قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الإثنين 12 أيار الجاري، إنّ تطبيق الحكومة السورية الجديدة الصارم لمتطلبات التسجيل والعمليات على منظمات الإغاثة يعوق قدرتها على توسيع نطاق عملياتها.
وبحسب تقرير للمنظمة، فإنّه “في عهد حكومة الأسد، سيطرت السلطات بشكل مُحكم على العمليات الإنسانية، ما أجبر المنظمات الدولية غير الحكومية على التنسيق والحصول على الموافقات اللازمة لعملياتها من خلال منظمات تابعة للدولة، وهو نظام سمح بالتلاعب بالمساعدات لأغراض سياسية”.
وأضاف التقرير: “واجهت المنظمات المستقلة التي تسعى إلى الحفاظ على مساحة عمل تستند إلى المبادئ عقبات بيروقراطية شديدة، وقيوداً على الوصول، وتدخلاً حكومياً، ما قوّض قدرتها على العمل بفعالية وحدّ من شراكاتها مع المنظمات الوطنية السورية. ورغم الإطاحة بحكومة الأسد، لا تزال بعض القيود نفسها قائمة أو عززتها السلطات الجديدة”.
من جهته، أوضح نائب مدير الشرق الأوسط في المنظمة، آدم كوغل، أنّ الحكومة السورية الجديدة لديها فرصة لتفكيك الإطار التقييدي الذي عاق العمل الإنساني المستقل لسنوات.
وتابع: “بدلاً من إعادة فرض الممارسات التي تقوّض الحياد والكفاءة، ينبغي للسلطات إعطاء الأولوية لإيصال جميع المساعدات المتاحة إلى المحتاجين”.
وأشار إلى أنّ “الأزمة الإنسانية تستمر في التفاقم، وما لم يُتخذ إجراء فوري لرفع القيود التعسفية، ستزداد معاناة السوريين في جميع أنحاء البلاد”.
وبيّنت “رايتس ووتش” أنّها تحدثت إلى خمسة عمال إغاثة في شباط وآذار 2025، وسلط جميعهم الضوء على إعادة العمل بتعليمات التسجيل السابقة.
وتواصلت المنظمة، في 27 نيسان الفائت، مع وزارة الخارجية السورية، وطلبت تفاصيل حول هذه التدابير وأثرها على العمليات الإنسانية، لكنها لم تحصل على إجابة حتى نشر تقريرها اليوم.
واستعرض التقرير أنّه سابقاً، استخدمت حكومة الأسد النظام نفسه، حيث اشترطت على جميع المنظمات الدولية تقريباً العمل تحت إشراف “الهلال الأحمر السوري” أو “الأمانة السورية للتنمية”، وكلاهما كيان مرتبط بالحكومة ولعبا دوراً محورياً في تنسيق جهود الإغاثة.
ووثّقت المنظمة تعامل أجهزة الأمن عهد النظام المخلوع بانتظام مع الجماعات المدعومة من الحكومة، وكان بإمكانها الوصول إلى قوائم المستفيدين وبرامجها في أي وقت.
وبالتالي، فرض هذا النظام قيوداً شديدة على المنظمات المستقلة، ما حدّ من استقلاليتها التشغيلية وقلل من الشفافية في توزيع المساعدات وسمح للحكومة بالتدخل في جهود الإغاثة الممولة من المانحين.
ووفقاً للتقرير، أجرت حكومة تصريف الأعمال التي حكمت سوريا حتى أداء الحكومة الانتقالية اليمين الدستورية في 29 آذار الفائت، بعض عمليات إعادة الهيكلة لهذه الكيانات الرئيسة، حيث استبدلت خالد حبوباتي الرئيس السابق لـ “الهلال الأحمر”، بمحمد حازم بقلة، الذي كان يشغل منصب مدير الخدمات الطبية التطوعية في المؤسسة نفسها.
وأعادت تسمية “الأمانة السورية للتنمية” إلى “المنظمة السورية للتنمية”، وحلّت مجلس أمنائها، وعينت لجنة لتولي مهامها المالية والإدارية.
وطالبت “هيومن رايتس ووتش” الحكومة السورية بإعطاء الأولوية لإيصال المساعدات الإنسانية بطريقة محايدة وفعالة، من خلال إزالة الأنظمة التقييدية التي تحد من مرونة العمليات وتُقوض المبادئ الإنسانية.