بحث
بحث
طوابير أمام أفران ابن العميد في دمشق ـ صوت العاصمة

رايتس ووتش: التقاعس الحكومي عن معالجة أزمة الخبز يدفع بملايين السوريين نحو الجوع

تمييز على طوابير الخبز، وقيود رسمية على الرغيف، والحكومة ساهمت في خلق الأزمة

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنّ تقاعس حكومة النظام السوري عن معالجة أزمة الخبز بصورة عادلة وملائمة يدفع بملايين السوريين نحو الجوع، مشيرةً إلى الفساد، وعمليات استهداف الأراضي الزراعية التي أدّت إلى احتراق نحو مليون هكتار منها.

وشدّدت المنظمة في تقريرها الصادر أمس الإثنين 22 آذار على أنّ الحكومة فاقمت الأزمة، إذ سمحت بالتمييز في توزيع الخبز، إلى جانب الفساد والقيود على كمية الخبز المدعوم التي يمكن للناس شراؤها.

وقالت الباحثة في المنظمة سارة كيالي: “يقول المسؤولون السوريون إن ضمان حصول الجميع على ما يكفي من الخبز هو أولوية، لكن أفعالهم تظهر عكس ذلك. الملايين في سوريا يعيشون الجوع، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تقصير الحكومة في معالجة أزمة الخبز التي ساهمت في خلقها”.

تمييز في التوزيع
ونقل التقرير عن سكانٍ وصفهم للتمييز في توزيع الخبز، مشيرين إلى أنّ الطوابير مقسّمة بين “الجيش والأمن (لهم الأولوية)، السكان، و النازحين الذين لهم الأولوية الأدنى”.

وذكر”معهد نيوزلاينز” أنّ “الأجهزة الأمنية السورية تتدخل في توزيع الخبز والقمح، بما يشمل أخذ الخبز من المخابز وبيعه في السوق السوداء”.

ولفت التقرير إلى وجود تمييز طائفي في توزيع الخبز، ساحته المنظمات الإنسانية، بحسب ما ذكرت المنظمة.

ونقلت المنظمة الحقوقية عن موظفي إغاثة وناشطة مجتمعية، أنّ “عددا قليلا فقط من المنظمات المحلية تقدم الخبز، وإن بعضها يوزع على أساس الإثنية، والطائفة، والمنطقة الأصلية للمتلقين”.

قيود على الخبز


ورفعت حكومة النظام سعر الخبز في تشرين الأول الماضي بعدما حدّدت حصّة كل أسرة من المادة بحسب عدد أفرادها، وجعلت العملية عبر البطاقة الذكية، وتلى ذلك طوابير أمام الأفران باتت مشهداً مكرّراً في العاصمة دمشق.

وتحصل العائلة المؤلّفة من شخص أو اثنين على ربطة خبز واحدة، والعائلة المؤلفة من 3 أو 4 أشخاص على ربطتين، والعائلة المؤلفة من 5 أو 6 أشخاص على 3 ربطات، أمّا العائلة المؤلّفة من 7 أشخاص وما فوق فتحصل على 4 ربطات.

وقالت “هيومن رايتس” إن “الحكومة ملزمة بمراجعة القيود على كمية الخبز المدعوم التي يمكن للأسر الحصول عليها حتى لا تجوع، وتقديم دعم إضافي للأسر غير القادرة على تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية”.

وأضافت: “على الحكومة أن تضع حدا لانتهاكات أجهزتها الأمنية، بما فيها تدخلها التمييزي في توزيع الخبز والطحين.

بدورها، أوضحت الباحثة كيالي أنّ “القيود التي تفرضها سياسات الحكومة السورية بمواجهة أزمة الخبز تزيد الأمور سوءا، ما أدى إلى ظهور سوق سوداء تخدم الأغنياء ومن لديهم ́واسطة̀”.

واعتبرت أنّه “على الحكومة السورية ضمان توزيع الخبز بكميات ونوعيات ملائمة على كل من يحتاج إليه في جميع المناطق التي تسيطر عليها”.

أزمة القمح


وتعيش سوريا التي مزّقتها الحرب خلال عقد، أزمةً في مادة القمح، والتي كان إحراق الأراضي بالقصف، وتهجير المزارعين، سببا رئيسياً فيها.

وخسرت سوريا في الفترة الممتدة بين 2010 و2018، ما قدره 943 ألف هكتار من الأراضي المزروعة، بسبب العمليات العسكرية، وتهجير المزارعين، وسوء إدارة موارد الدولة.

وكانت بعض الخسائر في الأراضي “بسبب الضربات الجوية غير القانونية التي شنها التحالف العسكري السوري-الروسي، والتي تصاعدت في 2015 ويرقى بعضها إلى ما يبدو أنها جرائم حرب. لم تقتصر الضربات على تدمير الأراضي الزراعية فحسب، بل دمرت أيضا مخابز عدة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة آنذاك”، وفق دراسة نشرتها “جامعة هومبولت” في 2020.

وقالت المنظمة: “على روسيا أن تزود سوريا بالقمح، بصفتها حليف أساسي لسوريا ولديها مسؤولية مشتركة عن العمليات العسكرية التي ساهمت في الأزمة الجارية”.

وتابعت: “بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن روسيا، بصفتها طرف في النزاع في سوريا، مسؤولة عن تقديم تعويضات عن الانتهاكات التي كانت ضالعة فيها، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض عن الخسائر، والتي قد تشمل إصلاح المخابز وسلاسل التوريد، أو توفير صادرات القمح بالقدر الذي يغطي خسارة الأراضي الزراعية المحترقة/البنية التحتية المدمرة التي كانت روسيا مسؤولة عنها”.