وسط مخاوف كبيرة من انتشار فيروس كورونا بين الأطفال، وبعد عطلة كانت الأطول للطلاب والمدرسين، شارفت المدارس الحكومية والخاصة في العاصمة دمشق وريفها على الانتهاء من الأسبوع الثاني من الدوام المدرسي للعام الجديد.
وزير التربية والتعليم “دارم الطباع” أصدر قراراً بإعادة افتتاح المدارس، والبدء بالعام الدراسي لعام 2020- 2021، ابتداءً من يوم الثالث عشر من أيلول الجاري، رغم التحذيرات المتكررة من ارتفاع معدل الإصابات حال عودة المدارس للعمل من جديد، لا سيما تحذيرات عميد كلية الطب البشري السابق “نبوغ العوا”، التي قابلها “الطباع” بالرفض، مستنداً إلى الإجراءات الاحترازية المفروضة من قبل وزارتي التربية والصحة.
إجراءات احترازية وهمية:
عشرات الآلاف من طلاب محافظتي دمشق وريفها توجهوا إلى مدارسهم التي فتحت أبوابها وفقاً للقرارات الصادرة، وسط حملة إعلامية حكومية، استعرضت فيها الإجراءات الاحترازية التي وعدت بتطبيقها قبيل انطلاق العام الدراسي، وزيارة لوزير التربية وبعض المسؤولين في وزارة التربية ومديرياتها إلى عدد من المدارس الحكومية، لكن سرعان ما عاد الواقع المدرسي إلى ما كان عليه قبل بدء جلسات التصوير.
الإجراءات الاحترازية المتبعة بدأت بالانخفاض التدريجي منذ اليوم الثاني للدوام المدرسي، فعلى الرغم من إعلان وزارة التربية إلغاء الاجتماع الصباحي اليومي، إلا أن الازدحام المعروف في الممرات وباحات المدارس لا يزال قائماً، إضافة لدخول الطلاب وخروجهم العشوائي، والاختلاط الملحوظ في الصفوف المدرسية، الناتج عن الازدحام الطلابي في الصف الواحد في جميع المدارس.
سيدة من قاطنات حي المزة بدمشق، قالت لـ “صوت العاصمة” إنها شهدت الازدحام الطلابي الكبير في الصفوف المدرسية، أثناء زيارة لطفلها ثالث أيام الدوام الرسمي، مؤكدةً أن الإدارة خصّصت مقعداً واحداً لكل ثلاث طلاب.
أبو مازن القاطن في دمشق، رأى أن وزارة التربية غير قادرة على إلزام الأطفال بارتداء الكمامات وقواعد التباعد الاجتماعي، واصفاً البروتوكول الصحي الخاص بالوزارة بـ “غير المنطقي”.
وأضاف أبو مازن في حديثه لـ “صوت العاصمة”: “الوقاية اليوم ملقاة على عاتق الأهالي فقط، وأحدنا لا يعرف ما إن كان أطفالنا سيسجلون ضمن قوائم المصابين الجدد خلال أيام أو أسابيع، أم أنهم سيبقون في عداد المتعافين”، خاتماً: “لا خيار آخر أمامنا، فإما أن نسير خلف القرارات الحكومية، أو أن نمنع أطفالنا من متابعة تعليمهم، وكلاهما أصعب من الآخر”.
الأهالي يمتنعون عن إرسال أطفالهم إلى المدارس:
مئات العائلات فضلت الامتناع عن إرسال أطفالهم إلى المدارس، وأبدت تخوفها الكبير من إصابتهم بفيروس كورونا جراء الاختلاط بالآخرين في مدارسهم، ما أكّدته “أم يحيى” القاطنة في دمشق خلال حديثها لـ “صوت العاصمة”، مشيرةً إلى أنها لم منعت طفلها من متابعة دوامه منذ اليوم الرابع على بدء العام الدراسي، وأن خيار إرساله مؤجل لحين التأكد من عدم انتشار الفيروس في مدارس الأطفال والأحياء المجاورة لها.
تقوم أم يحيى: “شاهدت طفلي يتوسط اثنين من الأطفال في المقعد ذاته، وفي صف يتجاوز عدد الطلاب فيه الـ 35 طالباً، ليعود إلي في اليوم الثالث مرتفع الحرارة، فقررت قطعه عن المدرسة بعد التأكد من أنه مصاب بالزكام ليس إلا”، مضيفةً: “نعلم تماماً عجز الحكومة بتطبيق قواعد السلامة على الطلاب، كما فشلت سابقاً في العديد من الأمور المصيرية”.
إصابات بالفيروس بين الأطفال:
أقرّت مديرية الصحة المدرسية في وزارة التربية، في العشرين من أيلول الجاري، تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا لطالبة في الصف الخامس الابتدائي، في إحدى مدارس العاصمة دمشق.
وقالت مديرة الصحة المدرسية “هتون الطواشي” إن فريق الترصد والتعامل مع مصابي كورونا، أجرى المسحات الطبية اللازمة للكشف عن الإصابة، بعد ظهور أعراض الإصابة على الطفلة، مبيّنة أن النتيجة أكّدت إصابتها بالفيروس.
وادعت الطواشي أن العدوى انتقلت للطفلة من خارج المدرسة، لاسيما أنه يوجد إصابات بين أفراد عائلتها، مشيرةً إلى أن الأعراض ظهرت على شقيقة الطالبة المصابة في الصف ذاته، مشيرةً إلى أن الصحة المدرسية أصدرت قراراً بإغلاق الصف لمدة خمسة أيام، ومراقبة الوضع الصحي للطلاب من قبل فريق الترصد، إضافة لمنح معلمة الصف استراحة منزلية لمراقبة وضعها الصحي.
إقرار الصحة المدرسية بتسجيل إصابة واحدة بفيروس كورونا، لم يكن مختلفاً عن الإعلان الرسمي عن الأعداد الصحيحة للمصابين بالفيروس في سوريا من قبل وزارة الصحة، والتي أثبتت تقارير إعلامية أنها الأرقام الصحية تفوق المُعلن عنه بأضعاف.
مصادر مُطلعة أكّدت لـ “صوت العاصمة” تسجيل أكثر من عشرة إصابات بين الطلاب في مدارس ريف دمشق خلال الأسبوع الأول من الدوام المدرسي.
وأشارت المصادر إلى أن فريق الترصد الوبائي أجرى أكثر من مئة مسحة طبية للطلاب في مختلف مدارس ريف دمشق، والنتائج الصادرة حتى اليوم أكّدت إصابة عشرة أطفال جميعهم في المرحلة الابتدائية، مؤكدةً أن معظم المسحات لم تظهر نتيجتها بعد.
مدارس ريف دمشق تعيش واقعها الأسوأ:
رغم الواقع المتردي في مدارس العاصمة دمشق، إلا أنها كانت الأفضل بالمقارنة مع مدارس ريف دمشق، التي غابت عنها الإجراءات الاحترازية بشكل كامل.
مصادر متعددة في مختلف مدن ريف دمشق الغربي والغوطة الشرقية، أكّدت لـ “صوت العاصمة” إن عمليات التعقيم والنظافة غائبة تماماً عن مدارس مدنهم، لا سيما مدارس مدينتي الكسوة وصحنايا غرب دمشق، والحسينية وجرمانا.
وأضافت المصادر أن معظم الطلاب أجبروا على تنظيف مقاعدهم وصفوفهم بأنفسهم، بمساعدة بعض المدرسين، إضافة لتنظيف الممرات والباحات المدرسية، فضلاً عن الكتب الممزقة والمستهلكة التي وُزعت على الطلاب.
المواصلات خطر آخر على الأطفال:
وسط مظاهر الازدحام المروري في شوارع العاصمة دمشق، لم يخلوا المشهد من ازدحام الأشخاص داخل وسائل النقل العام، لا سيما بين الأطفال مع ساعات الصباح الأولى، وفي فترة الظهيرة، قبل بداية الدوام المدرسي، وعقب انتهائه، دون الاكتراث لأي من قواعد التباعد الاجتماعي.
التدافع بين الأطفال أثناء الخروج من وسائل النقل كان حاضراً في المشهد ذاته أيضاً، ولم يختلف وضع المواصلات هذا العام عن غيره من الأعوام الماضية، التي لم يطرأ عليها أي طابع صحي كهذا العام.
مراسل صوت العاصمة في دمشق، أكّد أن جميع وسائل النقل العام تشهد ازدحاماً كبيراً خلال ساعات الصباح الأولى، خاصة فترة الدوام الحكومي الصباحي، مشيراً إلى أنها عادت لزيادة عدد الركاب “وقوفاً” في معظم سفراتها الصباحية.
تقديرات طبية:
أحد الأطباء العاملين في مشافي دمشق، قال لـ “صوت العاصمة” إن الواقع المتردي الذي تعيشه مدارس دمشق وريفها، سينعكس سلباً على الأطفال وعائلاتهم، متوقعاً ظهور نتائجه خلال الفترة القصيرة القادمة.
ورأى الطبيب أن عشرات الحالات والإصابات ستظهر خلال الفترة القادمة، بعد تسجيل العديد من الإصابات في مدارس دمشق وريفها، مضيفاً: “الأسباب واضحة لمن يريد رؤيتها”.
وبحسب الطبيب فإنه من المتوقع صدور قرار من وزارتي التربية والصحة، يقضي بإغلاق المدارس بشكل نهائي لاحقاً، بعد الكشف عن الأعداد الحقيقية للمصابين، عقب انتهاء فترة احتضان الفيروس.
المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: أحمد عبيد