بحث
بحث
التكية السليمانية في دمشق - انترنت

المهن التراثية والتقليدية في سوريا مهدّدة بالاندثار

هذه المهن تُعاني من تراجع غير مسبوق مرتبط بظروف الإنتاج والسوق.

سلط تقرير الضوء على واقع المهن التراثية والتقليدية في سويا، في ظل الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 12 عاماً.

وتُعاني هذه المهن من تراجع غير مسبوق مرتبط بظروف الإنتاج والسوق، مما يجعلها اليوم مهدّدة بالاندثار، وفق تقرير للجزيرة نت.

وقال أحد حرفيي دمشقي ومالك سابق لورشة صناعة موزاييك في ريف دمشق، إنّ كفاحه لسنوات للإبقاء على ورشته مشرعة الأبواب تنتج وتبيع ما يكفي لدفع أجور العاملين فيها لم يكن مجدياً.

وأضاف: “حاولت جاهداً الحفاظ على الورشة والعاملين فيها لأطول فترة ممكنة، لكن الغلاء المستمر في أسعار الخشب (المحلي والمستورد) بصورة غير موائمة، والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي وانخفاض الطلب على الموزاييك في السوق المحلية والخارجية، كلها عوامل أجبرتني على تسريح العاملين، ولاحقاً إلى إغلاق الورشة”.

وأرجع سبّب انخفاض الطلب على الموزاييك وغيرها من المشغولات اليدوية والمصنوعات التراثية إلى واقع السوق في الوقت الراهن في ظل غياب السياح، وتراجع الطلب الخارجي على السلعة، وهجرة الوسطاء والتجار وبالتالي انخفاض التصدير، إضافة إلى وجود منافسة غير متكافئة.

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي السوري يونس كريّم أنّ أزمة الحرفيين بدأت منذ عام 2008 بعد تعرّضها لضغوطات كبيرة بحكم تغيّر التوجه الاقتصادي العام في البلاد.

وبحسب كرّيم، فإنّ واقع عمل الحرف التراثية بعد عام 2011 أصبح أعقد وأصعب مع “استمرار اعتماد النظام سياسات اقتصادية واجتماعية تضيّق على أصحاب هذه الحرف، وتستبعد عنهم الدعم، وتستملك أماكن انتشارهم، إلى جانب توقّف المعارض وصعوبة المشاركة بفعاليات خارجية بسبب المواقف السياسية للنظام السوري”.

وبالانتقال إلى الحرف التراثية، ذكر صاحب محل حلويات في منطقة الجزماتية في دمشق أنّ أياماً تنقضي دون أن يبيعوا ما مجموعه كيلو من مختلف الأصناف، ومنذ سنتين أصبح كساد البضائع في المحل ظاهرة مألوفة لهم، ولولا مواسم الأعياد، وبعض المناسبات والأفراح التي تقام هنا وهناك، لكانوا أغلقوا منذ أمد بعيد.

وأضاف: “انخفضت أرباحنا وأرباح معظم محال الحلوانيين في دمشق بنسبة كبيرة منذ بداية الأزمة الاقتصادية في البلاد”.

وأشار إلى أنّ سعر الكيلو من بعض أصناف الحلويات العربية قد تجاوز الـ 400 ألف ليرة مؤخراً، مضيفاً: “وهو ما لا قدرة للسوريين على شرائه، ولذلك أصبحنا نتبع أساليب بيع نعتمد فيها على الكميات القليلة، فنبيع البقلاوة والبلورية والمشكَّل والآسية والمبرومة وغيرها من الأصناف بالأوقية والحبة والحبتين للحفاظ على حركة البيع، وعدم انقطاع الزبائن عن محلنا”.

وعن أسباب توقف حلوانيين في دمشق عن العمل وهجرة كثيرين منهم إلى خارج البلاد، أوضح الحلواني أنّ الأسباب كثيرة تبدأ من الضرائب السنوية الكبيرة غير المنسجمة مع تكاليف التشغيل المرتفعة والأرباح المنخفضة.

وتابع: “يُضاف إليها الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء التجارية والمحروقات اللازمة لتشغيل المحال والمعامل، والزيادة الهائلة بأسعار المواد الأولية، وارتفاع أجور العمال، وعزوف الزبائن عن شراء هذه الحلويات إلا بالمناسبات”.

وأكّد رؤساء كل من الجمعية الحرفية لصناعة البوظة والحلويات والمرطبات الجمعية الحرفية للمحامص والموالح والمكسرات والتوابل والبن واتحاد الحرفيين في دمشق في وقتٍ سابق أنّ ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء أدى لزيادة أسعار أكثر من 650 سلعة ومنتج بنسب متفاوتة.