كشف تحقيق استقصائي أعده موقع “سراج” وتُشر عبر موقع “درج”، أن شركة الطيران “أجنحة الشام” السورية أعادت هيكلة نفسها باسم جديد وملّاك إماراتيين ظاهريين للالتفاف على العقوبات الأميركية والأوروبية، دون أن يتغير الكيان القانوني للشركة فعلياً.
وفي وقت سابق، أُعلن عن إطلاق شركة الطيران “فلاي شام” FLYCHAM، باعتبارها استثماراً مشتركاً بين شركتين، إحداهما إماراتية والأخرى سورية، مملوكتين لرجل أعمال إماراتي.
ولكن ما بدا كخطوة استثمارية جديدة، اتضح أنه إعادة تموضع قانوني وتجاري لشركة “أجنحة الشام” السورية المدرجة على قوائم العقوبات الغربية منذ سنوات، وفق ما كشفه التحقيق.
واتضح أن “فلاي شام” لم تكن سوى امتداد مباشر لـ”أجنحة الشام”، حيث لم يتم إلغاء السجل التجاري القديم للشركة، بل احتُفظ به كما هو، برقم 14683 وتاريخ التأسيس نفسه في عام 2006، مع تغيير في الاسم والمُلاك فقط.
وبحسب المحامي المختص بالقانون التجاري منذر عبد الهادي، فإن بقاء رقم السجل يعني أن الكيان القانوني للشركة لم يتغير: “الاسم تغير، لكن الهوية القانونية باقية، مما يعني بقاء آثار العقوبات القانونية سارية”.
وتم نقل حصص محمد عصام بن محمد أنور شموط ومحمد نور بن محمد أنور شموط، مؤسسي “أجنحة الشام”، إلى شركتي “روضة الريف” الإماراتية والسورية عبر عقود بيع وقرارات قضائية صادرة عن محاكم سورية. غير أن العملية شابها العديد من التناقضات، منها ظهور شركة ثالثة “السورية للاستشارات التجارية” كمشتري مؤقت قبل اختفائها من الحكم القضائي النهائي، ما يشير إلى احتمال استخدامها كـ”واجهة مؤقتة” لتفادي القيود القانونية.
ورغم التغيير الشكلي في الاسم والملكية، بقيت كل عمليات الشركة كما هي. الطائرات، الطواقم، وحتى بعض المسؤولين التنفيذيين انتقلوا من “أجنحة الشام” إلى “فلاي شام”، مع الحفاظ على رموز تسجيل الطائرات السابقة (YK-BAA، YK-BAE، YK-BAG، YK-BAC). بعض هذه الطائرات كانت أُدرجت ضمن عقوبات، ما يهدد بعزل “فلاي شام” من خدمات الدعم والصيانة الدولية.
وتكشف سجلات التتبع الملاحي وبيانات مواقع مراقبة الطيران أن “أجنحة الشام” حصلت على طائرات إيرباص جديدة رغم العقوبات، عبر شركات غامضة في قيرغيزستان وغامبيا (مثل Queens Air وMagic Air)، قبل تسجيلها في دمشق. أحد الطائرات انتقلت من الشارقة إلى مينسك، ثم إلى دمشق، قبل تسجيلها رسمياً باسم “فلاي شام”.
ورفضت وزارة الاقتصاد السورية الرد على أسئلة فريق التحقيق. فيما اكتفت هيئة الطيران المدني بالقول إن دورها “يقتصر على تعديل رخصة التشغيل بناءً على تغيير السجل التجاري”.
ومن جهتها أكدت شركة “فلاي شام”، أنها شركة جديدة كلياً، وأن عملية التملك تمت بشكل قانوني كامل وتحت إشراف الجهات الرسمية، وأنها “غير معنية بأي ملفات سابقة أو عقوبات طالت الشركة القديمة”.
ويرى خبراء قانونيون واقتصاديون أن ما حدث يمثل نموذجاً مكرراً لأساليب التحايل على العقوبات، عبر إعادة تدوير الشركات القديمة تحت أسماء جديدة، مع شركاء “أنظف” قانونياً، لتأمين استمرار التشغيل في بيئة متغيرة سياسياً. وهو ما يؤكده الباحث أيمن الدسوقي الذي وصف الأمر بأنه “تكتيك لإعادة التموضع داخل السوق من دون تغيير فعلي في بنية المصالح أو الشبكات الاقتصادية”.