوا فيها إلى أن النظام حقق 60 مليون دولار أمريكي عام 2020 من أموال المساعدات الإغاثية الدولية.

وبيّنت الدراسة أن النظام أجبر المنظمات على تصريف العملات الأجنبية في مصرف سوريا المركزي، الذي جمع مبلغ 0.51 دولار من كل دولار مساعدات يرسل إلى سوريا، ما جعل عقود الأمم المتحدة واحدة من أكبر السبل لكسب المال بالنسبة لحكومة النظام.

وأكّدت الصحيفة أن نصف أموال المساعدات الخارجية فُقدت منذ أن أجبر النظام الأمم المتحدة على استخدام سعر صرف “البنك المركزي”.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير سابق لها، إن حكومة النظام تفرض قيوداً مشددة على تدفق المساعدات الإنسانية طوال فترة الحرب في سوريا، وغالباً ما تحرم المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من الإمدادات، داعية المانحين الغربيين للتأكد من أن المساعدات الإنسانية وأي مساعدات مستقبلية لا ترسخ السياسات القمعية أو تصب في مصلحة الموالين لبشار الأسد، فيما قال المدير التنفيذي للمنظمة: “الحكومة السورية أثبتت أنها بارعة في التلاعب حينما يتعلق الأمر بالمساعدات”.