في متجر باسل الساطي للتذكارات والواقع في سوق وسط دمشق، ثمة جوارب رسمت عليها صور كاريكاتورية تستهزئ بالرئيس المخلوع بشار الأسد وعائلته التي كان الجميع يخشاها في زمن من الأزمان، والآن أصبحت تلك الجوارب تباع كما تباع الفطائر.
ويقول الساطي، 31 عاماً، وهو يعرض زوجاً من الجوارب البيضاء ذات الساق الطويلة: “أحببت أن أدخل البهجة على قلوب الناس الذي حرموا من الفرحة لأيام وسنين طويلة.. فكل من يأتي من الخارج يرغب في شراء الجوارب، وبعضهم يحتفظ بها كتذكار، في حين يرتديها آخرون إمعاناً بالسخرية وليلتقطوا صوراً وهم يرتدونها، وهناك فئة من الناس تشتريها فقط لتدوس عليها”.
تعتبر عملية الدوس على صورة شخص ما قمة الإذلال له في العالم العربي، ولهذا فإن هذا النوع من الجوارب يسمح لمرتديه بأن يدوسوا على آل الأسد في أثناء المشي بما أن صورتهم مطبوعة على الجزء السفلي من الجورب
تحولت صور آل الأسد التي كانت رموزاً تشغل كل مكان وتعبر عن القمع، إلى مادة للتندر والسخرية وذلك منذ سقوط بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي على يد قوات ترأسها إسلاميون بعد مرور 14 عاماً تقريباً على الحرب المدمرة التي عصفت بالبلد.
ثمة جوارب يظهر فيها الأسد مرتدياً نظارات شمسية وقد كتب تحتها: “مندوسهم”، في حين هنالك جوارب أخرى يظهر فيها بملامح مبالغ بها بشدة، وتحمل نوعية أخرى من الجوارب صوراً كاريكاتورية لحافظ الأسد الذي حكم سوريا قبل ابنه، وتصوره وهو بسرواله الداخلي وصدره المنفوخ وقد كتب تحتها: “هكذا تنظر الأسود”، في تلاعب واضح باسم عائلة الأسد.
أما ماهر شقيق الأسد، تلك الشخصية التي كانت مرهوبة الجانب في وقت من الأوقات، فقد كتب تحت صورتها: “ملك الكبتاغون”، بعد أن اتهمت حكومات الدول الغربية ماهراً وحاشيته بتحويل سوريا إلى دولة مخدرات، وإغراق الشرق الأوسط بذلك المنشط غير المشروع.
هدية.. ولا أحلى!
يزين متجر الساطي الذي يزخر بأنواع مختلفة من الهدايا، بصور الثورة السورية، وهنالك أيضاً صورة للأسد على الأرض عند مدخل المتجر، وذلك حتى يدوس الناس عليها عند دخولهم وخروجهم.
يعلق الساطي على ذلك بقوله: “إن ذلك نوع آخر من الاحتفال، وهو مخصص لكل السوريين الذين لم يتمكنوا من الاحتفال في ساحة الأمويين بعد سقوط النظام”.
فقد عج ذلك المكان المعروف بدمشق بحشود غفيرة أتت من مختلف أرجاء البلد واحتفلت على مدار أيام بسقوط الأسد، حيث رفع الناس علم الثورة السورية الذي أصبح رسمياً اليوم.
تخبرنا عفاف سبانو، 40 عاماً، والتي عادت إلى وطنها بعد أن سافرت إلى ألمانيا قبل عقد من الزمان، بأنها أتت لتشتري لأصدقائها “جوارب الأسد”، والتي يباع الزوج منها بنحو دولار واحد، وتعلق بأنه لا توجد هدية أفضل ممكن أن تقدمها لهم، وذلك لأنهم: “لا يمكنهم القدوم إلى سوريا للاحتفال بسقوط النظام”.
وتضيف: “اشتريت أكثر من عشرة أزواج إضافية من أجل أصدقائي بعد أن شاركت صورة الجوارب على إنستغرام، إذ لم نكن نجرؤ حتى على تخيل أننا بوسعنا أن نحولهم إلى مادة للسخرية” قبل اليوم.
“الشعب يكرهه”
يخبرنا منتج الجوارب، زياد زعاويط، 29 عاماً، بأن فكرة الجوارب الساخرة من آل الأسد خطرت بباله بعد خلع الحاكم السابق من منصبه وفراره إلى روسيا.
وهكذا بدأ زعاويط بتصنيع عدد ضئيل ثم رفع كمية الإنتاج عندما لاقى المنتج إقبالاً واسعاً وسريعاً من المستهلكين، وعن الأسد يخبرنا زعاويط بأن: “الشعب يكرهه”، ويضيف: “انتقمت منه بعد هروبه بهذه الطريقة” وأضاف بأن الجوارب أصبحت رائجة حتى أن بعض المشترين يدفعون ثمنها مقدماً.
ذكر زعاويط أنه أنتج نحو ألف زوج من تلك الجوارب خلال الأسبوع الأول من السقوط، ومنذ ذلك الحين تضاعف الإنتاج ثلاث مرات، فوصل إلى أكثر من 200 ألف زوج خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
تمت مشاركة صور تلك الجوارب كثيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل إنها استخدمت في برامج تلفزيونية ساخرة، وحتى أقوال الأسد نفسها انقلبت ضده، ومن بينها رفضه مقابلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بما أنه عدوه الذي أصبح مقرباً من السلطات السورية الجديدة.
فقد عرض أردوغان على الأسد أكثر من مرة أن يلتقيا وذلك خلال الفترة التي سبقت سقوطه، وفي آب من عام 2023، اشتهرت مقولة للأسد قال فيها: “لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ لكي نشرب المرطبات يعني مثلاً؟”
واليوم، تحول هذا التصريح إلى موضوع للنكات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولذلك تجده مكتوباً على ملصقات أكشاك الأطعمة والمشروبات، مرفقاً بصور تسخر من الأسد في بعض الأحيان.
المصدر: The Monitor – ترجمة: تلفزيون سوريا