انتشرت ظاهرة “نبّاشات” القمامة في مكبات دمشق وريفها في الآونة الأخيرة، ليتشاركن المهنة مع الرجال نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية بحسب ما رصد موقع أثر برس.
ونقل الموقع عن السيدة “جهينة” البالغة من العمر 35 سنة والنازحة من محافظة الحسكة إنّها ورفيقاتها يبحثن في الحاويات ومكبات القمامة في محيط دمشق عن نفايات قابلة للتدوير، حيث يقمن بفرز كل صنف على حدة وتعبئته في أكياس بلاستيكية كبيرة ثمّ حملها على رؤوسهن إلى حيث التاجر القريب من مكان الفرز.
وتضيف جهينة، القاطنة في منزل على العظم على أطراف جرمانا، أنّ الظروف حرمتها من إتمام دراستها الجامعية، بعدما كانت تدرس الأدب العربي في جامعة دير الزور، لكنّ وفاة زوجها وتحمّلها مسؤولية أطفالها الثلاثة دفعها للعمل لمساعدة إخوتها الشباب في تأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة.
ورفضت السيدة الاتهامات التي توجّه للعاملين في نبش القمامة على أنّهم ينتمون لما يسمى مجتمع الجريمة ويدارون من قبل المافيا مؤكدة أنّ من يضطر للعمل في هذه المهنة لا يمكن إلّا أن يكون فقيراً دفعته الحاجة للبحث عما يسد رمقه أو عن شيء يمكن حرقه في المدفئة.
وقالت “أم جابر” وهي سيدة خمسينية لم تمكن من الحصول على عمل بسبب كبر سنّها، إنّها تعمل في جمع القمامة بمنطقة بعيدة عن مقر إقامتها كي لا يعرف أحد من سكّان الحي عن عملها شيئاً، خشية أن تتضرر سمعة بناتها اللواتي يدرسن في الجامعة.
وبحسب ” أم جابر” فإنّ ما تجنيه خلال يوم عمل كامل يتراوح بين 15 ألف و35 ألف ليرة مضيفة أنّ مجمل ما تحصل عليه خلال الشهر بالكاد يكفي لدفع إيجار المنزل ودفع نفقات الدراسة لبناتها اللواتي تحلم أن يحملن عنها أعباء المنزل بعد تخرجهن.
من جانبها تقول “أم يوسف” إنّها تعمل في جمع النفايات وفرزها لمساعدة زوجها عامل النظافة في إحدى بلديات ريف دمشق، في دفع نفقات المنزل والعائلة، حيث إنّ الراتب وحده لا يفي بالغرض، وتشير أم يوسف إلى أنّ أكثر ما يزعجها خلال عملها هو نظرات أقرانها من النسوة خلال نبشها لحاويات القمامة، حيث تشعر بأنها قادمة من المريخ وليست امرأة مثلهن بحسب تعبيرها، وتضيف: “الفرق بيننا هو الملابس النظيفة التي ما زلن يقدرن على ارتدائها في كل وقت بينما أنا الحاجة دفعتني للعمل في جمع القمامة”.
ويجرّم القانون السوري العمل في نبش الحاويات ومكبات القمامة حيث درست حكومة النظام خلال العام الماضي تشديد العقوبة وزيادة الغرامة المالية على “النبّاشين” الذين ازداد عددهم كثيراً وغالبيتهم من القاصرين.
ودفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة عشرات النسوة للبحث في المسطحات العشبية وعلى أطراف الطرقات عن نباتات قابلة للاستهلاك البشري لتقديمها على موائد الطعام أو بيعها في الأسواق المحلية.
ونتيجة تردي الوضع المعيشي والتدهور المتسارع في قيمة الليرة السورية وارتفاع الأسعار، فقد لجأت الكثير من النساء السوريات لخيارات صعبة تساعد في الحد من نفقات منازلهنّ في ظل تلك الأزمات، كإعادة تدوير الألبسة القديمة، وتجهيز مؤونة المنزل في فترات انخفاض سعر السلع تحديداً الخضروات.
وقالت وكالة “أسوشيتد برس” يوم الخميس 5 كانون الثاني الجاري إن “الحياة في دمشق وصلت إلى طريق مسدود، وكلفة الطعام والضروريات الأخرى ارتفعت بشكل كبير”، بعدما وصل الاقتصاد السوري إلى أدنى مستوياته منذ 11 عاما، مع تصاعد التضخم وهبوط قيمة الليرة السورية، وتوسع أزمة الوقود والمواد الأولية في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.