بحث
بحث
آلية توزيع الخبز في دمشق
آلية توزيع الخبز في دمشق

آلية توزيع الخبز: استغلال ومحسوبيات حاضرة، والخطة لا تشمل النازحين

مهمة تأمين مادة الخبز يومياً، المعروفة بالمهمة الأكثر مشقة لدى الجميع، ليست جديدة على قاطني العاصمة دمشق وريفها، لكنها باتت أكثر صعوبة بعد القرارات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء ومجالس المحافظتين، ضمن إطار القرارات المُتعلقة بالتصدي لانتشار فيروس كورونا.

آلية توزيع جديدة:

طرحت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قبل أيام، آلية جديدة لتوزيع مادة الخبز، لإنهاء ظاهرة الازدحام في طوابير الانتظار عند الأفران في مختلف مناطق العاصمة وريفها.

الآلية الجديدة نصّت على إيصال الخبز إلى الأحياء في جميع المناطق، عبر معتمدين معينين في كل منها، يتم تعيينهم من خلال بالتوافق مع أعضاء لجان الفرق الحزبية ولجان الأحياء ومخاتيرها، على أن تشمل إنتاج الأفران الحكومية والخاصة.

بمعدل ربطة واحدة للعائلة يومياً، وبغض النظر عن عدد أفرادها، بدأت اللجان المشكلة بتوزيع الخبز على القاطنين بموجب الآلية الجديدة في دمشق، وعبر البطاقة الذكية حصراً، وسط وعود بتوفير الخبز لعدد آخر من العائلات التي لم تستصدر تلك البطاقة مستقبلاً، بحسب الكميات المتوفرة.

البدء بتجربة التوزيع عبر المعتمدين جاء فور تعميم قرارات صادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، وأخرى صادرة عن مجلس محافظة دمشق، على جميع الأفران الحكومية والخاصة، بالتوقف عن بيع الخبز للأهالي بشكل مباشر، منذ الخميس الفائت.

وبموجب القرارات الصادرة، تم إضافة عشر ليرات سورية على سعر الربطة الواحدة، ليصبح ثمنها الرسمي 60 ليرة لدى المعتمدين، وسط أنباء عن دراسة رفع سعرها لـ 75 ليرة في الأيام القليلة القادمة، بحسب مصادر صوت العاصمة.

قرارات رئاسة الحكومة ومحافظة دمشق، تبعها تصريحات لمحافظ ريف دمشق “علاء إبراهيم” صباح اليوم السبت 28 آذار، قال فيها إن المحافظة بدأت اليوم بتطبيق الآلية الجديدة لعمل الأفران العامة والخاصة في المحافظة، وتوزيع الخبز عبر معتمدي الأحياء، متوقعاً العمل بتوزيعها بموجب البطاقة الذكية حصراً الأسبوع القادم، بعد الانتهاء من إحصاء عدد العائلات في كل منطقة.

التوزيع لا يشمل الجميع!

صوت العاصمة التقت بالعديد من سكان العاصمة دمشق، وأعربوا جميعاً عن المشكلات والعقبات التي خلفتها الآلية الجديدة، والتي خلَّفت حرماناً لعدد من العائلات من مادة الخبز بموجب القرارات الجديدة.

ولفتت المصادر أن عدم حصول تلك العائلات على البطاقة الذكية، ووجود أشخاص يعيشون بمفردهم في المنطقة، ولا تتوفر لديهم البطاقات العائلية، كانت إحدى أبرز الأسباب التي تمنعهم من الاستفادة من تلك الآلية، وبالتالي فيترتب عليهم البحث عن الخبز في الأسواق بمبالغ مرتفعة.

سوء التنسيق بين لجان الأحياء ومخاتيرها، إلى جانب عدم معرفتهم بالأعداد الحقيقة للأسر القاطنة في أحيائهم، خلَّف مشكلة أخرى للأهالي، وحرم جزءً منهم من الخبز الموزع عبر المعتمدين، فضلاً عن الفوضى الكبيرة في إدخال وتخريج الخبز من وإلى اللجان المُحددة.

وأكَّدت المصادر أن الآلية الجديدة لم تشمل جميع أحياء العاصمة، وأن عدداً كبيراً منها لم تشهد الموزعين والمعتمدين منذ بدء العمل بموجبها، مشيرةً إلى أنها لم تفي بالغرض التي طُرحت لأجله، في إشارة منها للإجراءات الاحترازية ضد تفشي الفيروس، التي غابت عن الموزعين في الأحياء الأخرى، والتدافع الكبير بين الأهالي أثناء التوزيع.

استغلال للأزمة، والمحسوبيات حاضرة بالتوزيع:

كغيرها من الأزمات التي سرعان ما تتحول لمصدر استغلال للأهالي، تصدَّرت أزمة الخبز السائدة حالياً القائمة، فما أن يغادر الموزعون والمعتمدون بعض أحياء دمشق، كالزاهرة ودف الشوك وركن الدين، حتى يظهر الخبز لدى المحال التجارية والباعة الجوالين فيها، بأسعار تصل لـ 300 ليرة سورية للربطة الواحدة، بحسب الأهالي.

أهالي مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، حالهم كحال الأهالي في دمشق، ولا سيما أن جميع الأفران الحكومية والخاصة في المدينة خارجة عن العمل، باستثناء فرن “كبتولة” الخاص.

عشرات العائلات تعجز عن تأمين الخبز يومياً بعد بدء العمل بالآلية الجديدة، خاصة في ظل النقص الكبير في الكميات الواردة للمعتمدين، ما شكل عبئاً مادياً إضافياً عليهم.

مراسل صوت العاصمة في حرستا، قال إن ظاهرة المحسوبيات والوساطة حضرت بشكل ملحوظ أثناء توزيع الخبز على الأهالي، ومعظم الكميات الواصلة إلى المدينة تذهب لأقارب المعتمدين وأعضاء المجلس البلدي والفرقة الحزبية ومعارفهم.

وأشار المراسل إلى أن العديد من العائلات أُجبرت على شراء الخبز السياحي، التي تجاوزت سعر الربطة الواحدة منه الـ 500 ليرة سورية.

مصدر أهلي في منطقة القطيفة قال لـ “صوت العاصمة” إن قرابة نصف قاطني المنطقة لم يتمكنوا من الحصول على الخبز صباح اليوم، مشيراً إلى أن أكثر من 150 ربطة خبز وُزعت على أقارب ومعارف المعتمدين على مرأى الجميع، في ظل غياب الأجهزة واللجان الرقابية.

المهجرون خارج البرنامج:

عشرات العائلات من النازحين والمهجرين إلى قرى كفير الزيت ودير قانون وسوق وادي بردى في ريف دمشق، حرموا من مخصصاتهم من مادة الخبز، وفقاً للآلية الجديدة المطروحة، وما هي ساعات حتى أعلنت اللجان المسؤولة عن التوزيع، عبر مآذن المساجد في تلك البلدات أن التوزيع مخصص لأهالي البلدات الأصليين فقط.

مراسل صوت العاصمة في وادي بردى، قال إن اللجان المختصة بتوزيع الخبز وفق الآلية الجديدة، أعطت الأولوية لعناصر النظام السوري، والموظفين الحكوميين، ومن ثم أبناء المنطقة الأصليين، معلنة أنها ستقوم بتوزيع ما تبقى من الخبز على النازحين “إن تبقى”.

وأضاف المراسل أن اللجان لم تُلزم العسكريين بالمخصصات المُحددة، وأن معظمهم حصل على ثلاث ربطات أثناء التوزيع، مشيراً إلى أن بعض الباعة توفرت لديهم مادة الخبز بعد انتهاء عمل المعتمدين، وبسعر وصل لـ 500 ليرة سورية للربطة الواحدة.

المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير