بحث
بحث
انترنت

يوتيوبرز أتراك في دمشق يظهرون سوريا كبلد آمن

مقاطع الفيديو التي ينشرها منشئي المحتوى الأتراك تؤجج خطاب الكراهية العنصري تجاه اللاجئين السوريين في تركيا

توافد العديد من منشئي المحتوى على يوتيوب خلال الأشهر الأخيرة إلى العاصمة دمشق لتصوير مقاطع فيديو من الحياة اليومية والأجواء الليلية وإظهار سوريا على أنها بلد آمن.

وبحسب موقع تلفزيون سوريا فإنّ النظام السوري يستغل المؤثرين اليوتيوبرز الأتراك لإظهار سوريا عموماً ودمشق خصوصاً لا تعاني من أي مشاكل أمنية أو اقتصادية ولغاية أخرى تهدف لتأجيج التوجه العنصري تجاه أكثر من أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا.

وخرج لاعب كرة السلة التركي كمال جان بولات الذي يلعب في نادي الوحدة السوري ويعيش في العاصمة دمشق في عدة فيديوهات تروج إلى فكرة عودة الحياة الطبيعية إلى شوارع المدينة وسافر إلى مدينة حماة السورية وسجل فيديو مع أحد السوريين الذين كانوا يعيشون في مدينة إسطنبول التركية والعائد مؤخراً إلى مناطق سيطرة النظام.

وبدأ ظهور لاعب كرة السلة جان بولات الذي يحترف في نادي الوحدة السوري عبر حساب أنشأه على الإنستغرام تحت عنوان “suriyedebirturkk” ويعني بالعربية “تركي في سوريا” ينشر فيه مقابلات مع سوريين يعيشون في الخارج وعادوا إلى سوريا أو جاؤوا لزيارتها.

ويعمل جان بولات خلال هذه الصفحة بإجراء مقابلات مع سوريين كانوا يعيشون في تركيا وعادوا إلى مناطق النظام إذ يظهر أحد الفيديوهات مقابلة مع سوري عاد إلى سوريا يسأله “جان بولات” عن حبه لرئيس النظام السوري بشار الأسد حيث يجيبه السوري بلغة تركية ضعيفة قائلاً “إيفيت” وتعني “نعم” بالعربية.

وتزامن إنشاء هذا الحساب مع مقابلة أجراها اللاعب جان بولات مع العضو السابق في حزب الجيد التركي İYİ Parti والمناهضة للاجئين السوريين إيلاي إكسوري قبل أن تنتقل إلى حزب الديمقراطية التركي DP الذي يعارض أيضاً وجود اللاجئين السوريين في تركيا.

وحاولت أكسوي إنشاء شبكة ترويجية للنظام السوري خلال السنوات الماضية وذلك بهدف تحريض الشارع التركي على اللاجئين السوريين في تركيا، والذي يمكن أن يخلق ضغطاً على السوريين من جهة، والحكومة التركية من جهة أخرى.

وتصاعدت وتيرة الفيديوهات المنتشرة من داخل سوريا في الآونة الأخيرة وذلك بمشاركة دنيز بستاني الذي يقدم نفسه على أنه محلل سياسي تركي إلا أنه يمتلك علاقات واسعة مع مسؤولين من النظام السوري وعلاقات قوية أيضاً مع أكسوي ورشح نفسه في الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة عن حزب الشعب الجمهوري.

وظهر بستاني إلى جانب جان بولات مع يوتيوبر تركي يدعى فاتح كوباران والذي يمتلك أكثر من 130 ألف متابعة على الإنستغرام واليوتيوب وتحظى فيديوهاته بعشرات الآلاف من المشاهدات وهم يتجولون في النوادي الليلية داخل أحياء العاصمة دمشق القديمة ويلتقطون الصور مع عناصر المخابرات الجوية التابعة للنظام السوري.

وأطلق كوباران سلسلة من مقاطع الفيديو التي بدأها قبل أسبوعين من داخل سورياَ تضمنت مقطعاً مصوراً نشره تحت عنوان “الحياة الليلية في سوريا لن تصدق!” والذي بدأه في أحد الفنادق داخل أحياء دمشق القديمة حيث كان كوباران وجان بولات يستهزئان بأحد العاملين السوريين في الفندق.

وأجرى كوباران برفقة جان بولات جولة في أحياء باب توما وباب شرقي ودخلا محال بيع المشروبات الكحولية للتأكيد على أنه لا وجود للحرب في سوريا وإثبات ذلك عبر إيقاف الأشخاص الموجودين في الحيين المذكورين وسؤالهم “هل يوجد حرب في سوريا؟” وعادةً ما يتلقون الإجابة بكلمة “لا”.

ويبعد حي باب توما وحي باب شرقي عن حي جوبر الدمشقي مسافة 3 كيلو متر وهي مسافة يمكن قطعها بالسيارة خلال مدة أقصاها 9 دقائق وهو الذي تعرض لدمار كبير نتيجة عمليات النظام العسكرية قبل أن يخليه من سكانه البالغ عددهم 300 ألف نسمة بواسطة اتفاق “التسوية” مع فصائل المعارضة بالعام 2018.

في حين يبتعد الحيان المذكوران اللذين غابت عنهما الحرب بحسب كوباران وجان بولات مسافة 14 كيلومتراً عن مطار مزة العسكري والذي شهد عمليات تعذيب وتصفيات واسعة شملت مئات المعتقلين المنحدرين من داريا بشكل رئيس ومن بلدات الغوطة الغربية وريف دمشق الجنوبي والغربي.

وعبّرت الصحفية التركية نيفشين منغو على قناتها على يوتيوب عن انزعاجها مما سمتهم “مجموعة من المؤثرين” الذين يشاركون مقاطع فيديو من سوريا ويصفون الحالة هناك بالجمال والاستقرار وقد استهدفت منغو في تصريحاتها لاعب كرة السلة التركي جان بولات واليوتيوبر كوبران.

وقالت الصحفية “يشارك هؤلاء المؤثرون مقاطع فيديو من سوريا ويدّعون أن كل شيء جميل في دمشق وأنه لا توجد حرب وما إلى ذلك، إن الحرب لا تعني أن كل شيء مدمر، فهناك تدمير اقتصادي يصاحبها يدمر البلدان الحقيقية إذا ذهبت إلى أوكرانيا ستجد الملاهي الليلية في كييف، لذا عندما نرى مقاطع فيديو تظهر اثنين من الديسكو ليس صحيحا أن نقول ‘كل شيء على ما يرام'”.

ورد اللاعب جان بولات على الصحفية التركية بالقول “مقارنة سوريا بهذه الطريقة مع أوكرانيا هي جهل تام فهناك العديد من المدن الآمنة في سوريا التي ندخلها جميعاً ونقوم بتصويرها يمكنكم مشاهدتها على يوتيوب وعلاوة على ذلك، المشكلات الاقتصادية في سوريا ليست مشكلة تركيا يجب على السوريين الذين يأتون كلاجئين أن يعودوا إلى بلادهم عندما تتوفر بيئة آمنة فإذا كنتم تحملون قليلاً من الوطنية فاتركوا هذه الألاعيب”.

ويعيش نحو 8 ملايين لاجئ سوري في كل من الأردن ولبنان وتركيا ظروفاً صعبة على الجانب الاقتصادي والأمني في ظل تصاعد مستمر لدعوات إعادة اللاجئين ومساومة كل من الأردن ولبنان للنظام السوري على تقديم تعهدات أمنية لتسهيل عودة اللاجئين.

وصنفت مجلة إيكونوميست البريطانية قبل أيام العاصمة دمشق كأسوأ مدينة يمكن العيش فيها في العالم للعام الثامن على التوالي إذ يستند المؤشر في تقييم أفضل أو أسوأ عاصمة إلى 30 معياراً منها مدى استقرارها أمنياً وحرية التعبير وخدمات النظام الصحي وقوانين حماية البيئة وأنظمة التعليم والثقافة والبنية التحتية لكل منهم.