بحث
بحث
انترنت

إنشاء مركز تنسيق ميداني مشترك أول مراحل التطبيع التركي مع النظام السوري

النظام السوري أعطى أولوية للتطبيع العربي على التطبيع التركي

أشار بيان صدر عن وزارة الخارجية الروسية عقب الاجتماع إلى أن الوزراء تبادلوا وجهات النظر المختلفة في أجواء إيجابية وأكد على اتفاق الوزراء الأربعة على تكليف نوابهم بإعداد خريطة طريق للمضي في تطوير العلاقات بين أنقرة ودمشق، وبالتنسيق مع وزارات الدفاع وأجهزة الاستخبارات في الدول الأربع.

وعلى الرغم من أن الاجتماع الأخير لم يحقق أي تطورات فعلية في مسار التطبيع إلا أنه شرع الباب لمرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا ونظام الأسد بعد ما يقارب العقد من الخصام والقطيعة والتي كادت أن تصل حد المواجهة العسكرية في أكثر من مرحلة لكن الجانبين فضلا أن تكون المواجهة عبر وكلاء.

ولا يعني بطبيعة الحال أن يكلل المسار بالنجاح الذي تأمله روسيا فالأخيرة تحاول أن تجعل من قوات سوريا الديمقراطية  هاجس العدو المشترك الذي من الممكن أن يجمع الطرفين ضده ويشكل النقطة التوافقية بهدف البناء عليها وإحداث اختراق في استعصاء المشاورات، وفقاً لتقرير نشرته جريدة القدس العربي.

واعترضت مسار التطبيع عراقيل عدة كان أبرزها اشتراط نظام الأسد انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية وتخلي أنقرة عن دعمها لفصائل المعارضة وهذا ما واجه رفضا تركيا تمثل بالمقابل بشروط تركية ربطت بين الانسحاب من الأراضي السورية بحل سياسي سوري يضمن مواجهة مشتركة من النظام والمعارضة ضد المدعومة أمريكيًا من جهة وعدم تخليها عن دعم المعارضة السورية طالما أن نظام الأسد لا يبدي أي رغبة فعلية في خوض أي عملية سياسية تستهدف الحل في سوريا مشيرة في أكثر من مرة إلى القرار الأممي 2254.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو مطلع الأسبوع الماضي قبيل اجتماعه الرباعي إن النظام السوري عاجز عن إدارة المناطق التي يطالب بخروج القوات التركية منها لافتًا إلى أنه في حال انسحاب قوات بلاده من هذه المناطق فإن قوات النظام ستجد نفسها في مواجهة قوات وفصائل المعارضة التي وصفها بالمعتدلة والتي تحظى بشرعية المجتمع الدولي بما في ذلك أمريكا.

وحسب وسائل إعلام تركية فإن اللجان التركية التقنية المسؤولة عن إدارة الملف السوري تواصلت مع أطراف في المعارضة السورية لفهم رؤيتها وتصوراتها لآلية الحل السياسي في سوريا وفق القرارات الأممية ليتم تناول هذه الرؤية في المباحثات الرباعية التي لا حضور فيها لأي جسم سياسي معارض.

والجدير بالذكر أن حكومة العدالة والتنمية حاولت تسريع اللقاءات وتتويجها بلقاء اردوغان مع الأسد واستغلال الملف السوري كورقة انتخابية تسهم في رفع أسهم الرئيس في الانتخابات والذي واجه انتقادات عدة من معارضيه حول طريقة تعاطيه مع الملف السوري وما نتج عن ذلك من تدخل عسكري تركي وقضية اللاجئين السوريين في تركيا وهذا ما يجعل باب التكهن بمصير مسار التطبيع غير ممكن في مرحلة ما بعد الانتخابات التي ستتمخض عن سياسات واقعية من الطرفين السوري والتركي للتعاطي مع ملف العلاقات ومستقبلها والآليات الواجب العمل بها مستقبلاً.

ويعتبر مركز التنسيق الميداني المشترك في سوريا بين الأطراف خطوة مهمة بالنسبة للدبلوماسية التركية في الشأن السوري وهو سيؤدي إلى فتح خط مباشر وساخن عبر لجان تقنية بعيدا عن المفاوضات الأمنية خلف الأبواب بين رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك ورئيس الاستخبارات الوطنية التركية حقان فيدان.

هذا وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في تصريح صحافي له في ولاية قيصري نهاية الأسبوع الماضي، وبعد عودته من اجتماع رباعي في موسكو ضم وزراء دفاع كل من روسيا وإيران وتركيا ونظام الأسد.

وقال أكار: “لدينا فكرة لتعزيز الثقة المتبادلة وإجراء التنسيق الميداني هناك فورًا بدلاً من انتظار اجتماعات الوزراء” آملاً في تنفيذ هذه الإجراءات خلال الفترة القصيرة المقبلة.

ومن شأن مركز التنسيق الميداني المشترك أن يضمن لتركيا التزام نظام الأسد بوقف إطلاق النار في إدلب، وسحب ذريعة مكافحة الإرهاب التي يستخدمها في كل خرق للاتفاق كما يعني المركز استجابة النظام للتطلعات التركية في ضمان دوره ومشاركته في محاربة وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة الذراع العسكري السوري لحزب العمال الكردستاني التركي وتصنفها وحزب الاتحاد الديمقراطي على لوائحها السوداء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع ان يلعب مركز التنسيق الميداني المشترك دوراً في استقرار المنطقة أمنيا وعسكريا، الأمر الذي يشجع على عودة اللاجئين السوريين من تركيا. حسب رؤية أنقرة.

وإن إحداث مركز التنسيق هذا سيفرض مع الوقت تطبيع العلاقات في جزء ما، لكنه سيخفف من تسارع العجلة نحو دمشق وسيجعل جوهر القضية هي قضية القضاء على الوحدات الكردية ويبحث مع النظام السوري سبل حل تلك العقدة.

بدوره النظام سيركز على انسحاب القوات التركية من الشمال السوري ورفع الغطاء عن فصائل المعارضة بتنويعاتها سواء في إدلب أو حلب أو الرقة أو الحسكة.

وعلى خلاف مسار التطبيع التركي مع نظام الأسد، يتقدم مسار التطبيع العربي مع النظام ذاته بوتيرة مرتفعة وصلت لمرحلة إعادة النظام لمقعد سوريا في الجامعة العربية، والحديث عن إعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق والتمثيل الدبلوماسي بين الجانبين.

كما وسبق هذه المراحل اجتماع تشاوري في العاصمة الأردنية عمان ضم وزراء خارجية السعودية والعراق ومصر والأردن ونظام الأسد وعلى الرغم من كون البيان الختامي للقاء لم يشر لأية نتائج فعلية، واقتصر على وصف الأجواء الإيجابية والأخوية إلا أن الاجتماع التشاوري ناقش طريقة تنفيذ خطوات فعلية للحد من تهريب المخدرات، والكبتاغون بشكل خاص من سوريا إلى دول الجوار وهذا ما أكده وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بصراحة مطلقة مع نظيره الأمريكي في اتصال بين الجانبين عقب الاجتماع، وهذا ما يشير لدور أمريكي يمكن وصفه بالمراقب عن قرب لمسار التطبيع العربي مع الأسد، وما يؤكده فعليًا تنفيذ سلاح الجو الأردني لضربات جوية نادرة على مصنع للمخدرات في مدينة درعا الحدودية مع الأردن، وحسب وكالة رويترز نقلا عن مصادر محلية واستخباراتية أردنية قولها إن الأردن نفذ ضربات جوية على منشأة مهجورة لتصنيع المخدرات مرتبطة بإيران في درعا، ما أسفر عن مقتل مهرب كان وراء عمليات شحن كبيرة للمواد المخدرة للأردن.

وحسب مصادر محلية فقد استهدفت طائرات حربية أردنية بغارتين جويتين محافظة درعا جنوب سوريا استهدفت الغارة الأولى معملا لصناعة الكبتاغون في بلدة خراب الشحم بينما استهدفت الغارة الثانية قرية الشعاب جنوب محافظة السويداء ما أسفر عن مقتل مرعي الرمثان أحد أبرز مهربي المخدرات في جنوب سوريا والذي تربطه علاقات وثيقة مع ميليشيا حزب الله اللبناني في المنطقة.

بين التطبيعين يفضل نظام الأسد الانفتاح على الدول العربية كونه يملك دعما إيرانيا ورغبة عربية في تقديم بعض الأموال مقابل وقف تصدير المخدرات إلى الأردن والسعودية.

أما في التطبيع مع تركيا فمن الواضح أنه جاء نتيجة إلحاح روسي كبير كانت تسعى الأخيرة لجمع اردوغان بالأسد على اعتبار ان بوتين يدعم فوز أردوغان في حين تجنب الأسد اللقاء وذهب للرهان على المعارضة ويبقى مصير اللقاء مرهونا بنتائج الانتخابات التركية بعد ساعات قليلة.