ترجمة صوت العاصمة
كتبت صحيفة دير شبيغل الألمانية مقالاً، تضمن ردود فعل اللاجئين السوريين في ألمانيا على القرارات الحكومية الخاصة باللاجئين، وأسباب رفضهم العودة إلى بلادهم.
وتحدثت الصحيفة عن رفض السوريين العودة إلى بلادهم بالرغم من انتهاء تنظيم الدولة الإسلامية وانتهاء الحرب في أجزاء كبيرة من سوريا، خشية الاضطهاد والاعتقال التعسفي الذي ينتظرهم في حال عودتهم، من قبل الأسد أو المعارضة أو غيرها من التنظيمات التي لم تنتهي بعد، وبسبب استقرار معظمهم في وطنهم الجديد ألمانيا.
وتنقل الصحيفة عن أحد اللاجئين السوريين ويدعى “عبد العباسي” انزعاجه من السؤال الذي يطرح عليه حول هل يريد العودة إلى سوريا أم لا، ويقول عباسي البالغ من العمر 25 عاماً إنه دائماً يتم توجيه هذا السؤال له عندما يلتقي بأشخاص جدد أو أصدقاء قدامى، ويتابع أن الناس لا يقصدون السؤال بطريقة خاطئة أرى ببعض الأحيان أنهم على حق، لقد تعبت كثيراً من توجيه نفس السؤال دائماً.
وتتابع الصحيفة عن عباسي: القضية التي حملناها رمتنا على طريق طويل لا ينتهي، افكر دائماً بالأمر واستحضر ذكريات حلب، أنا لاجئ فقط ولن تعود حياتي كما كانت سابقاً، ويتساءل إلى متى سيستمر الناس بالسؤال عن احتمال عودتي إلى سوريا، سنة او خمس سنوات لا اعلم هل سأحصل على الجنسية هنا.
جاء عبد إلى ألمانيا في عام 2013 وهو يتحدث الآن الألمانية بطلاقة ولديه صديقة ألمانية وسيحصل قريباً على شهادة من جامعة ألمانية، وقد أصدر كتاباً عن الحياة في ألمانيا مع صديقه علام فهام، ولديه قناة على اليوتيوب تسمى GermanLifeStyle، ويعمل حالياً على مسرحية ستظهر لأول مرة في المسرح الألماني في غوتنغن في مارس المقبل، وقد مُنح ميدالية الاندماج من قبل الحكومة الألمانية، ومن الصعب عليه فعل أكثر من ذلك حسب قوله.
وتقول الصحيفة أن ألمانيا أصبحت منذ فترة طويلة موطناً لشخص مثل العباسي، وعليه فإن النقاش العام حول إمكانية عودة السوريين الذين يعيشون في المنفى يزداد ارتفاعاً.
وكتبت صحيفة شتوتجارت ناخريختن في افتتاحيتها قبل بضعة أسابيع “اللاجئون ضيوف وليسوا مهاجرين.
وأضافت صحيح أنه في أجزاء كثيرة من سوريا هُزم تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي إلى حد كبير ولم يعد يشكل تهديداً كبيراً , لكن البلاد لا يزال يحكمها الديكتاتور بشار الأسد وهو المسؤول عن مقتل عدد لا يحصى من الناس الأبرياء.
وقالت إن وزراء الداخلية الفيدرالية ووزراء الدولة في ألمانيا اتخذوا قراراً منذ أسبوعين تقريباً بوقف الترحيل إلى سوريا، لكن حتى نهاية العام فقط, وطالبت ولايات بادن فورتمبيرغ و بافاريا و ساكسونيا بأن يخضع الوضع الأمني في سوريا لمراجعة مستمرة, حتى يتسنى لهم تحسين حال ترحيلهم أو على الأقل ترحيل اللاجئين المدانين بجرائم أو أولئك الذين يُعتبرون خطراً على المجتمع الألماني اما غيرهم من اللاجئين فالقرار كان “لا ترحيل”.
وتشير صحيفة دير شبيغل إلى أن بعض الأحكام الصادرة حاليًا عن المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين BAMF تبدو ساخرة قليلا، فعلى سبيل المثال وردت رسالة إلى أحد طالبي اللجوء السوريين الذي جاء إلى ألمانيا بداية عام 2019.
ونصها الآتي: “على الرغم من أن الهجمات الفردية تقع بين الحين والآخر ببعض مناطق سوريا والتي يمكن أن تؤدي أيضاً إلى مقتل مدنيين أبرياء، لكنها لم تعد ترقى إلى مستوى تهديد شامل لجميع المدنيين الذين يعيشون هناك “.
لقد حكمت الوكالة أنه لا يمكن ترحيل مقدم الطلب لكنها لم تمنحه وضع اللاجئ , و سيكون وضعه على الاقل “طالب حقوق او حماية مؤقتة “و لكن لا يستطيع احضار عائلته الى المانيا .
هذا الوضع يثير قلق العديد من السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ عام 2015 والذين تجاوز عددهم رسميا 700 ألف شخص، لقد تحولوا إلى مصدر أخبار على صفحة فيسبوك التي تصدر باللغة العربية من موقع Deutsche Welle باللغة الألمانية و على كل نشرات الأخبار و بات وضعهم يقدم تفصيلياً الى مكتب وزير الداخلية كل فترة .
يخشى البعض أنهم قد يفقدون قريباً تصاريح إقامتهم، ويخشى الآخرون من عدم السماح لهم بإحضار أفراد من أسرهم إلى ألمانيا، معظم السوريين لديهم نظرة مخيبة للآمال عن تواجدهم في المانيا، على الرغم من ذلك جميعهم متفقون أنه لا عودة إلى الوراء ولا رجوع إلى سوريا.
لقد عاد أقل من 1000 سوري طوعاً إلى بلدهم الأصلي العام الماضي وفقاً للشرطة الفيدرالية الألمانية وقياساً لتعدادهم فهو رقم منخفض للغاية.
يعلم عبد عباسي باعتباره طالباً بجامعة ألمانية أنه لن يواجه مشكلة في البقاء في ألمانيا, لكن بعد العمليات الإرهابية الاخيرة ظهرت المواقف الجديدة في ألمانيا تجاه السوريين و أثرت عليهم، و يتلقى عبد رسائل على مواقع التواصل تقول له: عد من حيث أتيت.
ويقول طارق أحمد 38عاماً، لصحيفة دير شبيغل إنه بدأ يلاحظ كيف تغيرت تصورات الساسة الألمان تجاه السوريين، وصل طارق عالم الأثار إلى ألمانيا قادماً من سوريا عام 2015 ويعمل حالياً في جامعة برلين الحرة، ويمتلك طارق صوراً لأطلال المعابد السورية ومواقع التنقيب الملصقة على جدران مكتبه بالإضافة لصور أماكن يفتقدها.
ويضيف: في البداية يبدو أن هناك ما يبرر رغبة الناس في التخلص من اللاجئين المجرمين, لكن أخشى أن تكون هذه هي الخطوة الأولى في عملية ترحيل أطول، لربما تساعد الناس على التعود و التأقلم مع فكرة الترحيل إلى سوريا، وفي مرحلة ما، أولئك الذين ليس لديهم وظائف أو لا يتحدثون الألمانية جيدًا بما فيه الكفاية و هكذا حتى ينخفض العدد .
تنتهي ابحاثي نهاية العام ولا اعلم ماذا افعل، أواجه مشكلة مع نظام الأسد لقد اضطهدني لسنوات ما قبل الحرب، قدمت مشروعاً بحثياً وارسلوني منحة دراسية إلى إيطاليا وبمجرد بقائي في الخارج لفترة أطول من بضعة أشهر مما سمحوا لي، بدأوا بالتضييق علي وخلقوا لي عقبات كثيرة عندما عدت، لقد انتهت حياتي الأكاديمية التي كنت احلم بها في سوريا وانتهت على أيدي النظام فخرجت مع بداية الحرب، واضحون في قرارنا ولطالما بقي الأسد فلن نعود إنه ديكتاتور يقول طارق.
سيصبح طارق أباً خلال أسابيع و يحاول التوصل هو وزوجته لتسمية طفلتهما، الأكيد أنني لن ارتكب خطأً تاريخياً بتسميتها شام ( اسم دمشق العامي ) هذا لن يكون في صالح أي فتاة بألمانيا.
وفشلت الحكومة الألمانية حتى الآن في تحديد وضع المرحلين فالاعتماد الكلي على عناصر الشرطة الفيدرالية و تقاريرهم، أكثر من 240 ألف أجنبي مقرر ترحيلهم من ألمانيا و لم يرحل منهم سوى 75 ألف حتى الآن، و جيع التقارير تشير إلى (نقص وثائق سفر . أشخاص مجهولون ) المادة رقم 60 التي تخص الترحيل معقدة و شائكة و مطاطة لدرجة أن خبراء قانونيين عجزوا عن تفسيرها، و بدأت الشرطة الفيدرالية العمل عام 2017 لوضع قانون جديد ينص على ترحيل الأفراد الذين يضرون بالمصالح العامة للدولة، و رغم ذلك كان التنفيذ على أرض الواقع سيئاً، فالتحالفات الحزبية و الخلافات الحكومية برزت خلال فترات الترحيل و خصوصا عام 2017-2018.
يقول روبرت سيغمولر وهو قاض بالمحكمة الإدارية الاتحادية الألمانية: لا شيء سهل عندما يتعلق الأمر بالترحيل، فعندما يتعلق الأمر بالأجانب الذين ارتكبوا جرائم متعددة والذين يعتبر الكثيرون وجودهم في ألمانيا بمثابة استفزاز لا شيء بسيط.
ويضيف روبرت: يشكل الرجال العنيفون من بلدان الأزمات مثل سوريا وليبيا وغامبيا واليمن عقدة لا حل لها سوى الترحيل فهم حاليا خطر على المجتمع، من بينهم مدمنون على الكحول ومدمني المخدرات، ومنهم من اغتصب مراهقين واغتصب زميله بالسجن، إنهم وقود الخلافات السياسية والنار التي اشتعلت فجأة بين الأحزاب.
ويقول القاضي روبرت: لم يتم التوصل إلى توافق سياسي أو إداري حول عمليات الترحيل في ألمانيا يعتمد مقدار التساهل، الذي يمكن لطالب اللجوء المرفوض الاعتماد عليه على المجموعة السياسية للدولة التي يجدون أنفسهم فيها، هذا الارتباك ينتشر أيضاً في المحاكم، على عكس ما قد يتوقعه المرء لأن المحاكم الإدارية المسؤولة عن اللجوء لا تصدر دائماً أحكاماً متناسقة.
يعتقد بعض القضاة أن ترحيل اللاجئين إلى بلغاريا ( إذا كانت هذه هي أول دولة في الاتحاد الأوروبي وطأتها أقدام اللاجئين ) إنه أمر غير معقول لأن طالبي اللجوء لا يعاملون بشكل صحيح هناك، و ترحيلهم إلى بلادهم كسوريا و غيرها من بلاد الأزمات أيضاً غير صحيح فالحرب لم تنتهي هناك، إنها لعبة حظ مثل اليانصيب و ربما من يشارك يفوز. يقول روبرت.
المصدر: مجلة دير شبيغل الألمانية