المدن –
قال مصدر خاص من “لجنة التفاوض” عن المعارضة في القلمون الشرقي، لـ”المدن”، إنهم “متمكسون باتفاق جنيف، وبوقف إطلاق النار الذي يشير إلى روسيا كضامن، على الرغم من عدم دخول المنطقة ضمن اتفاقية خفض التصعيد حتى اللحظة”. وأكد المصدر، أنه “حتى اللحظة لم يتم طرح أي أمر يتعلق بدخول المنطقة في مناطق خفض التصعيد، كون القلمون الشرقي في الأساس منضماً إلى اتفاقية هدنة قديمة”. مضيفاً أن “ما نريده هو اتفاق وقف إطلاق، وفقاً لاتفاق جنيف، لا كما يريد النظام (مصالحة شاملة) تضمن تسليم السلاح وحل الفصائل وأن نكون كعناصر ضمن مليشيات النظام، وهو بعيد بُعد السماء عن الأرض”.
ومع استمرار رفض المعارضة لمقترحات النظام، يحاول الأخير عبر وسائله الاعتيادية، كالحواجز، إعاقة دخول المواد الغذائية والأساسية إلى القلمون الشرقي الذي يحتضن مئات الآلاف من الأهالي والمُهجّرين. هذا، إلى جانب حملات الاعتقالات والاجراءات الاستفزازية التي يتبعها النظام. وتابع المصدر: “على الرغم من كل تلك الممارسات، يعي النظام جيداً أن أي محاولة لفرض ما يطلبه ستكون نتائجها وخيمة بشكل كبير؛ ففصائل القلمون لديها الاستعداد والامكانيات العالية لإشعال جبهة القلمون، وقلب الموازين فيها. وأي عملية لفرض شروط النظام، سنقلب عليها الظروف والموازين، والمنطقة تخدمنا فنحن أبناؤها وقاتلنا فيها لسنوات طويلة”.
وأشار المصدر إلى عدم وجود مبررات لروسيا، أو حتى النظام، بالهجوم على الفصائل العسكرية في القلمون الشرقي “التي أثبتت للعالم خلال أكثر من 3 سنوات جديتها في الحرب ضد تنظيم داعش، وأعطت الأولوية لمحاربة الإرهاب المتطرف”. وأضاف: “لا ننسى ما يقوم به الروس من استعراض عضلات نتيجة الانجازات الأخيرة مع قوات النظام. لكن أي تصعيد في القلمون الشرقي ستكون عاقبته وخيمة على الروس أيضاً”.
“لجنة التفاوض” عن القلمون الشرقي، كانت قد قررت الذهاب إلى دمشق، لمتابعة جلسات التفاوض مع وفدي روسيا والنظام، بعد أن علقت ذلك قبل أيام. وجاء قرار متابعة الملف التفاوضي، بطلب من اللجنة المفوضة من المدنيين، ولتحييد المنطقة من تبعات الحرب، ووقف التضييق على الأهالي من قبل حواجز قوات النظام، والاعتقالات التعسفية التي تمارسها.
واعتبر المفاوض أن الأولوية، حالياً، هي الوصول إلى حلّ يخفف عن المدنيين آثار الحصار والتجويع، نافياً ما يشاع عن احتمال قتال فصائل المعارضة إلى جانب قوات النظام، مؤكداً أن شيئاً من ذلك القبيل لم يُعرض خلال الاجتماعات؛ لا القتال إلى جانب قوات النظام ولا القتال بشكل منفرد تحت رعاية روسية. وأضاف أن النظام يقوم بالضغط من أجل “مصالحة شاملة”، واندماج فصائل المُعارضة ضمن قواته كميلشيات “الدفاع الوطني” و”درع القلمون” و”الشعبية”، لكنه لم يعرض ذلك بشكل مباشر حتى اللحظة، “وهو أمر مرفوض قطعاً بالنسبة لنا”.
ونفت مصادر عسكرية معارضة من فصائل القلمون الشرقي، لـ”المدن”، ما يشاع عن عمليات تهجير للسكان من المنطقة إلى الشمال السوري أو التنف، واعتبرت المصادر أن التهجير القسري مرفوض سياسياً وعسكرياً، وهم لم يخوضوا أي مفاوضات بخصوص ذلك.
وأكد مصدر معارض مفاوض، لـ”المدن”، أن “جبهة النصرة” المتواجدة على شكل مجموعات صغيرة في القلمون الشرقي، كانت قد طلبت من لجنة في مدينة جيرود في القلمون الشرقي إبلاغ النظام والروس نيتها الخروج نحو الشمال السوري، وأن الأمر جارٍ لاخراجهم من المنطقة، و”نحن نؤيد ذلك”. وأضاف المصدر، أن عدد مقاتلي “النصرة” لا يتجاوز 60 عنصراً، من المفترض خروجهم بأسلحتهم الفردية فقط، برفقة عوائلهم. ويقدر عدد الذين سيخرجون بشكل كامل بحدود 170 شخصاً، من دون تحديد موعد زمني حتى اللحظة، وليس لـ”النصرة” دور تفاوضي مباشر.
وتكمن أهمية القلمون الشرقي في كونه نقطة وصل بين الشرق والغرب السوريين، على طريق دمشق-بغداد، وقريب من طريق دمشق-حمص والحدود اللبنانية. وكانت اجتماعات متعددة قد عُقِدَت، منذ إيلول/سبتمبر، بين وفد المعارضة والوفد الروسي. ووقّع ممثل فصائل المعارضة في القلمون الشرقي وممثل عن روسيا، في 5 أيلول/سبتمبر، “اتفاق وقف إطلاق النار في القلمون الشرقي”، يشمل مدن ضمير ورحيبة وجيرود والمنصورة وجبل البترا وجبل المغر في رحيبة.
إلا أن تلك الجلسات كانت تحضيرية لجلسة التفاوض الجديدة التي ستعقد في دمشق، في الأيام المقبلة، والتي ستجمع شخصيات روسية كبيرة إلى جانب شخصيات من النظام، مع الوفد المعارض. مصادر “المدن” اعتبرت أن المعارضة مستعدة لخوض مفاوضات من أجل التهدئة في المنطقة، وضمّها إلى اتفاق “خفض التصعيد”، من دون أن يتحول الأمر إلى “مصالحة” أو تنازل عن المنطقة، أو قبول أي طرح بشأن دخول النظام والاستسلام.
الاجتماع الأخير الذي ضمّ الطرفين، وعُقِدَ قبل أيام، في المحطة الحرارية، جمع “لجنة التفاوض” عن فصائل القلمون الشرقي، ووفداً روسياً بالإضافة لوفد من النظام، وتمت فيه مناقشة “عدم استجابة النظام لأي من المطالب الخاصة بتخفيف الضغط على حواجزه المُحاصِرة للمنطقة، ومعالجة قضية أسماء النساء المطلوبة لدى الأجهزة الآمنية” بحسب مصادر “المدن”. كما نوقش ملف اقتراب تنظيم “داعش” من المنطقة، عقب سيطرته على مدينة القريتين.
وأكد الوفد الروسي أن جميع الطلبات سيتم تنفيذها في حال حضور وفد المعارضة اجتماع دمشق. كما تعهد الجانب الروسي بتحقيق طلب فتح الحواجز، وتسوية أوضاع المطلوبين، في حين تعهدت المعارضة بحضور الاجتماع المقرر في دمشق، من دون تحديد أي موعد له.