بحث
بحث
صورة لبشار الأسد على جدار في سوريا ، Thierry Ehrmann

أدلة على طاولة القضاء الفرنسي تدين الأسد بهجمات كيماوية استهدفت الغوطة الشرقية

تضمّنت أسماء ورتب ضباط في أهم القطاعات العسكرية، بالإضافة إلى دور البحوث العلمية، وشهادات ناجين ومنشقين

أعلن “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” عن تقدّمه بوثائق وأدلة جنائية لمحكمة فرنسية تحققّ بالهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية عام 2013، تتضمّن إدانة لرأس النظام السوري بشار الأسد.

وذكر المركز على موقعه الرسمي، أنّ مديره العام المحامي مازن درويش، تقدّم بالأدلة لقضاة التحقيق المكلّفين بالنظر في الشكوى الجنائية التي سبق وقدّمت من قبل مجموعة من الناجين والمركز بدعمٍ من عدّة منظمات.

وبحسب المركز فإنّه “تم تسليم القضاء 491 دليلاً من ضمنها مجموعة كبيرة وحصرية من الصور والتسجيلات المصورة التي توثّق الهجمات الكيماوية”.

كما احتوت الأدلة على “خرائط تحدد بدقة مواقع الهجمات ومواقع سقوط القذائف، والتي تم جمعها وتوثيقها من قبل فريق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا منذ الضربة حيث كان مقره في دوما في ذلك الحين”.

ومن الأدلة، شهادات لـ 61 من الناجين، من بينهم منشقون عن القطعات العسكرية البارزة، والمراكز المسؤولة عن إنتاج وتخزين الغازات السامة.

وهذه ليست المرة التي يتم الحديث فيها عن أدلة تدين الأسد، ففي وقت سابق من العام الماضي قالت مبادرة حقوقية من ضمنها المركز، إنّها تمتلك دليلاً مباشرا على ضلوع الأسد بهجمات الكيماوي، ضمن شكوى رفعت في المحاكم الألمانية.

أهمية الأدلة
ولفت المركز إلى أنّ أهمية الأدلة التي تمّ تسليمها لقاضي التحقيق بعد تدقيق استمر لأربعة أعوام، تكمن في وثائق تتعلّق بسلسلة القيادة العسكرية.

وتحدّد الوثائق “وبدقّة المتورطين في إصدار الأوامر وتنفيذ الهجمات من أعلى السلسلة الهرمية للقيادة المتمثلة برئيس الجمهورية (القائد العام للجيش والقوات المسلحة)، وصولاً إلى أدنى الرتب المتصلة بهذه السلسلة”.

وتضمّنت الوثائق أسماء ورتب 246 ضابطا من الفرقة الرابعة التي يرأسها اللواء ماهر الأسد، و94 ضابط من اللواء 155 صواريخ، بالإضافة إلى 32 ضابط من الحرس الجمهوري.

ووثّق المركز ارتباط مركز البحوث العلمية في الهجوم، مع رسم الهيكلية الخاصة بالقيادة في المركز.

وتم تحديد أسماء ووظائف 418 شخصا من العاملين فيه، من بينهم ضباط وأفراد وإداريين وعاملين، بما في ذلك دور المعهد 540 المسؤول عن تخزين الغازات السامة، بما فيها السارين الذي استخدم بالهجوم، وتدريب العسكريين على تجهيز الرؤوس الحربية فيه.

وقال المركز، إنّه تم التقدم بشكاوى مماثلة في كل من السويد وألمانيا بناءً على مبدأ الولاية القضائية.

ما هو مبدأ الولاية القضائية؟
تعدّ الولاية القضائية واحدة من أدوات أساسية لضمان منع إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب، ومنع وقوع الانتهاكات.

ووسّعت ألمانيا ولايتها القضائية لتشمل “أخطر الجرائم التي تمس المجتمع الدولي ككل”، حتى لو لم ترتكب على أراضيها أو ضد مواطنيها.

وتستخدم بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا والسويد، قوانين الولاية القضائية العالمية للتحقيق في مزاعم جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية والإبادة الجماعية في سوريا والعراق، وفقا لموقع الأمم المتحدة.

مجزرة هزّت العالم
في الساعات الأولى من يوم 21 آب من العام 2013 استفاق العالم على مشاهد من مجزرة الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، والتي ارتكبت بغاز السارين المحرّم دوليا.

وقتل في الهجوم ما لا يقل عن ألف شخص، بينهم أكثر من 400 طفل، قضوا بالغاز المحرّم (السارين) الذي يشل الجهاز التنفسي، ويخنق الضحية، وفقا لمصادر مستقلة استند عليها موقع دويتشه فيلا، في وقت سابق.

ونقل الموقع روايات ناجين من الهجوم، وصفوا المشهد الأول “للمجزرة”، ومشاهد لأناس بدا وأنهم ماتوا في أثناء محاولتهم الهروب من الغاز القاتل.

وقالت ممرضة: “كان الأمر أشبه بيوم القيامة، كما لو كان الناس نملا قُتل برذاذ الحشرات”.

وبعد شهر من وقوع الهجوم الذي “هزّ ضمير العالم” وفقا لتقارير، أكّدت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في تقريرها آنذاك (عام 2013)، أنّ “العينات البيئية والكيميائية والطبية التي جمعناها تقدم دليلاً واضحا ومقنعا على استخدام صواريخ أرض أرض تحتوي على غاز الأعصاب السارين”.

وحينها لم يكن من ضمن ولاية البعثة تحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم.

وينفي النظام ضلوعه بالهجمات الكيماوية، مدافعا عن نفسه بروايات متعددة، منها أن الهجمات الكيماوية تنفّذها الفصائل المسلّحة أو منظمة الدفاع المدني (المعارضين) ضدّ نفسها وضدّ الأهالي في مناطق سيطرتهم، وتارة يتحدّث عن “مسرحيات” مدعيا أنّه لا وجود للسلاح الكيماوي، وأن المجازر هي مشاهد تمثيلية.