بحث
بحث
دمشق القديمة - صوت العاصمة

معوقات تمنع أصحاب العقارات في دمشق القديمة من ترميمها

ناقش أعضاء مجلس محافظة دمشق خلال الجلسات الدورية المنعقدة منذ بداية العام الجاري مشاكل تعاني منها مدينة دمشق القديمة كتأخير إصدار تراخيص ترميم الأبنية القديمة ما يعرضها لخطر الانهيار.

وأشار موقع سوريا ريبورت المختص بحقوق السكن والملكية العقارية إلى وجود مديرية خاصة لدمشق القديمة تتبع لمحافظة دمشق وهي بمثابة بلدية حدود صلاحياتها هي المنطقة الواقعة ضمن سور دمشق، والممتدة من قلعة دمشق وسوق الحميدية غرباً وحتى باب شرقي شرقاً. وهذه المنطقة مدرجة في لائحة التراث العالمي منذ العام 1979 التي تصدرها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونيسكو”.

وقالت مديرة مديرية دمشق القديمة أميمة عبود إن لجنة جديدة مؤلفة من ممثلين عن مديرية دمشق القديمة وعن فرع دمشق في نقابة المهندسين وعن مديرية دوائر الخدمات في محافظة دمشق، وهذه اللجنة ستكشف على العقارات القديمة في دمشق القديمة، وستقدر مستوى الخطر عليها وتحدد الآيل منها للسقوط.

ومن الملفت في تشكيل اللجنة الجديدة استبعاد مديرية الآثار وهي الجهة الوحيدة التي تمتلك الخبرات والكوادر القادرة على تحديد الأضرار في المدينة القديمة واقتراح طرق لتلافيها واصلاحها بما لا يسيء لنسيج المدينة القديمة.

ولفت الموقع إلى تناقض في مهام اللجنة الجديدة، إذ أن من مهام البلديات في محافظة دمشق الكشف على الأبنية الآيلة للسقوط وإصدار رخص ترميم عاجلة لها، وبالتالي فإن مديرية دمشق القديمة هي المسؤولة عن الكشف الدوري على العقارات في نطاق عملها واتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة المخاطر عليها، ومنح رخص الترميم، والاشرف على تنفيذها.

وتُعطّلُ محافظة دمشق صلاحيات البلديات ومنها مديرية دمشق القديمة في إصدار رخص الترميم بحسب ما قاله مصدر مطلع من محافظة دمشق.

 وتتشدد محافظة دمشق في منح رخص الترميم لأصحاب العقارات الخاصة في دمشق القديمة “رخصة التدعيم وإعادة البناء الجزئي”، وتبرر ذلك بأن المنطقة أثرية لها معاملة خاصة لجهة الدراسة الانشائية، ونوع وكمية المواد المستخدمة في الترميم.

وتشترط محافطة دمشق وجود صاحب العقار أو ورثته عند طلب رخصة الترميم، وهذا أمر ليس سهلاً لأن دمشق القديمة تشهد خلافات قضائية بين أجيال من الورثة على الإرث والتركات القديمة وكذلك خلافات بين مستأجرين ومؤجرين وفق عقود الإيجار القديمة السكنية والفروغ التجارية الخاضعة للتمديد الحكمي وقد تسببت تلك التعقيدات في وضع إشارات مانعة من التصرف على كثير من عقارات تلك المنطقة القديمة، ما يحول دون الحصول على رخص الترميم.

بوجود كل تلك التعقيدات لا يمكن لأي طرف الحصول على رخصة ترميم نظامية، وللحماية من انهيار العقار على رؤوس ساكنيه يضطر أحياناً قاطنو العقار للقيام بترميمه من دون ترخيص وهو ما تعتبره محافظة دمشق مخالفة بناء بموجب المرسوم التشريعي رقم 40 للعام 2012 الخاص بمخالفات البناء‎‎.

ويخسر أصحاب العقار الحق بالحصول على رخصة ترميم لاحقاً في حال أجروا عمليات ترميم دون ترخيص، إذ يجب في البداية تسوية تلك المخالفة قبل التقدم بطلب رخصة ترميم جديدة.

 ولم تعد محافظة دمشق تقبل بتسوية المخالفات حتى لو كانت واقعة قبل صدور القانون 40 للعام 2012 من دون أي تبرير، إذ يصر محافظ دمشق على أن الحل الوحيد لأي مخالفة بناء هو إزالتها وهدمها ولذا يبدو لافتاً مطالبة أعضاء مجلس المحافظة خلال الاجتماعات الأخيرة، بإعادة العمل بتسوية مخالفات البناء في دمشق القديمة التي يمكن البرهنة على حدوثها قبل صدور المرسوم.

ويجد سكان دمشق القديمة أنفسهم أمام معضلة أخرى لا تقل تعقيداً حتى في حال عدم وجود مشاكل بين الورثة والمستأجرين، لكون المنطقة أثرية وأحياناً تتضارب فيها صلاحيات وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف ووزارة السياحة، مع صلاحيات محافظة دمشق، بخصوص ترميم بعض العقارات.

وفي حال تمكن مالك عقار خاص في منطقة أثرية من الحصول على رخصة ترميم فيجب أن يتم الترميم بإشراف محافظة دمشق ووزارة الثقافة، وإذا كان العقار قائماً على وقف أو مجاوراً لموقع ديني يجب أن تشارك في الإشراف وزارة الأوقاف.

وتضاف وزارة السياحة إلى جانب الجهات المشرفة على أعمال الترميم إذا كان العقار يضم منشأة سياحية، وفي كل الأحوال يتم الترميم على نفقة صاحب العقار وحده ولا تقدّم تلك الجهات الوصائية، أي مساعدة أو دعم مالي، ولا أو ضمانات أو تسهيلات مصرفية لترميم العقارات المتضررة، حتى لو كان العقار آيلاً للسقوط.

تعاني دمشق القديمة بالفعل من تدهور الخدمات وتأخر في ترميم وتأهيل الأبنية القديمة ما يعرض سلامتها الإنشائية للخطر وبعض الأبنية القديمة آيلة للانهيار دون أن تتلقى الترميم المناسب بسبب تعقيدات إصدار رخص الترميم ورخص الترميم لكون المنطقة أثرية فأحياناً تتقاطع فيها صلاحيات وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف مع صلاحيات محافظة دمشق بخصوص ملكية بعض العقارات.

وأشار آخر تقرير صادر عن لجنة التراث العالمي في العام 2023 إلى تأثر المدينة القديمة بالحرائق وغياب إعادة التأهيل بعدها، ولفت وجود أعمال ترميم يمولها صندوق التراث العالمي “اليونسكو” في المدينة القديمة.