استراتيجية لم تتخلى عنها أجهزة النظام السوري واستخباراته، منذ الأشهر الأولى للثورة السورية، وبعضها منذ عشرات السنوات، وعلى غرار المئات من القرارات السابقة، باتت الوساطات والرشاوى المتقاضات للتنصل من قرارات حظر التجول وإغلاق المحال التجارية والأسواق، وعزل مدن وبلدات الريف عن مراكز المحافظات، القضية الأبرز لدى الكثير من المسؤولين وأصحاب المناصب الحكومية، والمصدر الرئيسي لاستغلال الأهالي.
قرارات حظر التجول والتنقل بين الريف والمدينة، استثنت فئات محددة من شموليتها، بينها الإعلاميين والصحافيين، وعناصر الميليشيات المحلية، وفئات من أعضاء حزب البعث، وما أن بدأ تطبيقها، حتى ظهر المئات في كل منطقة وحي من العاصمة دمشق وريفها، يتنقلون بموجب بطاقات ومهمات رسمية تستثنيهم من الحظر.
مصادر خاصة قالت لـ “صوت العاصمة” إن وزير الداخلية “محمد رحمون” أصدر مؤخراً تعليمات تقضي بالتدقيق على البطاقات الصحافية، والتصاريح القديمة للفئات المستثناة من قرارات الحظر، مشيراً إلى أن تعليماته صدرت على خلفية وروده المئات من المقاطع المصورة التي تُظهر أشخاص يتجولون ليلاً في أحياء العاصمة دمشق، وغيرها من المحافظات السورية، ليتبين أنهم يتجولون بموجب بطاقات حزبية وصحافية ووزارية، دون امتلاكهم مهمات رسمية بالتنقل.
وأكَّدت المصادر أن عدداً من أصحاب النفوذ في الوزارات والمحافظات والأجهزة الأمنية، بدأوا بمنح مهمات رسمية تسمح لحامليها التنقل والتجول بحرية لمدة 15 يوماً من تاريخ إصدارها، لافتةً أنها موقعة من المحافظين والوزراء أو نوابهم، مقابل مبالغ مالية وصلت لـ 100 ألف ليرة سورية للمهمة الواحدة.
الأفرع الأمنية وعناصر الداخلية لم تفوت تلك الفرصة أيضاً، وما أن صدرت قرارات حظر التجول والعزل، حتى فرضت إتاواتها على الداخلين والخارجين من وإلى مركز المدينة، واعتمدت أسعار تتفاوت بحسب الأشخاص الراغبين بدخول المدينة أو الخروج منها، فضلاً عن مدة الزيارات ووقت التنقل.
مصادر صوت العاصمة قالت إن العناصر الأمنية في مناطق القزاز وسيدي مقداد وكشكول فرضت مبالغ مالية تراوحت بين 1500 إلى 3 آلاف ليرة سورية على كل شخص يرغب بالخروج من منطقته لساعات بغرض تبضع المواد الغذائية من أسواق العاصمة.
وأضافت المصادر أن الدوريات الأمنية المتمركزة في محيط منطقتي سيدي مقداد وضاحية قدسيا، فرضت مبالغ قُدرت بـ 25 ألف ليرة سورية للعائلة الواحدة، كتسعيرة للخروج النهائي من المنطقة.
وأشارت المصادر إلى أن الحواجز العسكرية المتمركزة على مداخل ومخارج العاصمة باتجاه مدن وبلدات ريف دمشق، رفعت قيمة الإتاوات المتقاضات من سائقي سيارات الشحن المختصة بنقل البضائع إلى 5 آلاف ليرة سورية للسيارة الصغيرة، و10 آلاف ليرة للشاحنات الكبيرة، وخاصة تلك المتوجهة إلى قدسيا ومعربا وصحنايا ومعضمية الشام، بعد أن كانت لا تزيد عن ألف ليرة للسيارة الواحدة قبل قرارات الحظر.
صوت العاصمة كشف عبر عدة مصادر في مناطق متفرقة من العاصمة دمشق وريفها في وقت سابق، إن قرارات حظر التجول لم تُطبق على جميع المناطق والأشخاص فيها، مبيناً أن الاستثناء لـ “المدعومين” كان حاضراً دون تصاريح رسمية منذ الساعات الأولى لإصدار القرارات.
عناصر الشرطة والأمن الجنائي، المكلفون بمراقبة تطبيق قرارات حظر التجول، والتعامل مع المخالفين بموجب القانون الصادر، اعتقلوا قرابة الـ 500 شخصاً في العاصمة دمشق وحدها، خلال أول يومين من إصدار القرار، فيما اعترفت وزارة الداخلية بتوقيف 135 شخصاً منهم، لكن إجراءاتهم لم تنطبق على الجميع، وفقاً لعدد من قاطني العاصمة.
وكشفت مصادر صوت العاصمة في وقت سابق، أن الحواجز العسكرية والأمنية المتمركزة في محيط مدن وبلدات الغوطة الشرقية، فرضتإتاوات مالية تجاوزت الـ 50 ألف ليرة سورية، على مخالفي قرار حظر التجوال الصادر عن رئاسة حكومة النظام قبل أيام، ضمن خطة الإجراءات الوقائية لمنع تفشي فيروس كورونا، في حين فرضت الحواجز المنتشرة في منطقة المساكن داخل مدينة دوما، على المخالفين داخل أحيائها، مبالغ مالية وصلت إلى 10 آلاف ليرة سورية.
المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير