في إطار احتجاجها على سياسة المصرف المركزي، امتنعت شركات ومكاتب الصرافة المرخصة في دمشق، الخميس، عن بيع العملات الأجنبية، من دون توضيح الأسباب.
وشراء الدولار غير متاح للسوري، رسمياً، إلا في حالات خمس؛ رسوم الدراسة في الخارج، ونفقات معيشة الطالب، ونفقات العلاج الخارجية، إعانات الأهل والأقارب، والاشتراك بالصحف والمجلات الأجنبية.
ومع أن امتناع الشركات عن بيع الدولار لا يشكل فارقاً كبيراً لكون المبالغ المطلوبة للحالات الخمس ضئيلة، غير أن آثار الخطوة ودلالاتها المعنوية أكثر أهمية، قد ينعكس بانخفاض اضافي على قيمة الليرة السورية، وهي بحدود 600 ليرة سورية للدولار الواحد في السوق السوداء.
ويأتي امتناع الشركات والمكاتب عن البيع في ظل رفضهم للشروط المفروضة من المركزي، لجهة استحواذه على كامل العملات الأجنبية الوارد إلى الشركات من الحوالات، واقتصار أرباحهم على الفرق في سعر الصرف الرسمي بين المبيع والشراء. هذا بالإضافة إلى التضييق على شركات الصرافة، عبر الحملات الأمنية المستمرة ومداهمة مكاتبها ومقراتها بحثاً عن عمليات تحويل غير نظامية، أو غير مسجلة.
ويفرض النظام على السوريين في الداخل تسلم حوالاتهم بالليرة السورية وفق السعر الرسمي البالغ 435 ليرة للدولار، كما يفرض على شركات الصرافة تسليم المبالغ الواصلة إليها من الدولار إلى المركزي بسعر 438 ليرة.
وكان الفارق الكبير بين السعرين للمركزي والسوداء، قد دفع غالبية المُحوّليِنَ من الخارج إلى اختيار الشركات غير المرخصة لتحويلاتهم مع وصول الفارق بين السعرين إلى 166 ليرة لكل دولار، ما يعني خسارة ثلث قيمة الحوالة الفعلية في حال استلامها لدى الشركات المرخصة رسمياً. وانعكس ذلك سلباً على شركات الصرافة، مع تراجع الحوالات الواردة عبرها.
ويأتي صراع شركات الصرافة مع المركزي العاجز عن تأمين الدولار الكافي لاحتياجات النظام، بعد صراع مماثل بين التجار والمركزي، لم يحسم بعد، وذلك اثر إعلان النظام عن دراسة مشروع يعود بموجبه للعمل بتعهد القطع. ويعني ذلك إلزام التجار بإدخال قيم منتجاتهم المُصدّرَة بالدولار، وبيعه للمركزي، ما رفضه التجار، وسط تحذيرهم من مغبة هذه الخطوة التي من شأن إقرارها أن يوقف عملية التصدير نهائيا.
وكان النظام قد أعلن الأسبوع الماضي عبر موقع رئاسة الوزراء عن تسديده لمبلغ 440 مليون دولار خلال شهر واحد، منها 240 مليوناً قيمة ثلاث شحنات نفطية، و200 مليون لقاء 600 ألف طن من القمح تم استيرادها. ويفرض ذلك على النظام ضرورة البحث عن مصادر لتأمين الدولار لتغطية احتياجاته المستمرة.
وفي ظل هذه الظروف تبدو خيارات المركزي محدودة جداً، وقد تتمثل برفع قيمة دولار الحوالات إلى سعر مقارب لسعره في السوق السوداء، وهو ما تدعمه أنباء غير رسمية، وردت مساء الخميس، عن توجيه صدر من المركزي لكبرى شركات الصرافة بالبيع بسعر 598 ليرة سورية.
وسواء اعتمد المركزي خيار رفع سعر دولار الحوالات، أو استمر في تجاهله للوضع مع تشديده على الحلول الأمنية، فإن سعر صرف الليرة السورية سيستمر في التدهور على المديين المتوسط والبعيد، وربما القريب أيضا، لأن الأسباب الموجبة لانخفاض القوة الشرائية لليرة، بحسب أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق علي كنعان، قد تدفع بسعر الصرف لأن يصبح بحدود 700 ليرة للدوار الواحد.
المصدر: جريدة المدن