بحث
بحث
مقام السيدة زينب جنوب دمشق- صوت العاصمة

الوفود الشيعية اللبنانية تتخلى عن الزيارات “الدينية” للعراق وإيران.. وتكتفي بدمشق

تتضمن المرور بمقام السيدة رقية في بعلبك ومن ثم التوجه نحو مقام السيدة زينب، وتناول وجبة الغذاء بعدها في دمشق بتكلفة لا تتجاوز 15 دولاراً

أدى الانهيار الاقتصادي إلى ضرب كل القطاعات الحيوية في لبنان، لاسيما القطاع السياحي. حيث تخلى معظم اللبنانيين عن الرحلات السياحية والدينيّة بسبب ارتفاع تكاليف السفر. وتأثر أصحاب الحملات الدينية في لبنان لزيارة الأماكن المقدسة في سوريا، العراق، وإيران بالأزمة المالية. فتخلوا عن معظم خدماتهم خلال الرحلة بسبب انخفاض إقبال الزوار. وأجبروا على اعتماد الرحلات البرية لجذب الزوار وتخفيف الأعباء المالية عليهم.

تراجع الإقبال 60 بالمئة
في حديث “المدن” مع صاحب حملة وادي السلام لزيارة الأماكن المقدسة تحرير وهبي،  أكد أن “اللبنانيين تأثروا كثيراً بالوضع الاقتصادي الذي انعكس على الزيارات الدينية بشكل مباشر. فانخفض إقبال الزوار بشكل ملحوظ وتراجع بنسبة 60 في المئة عن السابق. إذ اعتادت الحملة على زيارة الأماكن المقدسة بشكل أسبوعي إلى العراق بلا توقف، وخصوصاً خلال المواسم الدينية: ولادة الأئمة، الأعياد، شهر محرم وغيرها”.

ويضيف: “كنا نحدد يومين في كل أسبوع لزيارة الأماكن المقدسة في سوريا. وتأثر الزوار بمشكلتين أساسيتين: الأولى هي الوضع المعيشي المتردي الذي منعهم من تأمين تكاليف الرحلة الدينية بالدولار. والمشكلة الثانية هي صعوبة الحصول على جواز سفر”.

ويرى وهبي أن “أصحاب الحملات تخلوا عن معظم أرباحهم من الزوار بسبب ارتفاع تكاليف السفر. ففي السابق كانت رحلة العراق لا تتعدى كلفتها 400 أو 500 دولار، فيما اليوم تبدأ تكاليف الرحلة من 500 دولار وتصل إلى 1300 دولار تساوي اليوم بين 15 و40 مليون ليرة. فتأشيرة الدخول إلى العراق ما زالت 51 دولاراً، أما أسعار تذكرة الطيران فتبدأ بـ260 دولاراً وترتفع حتى 320 دولاراً خلال محرم. فيما أسعار الفنادق تبدأ بـ30 دولاراً لليلة الواحدة وتصل إلى 90 دولاراً خلال محرم. وبسبب هذه التكاليف، أجبرت الحملات على رفع أسعارها”.


خيارات بديلة
ولتخفيف الأعباء على الزوار “وضعنا -يقول وهبي- عدة خيارات أمام الزائر. فسابقاً اعتدنا على اختيار أفضل الفنادق. وكنا نحضر معنا شيف لبناني لتحضير الأطعمة والمازة اللبنانية. وذلك لعدم تقديم المأكولات العراقية. كما اعتمدنا على البوفيه المفتوح وتقديم كل أنواع الحلويات والفواكهة والعسل وغيرها. أما اليوم، فجعلنا الزائر يحدد الخدمة التي يريدها. ووضعنا خدمة نصف بوفيه، كتقديم وجبات محددة ومعينة خلال اليوم. أو تقديم المأكولات العراقية التي يقدمها الفندق، أو عدم تقديم المأكولات نهائياً ليتولى الزائر أمره بنفسه. فإما يحضر طعامه بنفسه أو يشتريه من المطاعم هناك. وبهذه الطرق نستطيع تخفيف الأعباء المالية على الزوار.

كذلك يحدد الزائر نوع الفندق الذي يتوجه إليه، حيث تختلف الأسعار بين القريبة من المقامات المقدسة وبين البعيدة عنها. وإلى جانب هذه الخيارات، ما زلنا نجد بعض الأشخاص الذين باتوا يفضلون الذهاب إلى العراق وحدهم. فيشترون تذكرة الطيران وينامون عند معارفهم تهرباً من التكاليف الباهظة.


27 مليون ليرة لزيارة إيران
أما زيارة إيران فارتفعت من 450 دولاراً إلى 750 دولاراً، وتصل في بعض الحملات إلى 900 دولار، خصوصاً خلال ولادة الأئمة والمناسبات الدينية. وذلك بسبب تعدد المناطق التي يجب زيارتها خلال الرحلة. وهذا إضافة إلى اعتماد الطيران الداخلي أو القطار للانتقال من منطقة إلى أخرى. ويحتاج الانتقال من جمكران إلى مشهد أكثر من 12 ساعة في القطار.

كما أن انخفاض العملة الإيرانية وارتفاع الدولار ساهم في ارتفاع التكاليف، حيث تقدر 100 دولار بـ3 ملايين تومان. وتعتبر رحلة إيران رحلة دينية وسياحية معاً، كزيارة أصفهان، جمكران، شمال إيران، قم، والمزارات الدينية، كزيارة السيدة المعصومة والمساجد التاريخية. وأيضاً لتخفيف الأعباء على المسافرين، بات بامكانهم اختيار الأماكن التي يزورونها، كاعتماد الرحلة لزيارة الأماكن المقدسة فقط والتخلي عن الأماكن السياحية، واختيار نوع المنامة والأطعمة التي يفضلونها خلال الرحلة.


سوريا بديلاً
أصبحت زيارة سوريا هي الخيار الأفضل والأسهل. فسابقاً لم تتعدَّ تكاليف الرحلة 25 ألف ليرة لبنانية أما اليوم فباتت 15 دولاراً، أي 450 ألف ليرة من دون احتساب ربح الحملة الذي لا يتعدى 3 دولارات عن كل زائر.

والرحلة تتضمن المرور بمقام السيدة رقية في بعلبك ومن ثم التوجه نحو مقام السيدة زينب، وتناول وجبة الغذاء بعدها في دمشق. وتتضمن الـ15 دولاراً تكلفة النقل فقط، ويتكفل الزائر بدفع تكاليف الطعام وغيرها.

وبات الإقبال ملحوظاً على سوريا بسبب عجز الناس عن زيارة المقامات المقدسة في إيران والعراق، فاكتفوا بزيارة السيدة زينب في سوريا، على اعتبار أنها الرحلة الأدنى تكلفة والأسهل.


نوع الزوار
يقول وهبي أن نوعية الزائرين اختلفت كثيراً عن السابق. فعام 2019 كان أصحاب الدخل المحدود قادرين على السفر بسبب اعتماد معظم الحملات على تقسيط التكاليف خلال أشهر، وذلك لعدم حرمانهم من زيارة العتبات المقدسة. أما اليوم فتخلت الحملات عن التقسيط بسبب تحليق الدولار وعدم استقرار الوضع الاقتصادي.

وانقسم الزائرون إلى نوعين فقط: الأول هو المقتدر مادياً الذي يتقاضى بالدولار أو تصله مبالغ شهرية من مغتربين. والراغب في السفر والحصول على كل الخدمات الممتازة التي تقدمها الحملة. أما النوع الثاني فهم المغتربون الذين يقصدون لبنان لزيارة العتبات المقدسة. أما أصحاب الدخل المحدود أو الفئة المتوسطة فتراجع إقبالهم على الزيارة بنسبة 70 في المئة بسبب صعوبة تأمين هذه التكاليف المرتفعة. وتحولت وجهتهم إلى سوريا تعويضاً عن رحلتي العراق وايران.


السفر براً بين الخطر والتوفير
يرى صاحب حملة الجنات لزيارة العتبات المقدسة مصطفى يونس، أنه اعتمد وسيلة جديدة لجذب الزوار وتخفيف الأعباء المادية عنهم. وهي السفر براً نحو الشام والعراق. وبدأ بهذه الفكرة بعد ارتفاع أسعار تذاكر الطيران. ووجد أن السفر براً أجمل وأقل تكلفة. وحدد تكاليف الزيارة إلى العراق بـ250 دولاراً فقط، على أن يحضر الزائر معه كل أطعمته خلال الرحلة. وهي الحملة الوحيدة التي أمنت السفر براً.

يبدأ الانطلاق من لبنان إلى الشام لزيارة السيدة زينب، وبعدها إلى العراق. وتحتاج الرحلة إلى يومين تقريباً للوصول. لذا، اعتمدت الرحلات على تحديد 10 أو 11 يوماً لبداية الرحلة وانتهائها.

ويضيف يونس: “أنه فور إعلانه عن الرحلات البرية، حجز أكثر من 250 شخصاً رحلاتهم، ولكنهم تراجعوا وترددوا بسبب الخوف من داعش على الطرقات. ووصل العدد إلى 27 شخصاً. ولكن بعد عدة رحلات تشجع قسم كبير منهم، فيما بقي قسم آخر يتردد ولا يحب المخاطرة. ويتوقع يونس أن يصل عدد الزوار في رحلته المقبلة خلال محرم إلى أكثر من 200 شخصاً. أما المشكلة الأساسية التي واجهتهم سابقاً فهي صعوبة الحصول على جواز سفر”.

ورداً على سؤال “المدن” حول خطورة الطرقات نحو العراق بسبب المجموعات المسلحة التي اختطفت مدنيين وقتلتهم سابقاً، أكد أن الحملة آمنة جداً وأنهم لم يتعرضوا لأي مشكلة خلال رحلاتهم.

المصدر: صحيفة المدن