بحث
بحث

أنس الطويل يسعى لمُصالحة سنيّة–شيعية جنوبي دمشق



تشهد بلدات جنوبي دمشق؛ يلدا وببيلا وبيت سحم، انقساماً على مستوى “لجان المُصالحة” وعرابيها، منذ سيطرة النظام على المنطقة بعد أيام على خروج آخر قافلة تهجير لمقاتلي المعارضة والمدنيين غير الراغبين بـ”التسوية” نحو الشمال السوري.

الانقسام الحاصل بين أبرز وجوه “المُصالحة” والفعاليات الشعبية، سبّبه الانتشار الروسي في محيط البلدات الثلاث على نقاط التماس مع المليشيات الشيعية في السيدة زينب ومحيطها. ويسعى شيخا “المصالحة” أنس الطويل، وصالح الخطيب، إلى إبعاد الجانب الروسي عن المنطقة، بحجة أن “الدولة السورية هي الضامن الوحيد لمصالحة ببيلا ويلدا وبيت سحم منذ العام 2014″، في محاولة منهما لإدخال الجانب الإيراني.

الطويل، وهو شيخ سُنّي، كان قد دخل المنطقة للمرة الأولى في 11 أيار/مايو بعد شهور على نفيه من قبل المُعارضة المُسلحة نحو دمشق، واعتقال الخلايا المُسلحة التابعة له. ودخل مع الطويل مُعمم شيعي من السيدة زينب ألقى خطبة في جموع المدنيين حول “وحدة الدم الشيعي-السني” وضرورة نبذ الخلاف الحاصل على مدى السنوات السابقة.

ويسعى التيار الذي يقوده الطويل إلى تشكيل خلايا مُسلحة تحل مكان الشرطة العسكرية الروسية، وسط مطالبات لا تزال غير مُعلنة بخروج الروس من المنطقة، بدعم غير مُباشر من “فرع الدوريات” التابع لـ”الأمن العسكري”. ويعتبر الطويل أحد المقربين من رئيس “فرع الدوريات”، الراعي الرسمي لتنفيذ اتفاق البلدات الأربع في الجنوب الدمشقي، منذ أربع سنوات.

المليشيات الشيعية كانت تُحضّر الشيخ الطويل منذ شهر تقريباً، للقيام بهذا الدور، لنقض “اتفاق المصالحة” بين المعارضة والجانب الروسي، والقاضي بنشر الشرطة العسكرية الروسية ومنع دخول المليشيات الشيعية إلى المنطقة. اجتماعات مكثفة جرت بين الطويل وجماعته وبين رجال دين وعسكريين شيعة في مدينة دمشق، تم الحديث فيها عن ضرورة “إنهاء الفتنة الطائفية” التي زرعها “المُسلحون”، خلال السنوات الماضية، والعودة إلى ما كانت عليه المنطقة؛ “الشيعي يسكن بجانب السني” والطرقات مفتوحة بين البلدات الثلاث والسيدة زينب، من دون أي معوقات”.

وحتى اللحظة، لا تصطف الحاضنة الشعبية جنوبي دمشق مع الطويل والخطيب، إذ لا يُريد الأهالي خروج الروس من المنطقة، ولا عودة العلاقات بين البلدات الثلاث وبلدة السيدة زينب كما كانت، وذلك خوفاً من عمليات انتقامية قد تقوم بها المليشيات الشيعية، ومن تمدد شيعي جديد في المنطقة، وفق ما قاله أحد وُجهاء المنطقة لـ”المدن”.

خروج فصائل المعارضة من جنوبي دمشق، وسيطرة النظام على البلدات الثلاث، والحديث عن التقارب السني- الشيعي، يأتي بالتزامن مع حديث عن نية المليشيات الشيعية توسيع حرم مقام السيدة زينب، بشكل كبير، وبناء أماكن مخصصة لسكن الزوار والحجاج، الذين من المفترض أن تتضاعف أعدادهم في الفترة المقبلة، نتيجة انتهاء العمليات العسكرية في محيط دمشق وتأمين المنطقة بشكل كامل.

وتسعى المليشيات الشيعية إلى توسيع رقعة سيطرتها ودخول البلدات الثلاث، التي يملك الشيعة فيها منازل وأبنية مُخصصة للزوار والحجاج، وكذلك لفتح طريق ببيلا–السيدة زينب لمرور المليشيات والزوار، فضلاً عن محاولة تشييع المنطقة تدريجياً، وبناء نقاط تمركز دينية وعسكرية كما يجري في ريف ديرالزور وريف حلب.

مصدر مقرب من الجانب الروسي، وفي تصريح غير رسمي لـ”المدن”، قال إن الروس على دراية بما يفعله الجانب الإيراني، كما يعرفون جيداً ما تسعى إليه إيران في المنطقة الجنوبية لدمشق منذ زمن بعيد، وهو إنشاء ضاحية على غرار ضاحية بيروت الجنوبية. المصدر الروسي أكد أن ذلك لن يتم، حتى وإن عادت العلاقات بين البلدات الثلاث والسيدة زينب، إذ سيبقى الروس كـ”العصي في العجلات”، وفق تعبيره، أمام حركة التمدد العسكري للمليشيات الشيعية في المنطقة.

وأكد المصدر أن خروج الشرطة العسكرية الروسية مرتبط برغبة الأهالي والفعاليات المدنية، إذ لا مشكلة لدى الجانب الروسي بترك نقاط التماس مع المليشيات الشيعية، بعد اطمئنانهم على عدم تكرار حوادث “الغدر”، كما حصل منذ أيام، حين أقدمت مليشيات السيدة زينب على قنص شاب واستهداف أطراف بيت سحم بقذيفة هاون، تزامناً مع خروج حافلات التهجير نحو الشمال السوري.
المصدر: جريدة المدن

اترك تعليقاً