شهدت المنطقة المحاصرة جنوبي العاصمة دمشق، دخول 15 أجنبياً على الأقل خلال الأيام الماضية، على دفعتين، من معبر القدم–عسالي، إحدى نقاط التماس بين المنطقة المُحاصرة ومدينة دمشق، والخاضعة لسيطرة قوات النظام.
الدفعة الأولى كانت وصلت قبل أسبوع تقريباً، وضمّت أربعة أشخاص، بينهم عراقي وتونسي، وجميعهم أمراء وقادة عسكريون في التنظيم. فيما وصلت الدفعة الثانية قبل يومين، وضمت أربعة أطباء مختصين وقادة عسكريين وشرعيين. ومن المتوقع، بحسب مصادر “المدن”، وصول دفعة جديدة خلال الأيام المُقبلة.
وفور وصول الدفعة الأولى، تم تعيين أحدهم، عراقي الجنسية، أميراً للشرعيين، وتعيين مهاجر آخر قائداً عسكرياً، وسط أنباء عن نيّة جديّة لتغيير الأمير الحالي للتنظيم في المنطقة “أبو العز دهمان”، وتعيين أحد المُهاجرين الذين وصلوا إلى المنطقة مؤخراً بدلاً منه.
ويُسيطر تنظيم “داعش” منذ أواخر العام 2014 على أجزاء واسعة من الجنوب الدمشقي، ويبسط سيطرته على أحياء الحجر الأسود والتضامن والعسالي، وأجزاء كبيرة من مخيم اليرموك، وتعتبر جبهاته باردة مع النظام السوري منذ سيطرته على المنطقة، يتخللها قصف وعمليات “انغماسية” بين الحين والآخر.
وزار المهاجرون الأربعة، بعد وصولهم إلى المنطقة، السجون التابعة للتنظيم، ووعدوا بإطلاق سراح أصحاب التُهم الصغيرة خلال أيام قليلة، إضافة لزيارة نقاط التماس على الجبهات مع “تحرير الشام” وقوات النظام وفصائل المعارضة، وأمروا بتعزيز النقاط بالمزيد من العناصر وفتح مستودعات السلاح وحشد بعض القوات على جبهة “هيئة تحرير الشام” التي يحاصرها التنظيم غربي مخيم اليرموك، تحضيراً لعمل عسكري قد يستهدف “الهيئة” في الفترة القادمة.
مصادر “المدن” في المنطقة، أكدت أن الأمراء الأربعة أجروا جولات متكررة في الأسواق الشعبية، والتقوا بعشرات الأهالي وسألوهم عن الأحوال المعيشية والخدمية، ومدى رضاهم عن قيادة التنظيم وسير الأمور في مناطق “الخلافة”، وسط وعود بالتغيير الجذري وعودة المنطقة إلى ما كانت عليه “في عهد ازدهارها” أثناء سيطرة التنظيم على مساحات واسعة في سوريا والعراق.
وبدأ المُهاجرون الأربعة منذ الساعات الأولى لوصولهم، تحضير مشاريع خدمية لـ”عوام المسلمين”، في مناطق سيطرة التنظيم جنوبي دمشق، وأخبروا الناس أنهم سيقومون بتزويج الشبان العزاب، والمتزوجين من الرجال الراغبين بزوجة أخرى، وطلبوا البدء بتسجيل اسماء الراغبين بالزواج، وتقديم اللوائح للقيادة في أسرع وقت، فضلاً عن تفعيل مشاريع الإطعام للفقراء والمحتاجين وذوي قتلى التنظيم في المنطقة، بالإضافة إلى بدء التحضير لتجهيز مشفى ميدانياً تزامناً مع وصول الأطباء الأجانب الأربعة الاختصاصيين إلى المنطقة، وسط حديث عن إنشاء مشفى خاص للنساء في الفترة المقبلة.
وللحد من عمليات الهروب من المنطقة، بعد خروج العشرات إلى درعا وادلب عبر حواجز النظام، أمر المهاجرون الأربعة بتعزيز النقاط العسكرية ونشر قناصين وتسيير دوريات على مدار الساعة، على جميع الطُرقات الواصلة باتجاه حاجز “معمل بردى” الذي يُعد نقطة الخروج الأبرز من المنطقة باتجاه مناطق سيطرة النظام.
القيادة الحالية للتنظيم كانت قد قامت بتسديد كافة المستحقات المترتبة عليها لعناصرها، وكفالة الأيتام وما إلى ذلك، بعد انقطاع مصادر التمويل منذ أكثر من ستة أشهر. ملايين الليرات السورية، مجهولة المصدر، وصلت إلى مناطق سيطرة التنظيم جنوبي دمشق مطلع شباط/فبراير.
مهمة المُهاجرين الجدد لإعادة هيكلة التنظيم والسيطرة على الفوضى التي تعم المنطقة في الوقت الحالي، تأتي نتيجة تدهور الوضع الأمني وخروج العشرات بين قياديي وعناصر التنظيم خارج المنطقة. كما أن من مهامهم إجراء صلح بين الأمراء المتصارعين داخلياً، وسط أنباء شبه مؤكدة عن عودة الأمير السابق للتنظيم عبدالله طيّارة الملقب بـ”أبو صيّاح فرّامة”، وأحد مؤسسيه في الجنوب الدمشقي إلى واجهة الأحداث، وذلك بعد عودة عائلته منذ فترة قريبة إلى مخيم اليرموك قادمين من مكان مجهول. وطيّارة أحد معتقلي صيدنايا سابقاً، وخرج من المنطقة نحو الرقة بصفقة غامضة مع النظام قبل عامين تقريباً.
وكان التنظيم قد شنّ حملة اعتقالات ضخمة طالت عدداً من الأمراء والقياديين والعناصر، الأسبوع الماضي، بتهم تهريب النحاس والأجهزة الالكترونية المسروقة باتجاه مدينة دمشق عبر حاجز القدم–عسالي. كما شن التنظيم حملة طالت خلية تهريب تعمل على نقل الراغبين بالخروج من المنطقة من مخيم اليرموك إلى نقاط التماس مع النظام، فضلاً عن جلد عدد من الشبان في الساحات العامة بتهمة تهريب الدخان، في خطوة تُعتبر ردّ هيبة للتنظيم أمام الناس بعد الفلتان الأمني الذي ضرب المنطقة خلال الأشهر الماضية.
دخول الأمراء المهاجرين إلى المنطقة وإجراء تغييرات جذرية داخل التنظيم بهذه السرعة، قد يتضمن سيناريوهات متوقعة للمنطقة الجنوبية بدمشق بشكل عام، قد يكون هجوم التنظيم لاستئصال “هيئة تحرير الشام” منها هو البداية، كون “الهيئة” هناك هي الأصغر والأقل قوة، ثم سيلي ذلك هجوم التنظيم على فصائل المعارضة المسلحة في البلدات الثلاث المجاورة؛ يلدا، ببيلا، بيت سحم، بهدف توسيع رقعة سيطرة التنظيم. وذلك بدعم وتنسيق كاملين مع النظام، الذي يريد أن يُنهي المنطقة الجنوبية من دون تدخل عسكري مُباشر، حالياً، واستخدام “الدواعش” لتلك العملية التي تهدف الى إنهاء وجود المعارضة في المنطقة.
المصدر: جريدة المدن الالكترونية.