منذ أن دخلت “مليشيا النمر” التي يقودها العميد سهيل الحسن، على خط العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية، ووصلت مجموعاتها المقاتلة إلى محيطها، تخوفت مخابرات النظام التي تسيطر على أكثر من 280 حاجزاً في مدينة دمشق من المشاكل المقبلة مع عناصر هذه المليشيا.
وعمد النظام جاهداً إلى تقديم كل ما يحتاجه العناصر على الجبهات القتالية، لمنع دخولهم إلى دمشق، وما يستتبع ذلك من مشاكل على الحواجز العسكرية والأمنية، والتي شهدت خلال الأشهر الأخيرة ضبطاً للمليشيات المقاتلة الموالية للنظام في مدينة دمشق، إلى حد ما.
“دواعش من نوع آخر”، هكذا وصف أحد ضباط المخابرات عناصر “النمر” الذين بدأوا التوجه نحو مدينة دمشق للتجول والترفيه عن أنفسهم بعد كل معركة و”انتصار” جديد لهم على أرض الغوطة.
سيارات من دون لوحات، وسلاح غريب، ولهجات متنوعة، باتت تنتشر في شوارع مدينة دمشق، منذ وصول النمر ومليشياته، وما تخوفت منه أجهزة المخابرات بات أمراً واقعاً. فقد شهدت الحواجز العسكرية، خاصة في الأحياء القريبة من الغوطة الشرقية، إشكاليات كبيرة مع عناصر المليشيا، بعد تذمر العناصر من طريقة تعامل الحواجز معهم، وما يطالهم من تفتيش للسيارات وتدقيق أمني أصبح أكثر وضوحاً في دمشق مع انطلاق معارك الغوطة.
على أحد حواجز فرع “الأمن الداخلي” المعروف باسم “فرع الخطيب” التابع لـ”إدارة المخابرات العامة” أو “أمن دولة”، اعتُقل أربعة عناصر تابعين لـ”النمر”، بأمر من رئيس الفرع، بعدما رفضوا تقديم مهماتهم القتالية وتفتيش السيارة من قبل عناصر الحاجز. أحد عناصر المليشيا اعتدى على أحد عناصر الحاجز، وتدخلت دوريات من الفرع لحل المشكلة، بعد الاتصال بقيادة معركة الغوطة، وتقديم شكوى رسمية حول تصرفات عناصر “النمر” في مدينة دمشق.
وعلى حاجز ساحة الميسات الذي يتبع أيضاً لجهاز “أمن الدولة”، حدثت مشكلة كبيرة بين مرافقي أحد قادة المجموعات التابعة لـ”النمر” وعناصر الحاجز، بسبب ما قيل إنه أفعال “غير منضبطة”، وامتناع عناصر “النمر” عن إبراز هوياتهم العسكرية. وانتهت المشكلة بعد اتصال بـ”القصر الجمهوري”، وطلب “أمن الدولة” منه رسمياً إيجاد حل لهولاء العناصر.
تذمر عناصر “النمر” من تصرفات عناصر الحواجز الأمنية لا يأتي لأنهم يعملون ضمن أبرز المجموعات القتالية التابعة للنظام فحسب، بل بسبب دعمهم الروسي اللامحدود. فمجموعاتهم لم تعد تتبع للنظام نهائياً، فالآمر الناهي لهم هم ضباط روس يشرفون على سير العمليات القتالية في الغوطة الشرقية.
وصدرت خلال الأيام الأخيرة تعليمات واضحة من فروع المخابرات لوضع آلية جديدة للتعامل مع عناصر “النمر” بهدوء وتروٍ والاتصال بالضابط المسؤول عن المجموعات والعناصر التي تأتي إلى دمشق، للتحقق من المعلومات، وتخفيف المشاحنات معهم ريثما تنتهي الأمور والعمليات العسكرية في الغوطة، ويعود هؤلاء العناصر أدراجهم من حيث أتوا.
ولم يتوقف تمدد “النمر” ومجموعاته عند هذا الحد، بل قام بتوسيع دائرة الضباط التابعين له بطلب إلى الروس، بحجة أن عدد الضباط الموجودين في الغوطة غير كافٍ للتعامل العسكري مع المعارضة المسلحة، على أكثر من محور، فتم إدخال عشرات الضباط الجُدد ممن قيل إن لا علاقة لهم بالعمل العسكري في محيط دمشق، وسط مُغريات ودعم لامحدود من الجانب الروسي؛ من سيارات جديدة وحراسة مشددة على منازلهم، وإصدار مهمات باسم مجموعات “النمر” لمرافقيهم وأولادهم، ما زاد من الظواهر التشبيحية في شوارع العاصمة. والجواب جاهز دائماً: “نحن نعمل مع النمر”.
ثقافة “التعفيش” المنتشرة على امتداد سوريا، لم تستثنِ الغوطة الشرقية، فالمجموعات المقاتلة وعلى رأسها مجموعات “النمر” التي اشتهرت بعمليات تعفيش واسعة في البادية السورية وشمال سوريا، بدأت بنقل سيارات تحمل أثاثاً ومواد مسروقة من الأماكن التي سيطر عليها النظام مؤخراً شرقي الغوطة. وامتلأت شوارع دمشق وأزقة جرمانا ودويلعة ومنطقة الكباس بعشرات الأطنان من المسروقات بالتنسيق مع المليشيات العاملة في تلك المناطق، وتم افتتاح مستودعات وأسواق خاصة بالمسروقات القادمة من الغوطة الشرقية، حتى باتت بعض الأزقة في جرمانا ودويلعة لا تستوعب المزيد من المواد المُعفشة.
الأشياء الثمينة كانت من حصة كبار الضباط الذين انتقوا من المواد المعفشة من يحلو لهم ونقلوها إلى أسواق الصبورة والديماس التي تعد مناطق راقية إلى حد ما ليتم بيعها هناك، فضلاً عن نقل كميات كبيرة إلى السيدة زينب وعش الورور وحي التضامن.
ويجري حالياً النظر بوضع مئات السيارات شبه المدمرة والتي بقيت في المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، في الغوطة الشرقية، ليتم التعامل معها لاحقاً بعد عمليات نقل وتجميع، من المفترض أن تحدث غربي دمشق.
المصدر: جريدة المدن الالكترونية.