بحث
بحث
مصرف سوريا المركزي - صوت العاصمة

المصرف المركزي يستمر بسياسية حبس السيولة التي تكبل الأسواق

يستمر مصرف سوريا المركزي في تبني سياسية حبس السيولة  في البنوك والتشدد النقدي بهدف مكافحة التضخم الجامح منذ أكثر من شهرين.

ويرى الخبير الاقتصادي جورج خزام، أن سياسة حبس السيولة النقدية بالليرة السورية، وسيلة كانت تُستخدم أيام الاستعمار الاقتصادي والسياسي لمنع سعر صرف الدولار من الارتفاع.

وقال خزام في حديث لموقع “العربي الجديد”، إن مصرف سورية المركزي يتبع هذه السياسة عبر حبس أموال التجار والصناعيين التي كانت مودعة في منصة تمويل المستوردات السابقة للمصرف المركزي قبل إلغائها؛ ما يؤدي إلى تراجع العرض من الليرة السورية.

وأشار  إلى أن حبس أموال التجار والصناعيين في المصرف المركزي؛ أدى إلى إضعافهم وتصفية أعمال العديد من المصانع والشركات والورشات بسبب نقص السيولة النقدية، ما زاد من البطالة والكساد وأدى إلى ركود تضخمي.

وأكد أن إدارة المصرف المركزي لم تتراجع عن هذا الخطأ الجسيم في السياسة النقدية، مضيفاً أن انهيار الإنتاج وتراجع الطلب ومستوى الدخل بشكل عام هو نتيجة حتمية للانخفاض الوهمي لسعر صرف الدولار، الذي حدث بسبب التجفيف المفرط للسيولة بالليرة السورية من قبل الصرافين والمصرف المركزي معاً.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن تجفيف السيولة بالدولار من المركزي حصل من طريق تقييد سحب الأموال بالليرة من المصارف؛ ما اضطر التجار والصناعيين إلى بيع مدخراتهم بالدولار بأقل من تكلفة الشراء وتكبدهم خسائر.

وأكد خزام أنه لا توجد منصة حقيقية لبيع الدولار وشرائه، لمعرفة سعر التوازن الحسابي الحقيقي بين العرض والطلب على الدولار.

وأضاف أن أسوأ ما حدث، أن الصرافين جففوا السيولة النقدية المتداولة بالليرة السورية من خلال بيع الدولار؛ ما أدى إلى انخفاض سعر صرف الدولار إلى حوالى 7 آلاف ليرة في وقت سابق، وكل دولار بيع بسعر 14 ألف ليرة سابقاً استُبدِل بدولارين على سعر صرف 7 آلاف ليرة لتحقيق أرباح بنسبة 100% على حساب انهيار الاقتصاد والصناعة السورية.

وأكد أن سحب فائض السيولة بطريقة علمية يكون بإعطاء الأمان المطلق لإيداع الأموال في المصارف بدلاً من تقييد السحب.

بينما انخفضت التدفقات الجديدة من العملات الأجنبية بسبب فقدان سورية مصدرها الرئيسي للدخل بالعملة الأجنبية، وهو النفط الخام، بعد استيلاء فصائل كردية مسلحة وجماعات أخرى على الحقول النفطية في شرق البلاد.

بالمقابل، لم يكشف المصرف المركزي عن مخزونه من الدولار رسمياً منذ عام 2011، عندما كانت خزينته تحتوي على احتياطي يبلغ نحو 18 مليار دولار.

وفي عام 2016، أصدر البنك الدولي بياناً رسمياً أكد فيه أن مصرف سورية المركزي يملك حجم مخزون احتياطي من القطع الأجنبي يقدر بنحو 700 مليون دولار فقط.

وعلى الرغم من امتناع المصرف المركزي عن إصدار أي بيانات أو تفاصيل عما يملكه من قطع أجنبي أو احتياطي من الذهب، فقد توقع العديد من الاقتصاديين أن مخزون المركزي من الدولار لا يتجاوز الـ 500 مليون دولار خلال عام 2024.

ولكن بعد إطاحة الرئيس المخلوع بشار الأسد، انخفض المخزون إلى النصف تقريباً ليصبح احتياطي العملات الصعبة 200 مليون دولار فقط.

أما بالنسبة إلى مخزون مصرف سورية المركزي الاحتياطي من الذهب، فأكد مجلس الذهب العالمي أن المركزي السوري لا يزال يحتفظ باحتياطه من الذهب حتى يومنا هذا، حيث يقدر احتياطي الذهب لدى المصرف بنحو 25.82 طناً، وهو مستقر منذ عام 2000 حتى عام 2024.

ويقول الخبير الاقتصادي والاستاذ الجامعي حسن حزوري، إن التحولات الجديدة في سورية تسببت في انفتاح سياسي واقتصادي متزايد؛ ما أثر كثيراً بسعر صرف الليرة السورية.

ويوضح أنه رغم أن هذا التحسن يبدو كبيراً، فإنه لم يكن نتيجة لتحسن اقتصادي حقيقي، بل نتيجة سياسة حبس السيولة في المصارف ونقص السيولة المتاحة لدى المواطنين بالليرات السورية.

وأكد حزوري أن المصارف منعت السحب نهائياً في بعض الأحيان، بينما سمحت بسحب محدود لا يتجاوز 500 ألف ليرة يومياً ثم أصبح أسبوعياً.

كما احتُجِزَت أموال التجار والصناعيين في منصة تمويل المستوردات التي تقدر بأكثر من 600 مليون دولار بالليرة السورية، إضافة إلى تأخر صرف الرواتب والأجور؛ ما اضطر قسم كبير من المواطنين إلى بيع مدخراتهم من الدولار، واستغل المضاربون هذا الوضع لتحقيق أرباح كبيرة من خلال التلاعب بسعر الصرف.

وأوضح حزوري أن تحسن الليرة السورية الحالي غير مستدام، لأنه لم يأتِ نتيجة زيادة الإنتاج والتشغيل والتصدير، بل بسبب مضاربات وعوامل نفسية.

وحذر من أن هذا الوضع يحمل أخطاراً عديدة، منها الركود الاقتصادي، حيث يؤدي نقص السيولة إلى تعطيل الأنشطة التجارية والصناعية؛ ما يؤدي إلى تباطؤ في الأسواق وتسريح الموظفين وإغلاق بعض المصانع إذا استمر لفترات طويلة.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن السياسات الحالية تزعزع الثقة بالنظام المصرفي، حيث يضعف ذلك ثقة المودعين والمستثمرين في القطاع المصرفي ويوجههم نحو التعامل النقدي، ما ينعكس سلباً على جميع المستويات.

وفي ما يتعلق بالسياسة النقدية المقبلة في سورية، حذر حزوري من أن التحسن الحالي في الليرة سيكون مؤقتاً إذا استمرت السياسات دون ضخ سيولة كافية؛ ما سيؤدي إلى مزيد من الركود وإغلاق المنشآت وتسريح العمال وزيادة الفقر والبؤس الاجتماعي.

وأكد أنه للحفاظ على النشاط الاقتصادي واستمرارية الإنتاج، يجب التسعير مؤقتاً بعملة مستقرة مثل الدولار، وتنظيم مهنة الصرافة وإلغاء الفوضى القائمة حالياً، ومنع غير المرخصين من ممارسة عملية الصرافة تحت مراقبة المصرف المركزي.

المصدر: العربي الجديد – بتصرف