“ليست مقتصرة على ساحتي الأمويين والمرجة، أو على منطقة المالكي فقط، دمشق أكبر من هذه المناطق، والقرار لم يخصّها دون غيرها”، عبارة افتتح فيها “مروان” أحد أبناء العاصمة دمشق حديثه، أثناء وصف تطبيق قرار حظر التجول الصادر عن رئاسة حكومة النظام قبل أيام، ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا.
كثيرة هي المقاطع المرئية والأخبار التي نشرتها وزارة الداخلية عبر معرفاتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، حول انتشار دورياتها في مناطق متفرقة من العاصمة دمشق، لتطبيق ذلك القرار، لكن الأمر لم يكن كذلك على أرض الواقع، فالعديد من المناطق لم تُبدي أي اكتراث للقرار، وما زال الأهالي فيها يعيشون حياتهم فيها بشكل طبيعي، دون رقيب أو حسيب.
يقول مروان: “ما زالت العشرات من مناطق دمشق وريفها تعيش بشكلها الطبيعي حتى اليوم، دون التزام أحد من قاطنيها بقرارات حظر التجول، أو إغلاق المحال التجارية فيها، بسبب تجاهل الدوريات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية لها، وامتناعهم عن دخولها نظراً لخلفية قاطنيها المعروفة بأنها أبرز التجمعات السكنية لضباط النظام وعناصره في المنطقة، على الرغم من التشديد الكبير في مناطق أخرى تُعتبر الأرقى في العاصمة”.
ويضيف مروان: “محال الخضار والمواد التموينية في العديد من مناطق ريف دمشق، كالصبورة والديماس ونهر عيشة وضاحية الأسد، ما زالت تعمل حتى ساعات متأخرة من الليل، ولا يُغلق أحدهم قبل الساعة التاسعة مساءً، ولا جواب لديهم على مخالفة القرار سوى “دفعنا المعلوم”، وأن الساعة السادسة توقيت باكر”.
وعن أسباب تجاهل تطبيق قرار الحظر في تلك المناطق يقول مروان: “لا يجرؤ أحد من عناصر الأمن والمخابرات على دخولها، وخاصة منطقة المزة 86″، مضيفاً: “المواصلات العامة والسرافيس في منطقة المزة 86 خزان ما زالت تعمل حتى اليوم، وتنقل الركاب من أعلى الجبل إلى أسفله، رغم صدور قرارات رسمية بإيقافها، وما زال الأهالي يعيشون حياتهم ويتنقلون فيها كما كان وضعهم قبل تلك القرارات”.
“أصوات الدراجات النارية تكاد لا تختفي طيلة ساعات الليل في منطقة التضامن جنوبي العاصمة، وسط غياب للعناصر المكلفين من قبل وزارة الداخلية بفرض حظر التجول فيها، لكن التجول ليس للجميع، بل كان كغيره من التجاوزات، حكراً على الـ “مدعومين”. يقول أحد أبناء المنطقة.
آخرٌ من قاطني منطقة الصبورة بريف دمشق، قال لـ “صوت العاصمة” إن عناصر الشرطة يمنعون الأهالي من التجول بشكل نهائي، بالصراخ والشتائم تارة، والتهديد بالاعتقال تارة أخرى، في الوقت الذي تكون فيه المحال التجارية العائدة لعناصر الأمن والمخابرات مفتوحة طيلة ساعات النهار، وحتى وقت متأخر من الليل، فضلاً عن تجول “المدعومين” لإجراء الزيارات وإقامة السهرات والتبضع في مختلف الأوقات”.
عناصر الشرطة والأمن الجنائي، المكلفون بمراقبة تطبيق قرارات حظر التجول، والتعامل مع المخالفين بموجب القانون الصادر، اعتقلوا قرابة الـ 500 شخصاً في العاصمة دمشق وحدها، خلال أول يومين من إصدار القرار، فيما اعترفت وزارة الداخلية بتوقيف 135 شخصاً منهم، لكن إجراءاتهم لم تنطبق على الجميع، وفقاً لعدد من قاطني العاصمة.
وبيَّن الأهالي أن معظم الاعتقالات التي جرت للمخالفين منذ إصدار قرار حظر التجول، كانت لأشخاص عائدين من عملهم اليومي، الذي يعجز الجميع عن التوقف عنه، كونه مصدر الرزق الوحيد، ولا بد من متابعته لتأمين احتياجات عائلاتهم اليومية.
وأضاف الأهالي أن عناصر الشرطة أوقفوا المخالفين مدة يومين في سجون مراكز الشرطة، وأُعفي عن بعضهم بعد دفع رشاوى وصلت لدى بعضهم لـ 50 ألف ليرة سورية، في حين أُحيل قسم آخر للقضاء.
وكشفت مصادر صوت العاصمة في وقت سابق، أن الحواجز العسكرية والأمنية المتمركزة في محيط مدن وبلدات الغوطة الشرقية، فرضت إتاوات مالية تجاوزت الـ 50 ألف ليرة سورية، على مخالفي قرار حظر التجوال الصادر عن رئاسة حكومة النظام قبل أيام، ضمن خطة الإجراءات الوقائية لمنع تفشي فيروس كورونا، في حين فرضت الحواجز المنتشرة في منطقة المساكن داخل مدينة دوما، على المخالفين داخل أحيائها، مبالغ مالية وصلت إلى 10 آلاف ليرة سورية.
المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير