الحرب والفقر ضاعفا من انتشار وتداعيات الأمراض النسائية

شكّلت الأمراض النسائية وخصيصاً الناجمة عن زواج الفتيات في سن مبكرة إضافة لتأثيرات واقع الحرب في سوريا على غياب الطمث لدى السيدات قبل بلوغهنّ سنّ الـ40 عوامل حدّت من قدرتهن على الإنجاب

وقالت السيدة سلام التي فقدت زوجها في العام 2014 في مدينة دوما إنها تعاني من انقطاع الطمث الباكر، رغم أنها لا تزال في الثلاثينات من عمرها، وأنها لا تعاني من أي أمراض مزمنة.

وأضافت أنّ حالتها نسفت كل آمالها في الزواج مرة أخرى وحرمتها من سماع كلمة “ماما” كونها لم تعد قادرة على الإنجاب، بحسب موقع قاسيون المحلي.

وبيّنت طبيبة الأمراض النسائية نادين الورار أن الحرب أثرت بشكل واضح على متوسط سن انقطاع الطمث للسيدات السوريات، خصوصاً المتواجدات في مناطق الصراع العسكري الأكثر حدّة.

وأشارت إلى أنّ متوسط انقطاع الطمث الطبيعي من 51 – 52 عاماً وهو السن الطبيعي لانقطاع طمث السيدات في منطقة حوض المتوسط، مضيفة أن هناك تزايداً ملحوظاً في عدد المريضات اللواتي يعانين من انقطاع طمث باكر في سورية، وعندما نقول انقطاع طمث باكر فهذا يعني غياب الدورة الشهرية للسيدة قبل بلوغها سن 40 عاماً.

ولفتت إلى برغم عدم وجود دراسات علمية وإحصائيات وأرقام دقيقة عن هذا الأمر لكن المتهم الأول لمسببات انخفاض متوسط سن انقطاع الطمث هو حالة سوء التغذية التي تعرضت لها السيدة في الأماكن التي شهدت صراعاً ومواجهات عسكرية والتي تسببت بنقص الوزن الشديد الذي يلعب دوراً أساسياً في هذا الأمر، وأنّ هناك سبب رئيسي آخر هو التعرض لمواد غير معروفة المصدر كيماوية أو شعاعية تؤثر على عمل المبيضين وبالتالي تسبب قصوراً مبكراً بالمبيض المبكر، كما تؤثر الاضطرابات النفسية التي تعرضت لها السيدات على عمل الغدد الصم في الجسم وخاصة الغدة النخامية، وبالتالي عمل المبيضين.

وأظهرت دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 60 مليون امرأة من الفئة العمرية ما بين 20 – 24 عاماً حول العالم تزوجن قبل بلوغ سن 18 عاماً، وهو ما أكدته طبيبة الأمراض النسائية من خلال مراجعة عيادتها في ريف دمشق من قبل زوجات صغيرات السن.

وتدفع الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المجتمع السوري إلى ازدياد معدل نسبة زواج القاصرات لكثير من الأسباب كالجوع والفقر الذي يعمد فيه رب الأسرة لتزويج ابنته بعمر مبكر لتخفيف تكاليف مصروفها، بحسب الورار.

ويسهم الجهل الاجتماعي وتردي المستوى التثقيفي للأفراد والمصاحب لتأثيرات الحرب المجتمعية أيضاً بجزء كبير من تكريس صحة مفهوم الزواج المبكر، إضافة إلى التسرب الدراسي وعدم تنمية المهارات المهنية للفتيات بسبب تدني المدخول لرب الأسرة الذي يمنعه من التكفل بتكاليف التعليم والتدريب.

ويعرّض الزواج المبكر والسعي إلى إثبات الخصوبة ونقص المعرفة الجنسية والمهارات اللازمة لتنظيم الأسرة واستخدام وسائل منع الحمل لمخاطر الحمل الباكر.

وتشير دراسة أخرى نشرتها منظمة الصحة العالمية تؤكد أن مضاعفات الحمل والولادة المبكرة هي السبب الرئيسي لوفاة النساء بين الفئة العمرية 15 وحتى 19 سنة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

وأوضحت الطبيلة أنّ حمل المراهقات يشكل خطراً على الطفل أيضاً كحالات الإملاص أي موت الجنين بعد 28 أسبوعاً من الحمل، أو قبل الولادة أو أثناءها، كما أن معدلات الولادة قبل اكتمال مدة الحمل وانخفاض الوزن عند الميلاد والاختناق أعلى بين الرضع الذين تلدهم مراهقات، وتزيد كل هذه الحالات من احتمالات وفاة الرضيع أو إصابته بمشكلات صحية في المستقبل.

ومن الممكن أن يؤدي الحمل في سن المراهقة إلى عواقب وخيمة، لاسيما بالنسبة للفتيات غير المتزوجات، فالتخلي عن الدراسة وما ينجم عنه من انخفاض المستوى التعليمي من الأمور التي لا تعيق التطور الشخصي فحسب، بل تحد كذلك من مكاسب المرأة مدى الحياة، وبالتالي، تحد من مساهمتها في النمو الاقتصادي.

تلعب الظروف المعيشية السيئة وما تعكسه من قلة الوارد الغذائي ونوعيته للمرأة الحامل دوراً هاماً في نقص وزن الأم أي نقص كسبها للوزن خلال الحمل، وفقاً لطبيبة الأمراض النسائية.

ويسبب نقص التغذية مشكلات صحية خطيرة للحامل كفقر الدم، وعوز في الحديد الذي تحتاجه بشكل أكبر خلال فترة الحمل أو التعرض لاختلاطات الحمل كالنزوف أثناء الحمل أو انفكاك المشيمة أو الولادة الباكرة أوحالات تهديد الإسقاط ببدايات الحمل أو مشكلات ارتفاع الضغط الشرياني خلال الحمل.

وينعكس سوء تغذية الحامل على الجنين أيضاً ما يؤثر على تروية المشيمة وبالتالي سيسبب نقصاً في وزن الجنين، وقد يسبب أيضاً ولادة باكرة أو قد يسبب حالات إملاص وموت الجنين.

في مرحلة ما بعد الولادة أيضاً من المكن أن يتأثر الطفل بنقص التطور المعرفي ونسبة الذكاء عند حديث الولادة أو نقص الكلس أو نقص الحديد أو نقص في التطور الروحي الحركي عند الطفل.

وتوضح طبيبة الأمراض النسائبة أنّ فترة الإرضاع في مثل هذه الحالات تؤدي إلى سوء الوارد الغذائي للأم والذي يؤدي لاضعاف مناعة الطفل وبالتالي يتأثر الجهاز المناعي ويصبح ضعيفاً ويتعرض بشكل أكبر للأمراض.