ما أن اقترب شهر رمضان المبارك لهذا العام، وقبل بدايته بأيام قليلة، سارع معظم التجار في العاصمة دمشق، لرفع إمساكية رمضانية كُتب عليها “رمضان شهر الرحمة” وتعليقها فوق رؤوسهم، ولم تمر سوى ساعات قليلة على السحور الأول، حتى وضعوا إلى جانب تلك الإمساكيات قوائم جديدة للأسعار، رفعوا بموجبها أسعار معظم المواد الغذائية، متجاهلين الـ “رحمة” المُعلقة فوق رؤوسهم.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية والفواكه والخضراوات مطلع رمضان الجاري، لم يكن كغيره من الأعوام السابقة، كونه الارتفاع الثالث لأسعار تلك المواد منذ منتصف آذار الفائت، حيث شهدت ارتفاعها الأول مع بداية انتشار فيروس كورونا في الدول العربية المجاورة، والثاني مع جاء تزامناً مع الإعلان الرسمي عن أول إصابة بالفيروس، والثالث مع بداية شهر رمضان قبل أيام.
الخضار سجَّلت ارتفاعاً ملحوظاً في أسواق العاصمة دمشق، بلغ فيه سعر الليمون ألفي ليرة سورية، بعد أن كان 800 ليرة، والبندورة ارتفعت من 600 إلى ألف ليرة، والفليفلة من 800 إلى 1200 ليرة سورية، في حين ارتفعت باقي الأنواع بنسبة تُقارب الـ 15% للكيلو غرام الواحد، أُضيفت للارتفاع السابق المُقدر بنسبة 30% لأسعار معظم الخضار في الأسواق.
أسعار الفواكه في الأسواق، شهدت ارتفاعاً كبيراً لجميع أنواعها، بنسبة قُدرت بـ 20%، بلغ خلالها سعر الكيلو غرام الواحد من الفريز سعر 1300 ليرة، والموز 1500 بعد أن كان 900 ليرة سورية قبل رمضان.
اللحوم الحمراء والدجاج لم تخرج من قائمة ارتفاع الأسعار أيضاً، بعد هبوط استمر قرابة الأسبوعين نتيجة انخفاض الطلب عليها، وإغلاق الطاعم ومحال اللحوم خلال الفترة الماضية، ووصل سعر كليو اللحم الضانئ إلى 13 ألف ليرة سورية، والمسوفة 9 آلاف، فيما ارتفع سعر الدجاج إلى 3 آلاف ليرة سورية للشرحات و2700 للفخاذ.
واستقرت أسعار الألبان والأجبان والمعلبات، بعد ارتفاع بنسبة 30% على أسعار جميع أصنافها مطلع الشهر الجاري، تزامناً مع زيادة الطلب عليها بشكل كبير خلال الفترة القليلة الماضية، في حين ارتفعت أسعار بيض الدجاج إلى 2500 ليرة سورية.
أحد تجار الـ “نصف جملة” في أسواق دمشق قال لـ “صوت العاصمة” إن أسعار معظم المواد ارتفعت بشكل كبير مع بداية شهر رمضان، مشيراً إلى أنه لا رادع للتجار المتحكمين بأسعارها، وأن دوريات التموين وحماية المستهلك لا تقترب من مستودعاتهم نهائياً، وهو ما يجبر تجار الجملة وأصحاب المحال التجارية على رفع أسعارها.
الباحث الاقتصادي “عمار يوسف” قال في تصريح لأحد المواقع الموالية، إن بعض المستوردين يتخذون العقوبات ذريعة لعملهم بهدف تحقيق أرباح كبيرة على حساب المواطن، لافتاً أن هناك قصور واضح في الرقابة التموينية على الأسواق حالياً.
وأضاف يوسف أن المشكلة ليست في الرقابة التموينية بحدّ ذاتها، وإنما في عدم نجاعة العقوبات المفروضة على التجار المخالفين، وعدم القدرة على السيطرة على المستوردين الذين يضعون الأسعار التي تناسبهم على المواد المستوردة، ويتخذون العقوبات المفروضة على البلاد ذريعة لرفع الأسعار.
ومن جهتها، قالت الخبيرة الاقتصادية “نسرين زريق” إن سوريا دخلت بمرحلة انكماش السيولة الأقصى، وأن أغلب الإنفاق الاستهلاكي توجّه للمواد الغذائية، إضافة لبعض الضروريات فقط، مشيرةً إلى أن نسبة انكماش السيولة ستزداد مع مرور الوقت وخاصة في ظل توجيه كل المدخرات للطعام والأساسيات.
وأضافت زريق: “بحسب الدراسات العالمية الأخيرة، تقدّر الخسائر الاقتصادية لأية دولة من دول العالم تعرضت لوباء كورونا بانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20% إضافة إلى توقع بارتفاع معدل البطالة بمقدار 10% وارتفاع بمعدل تضخم الأسعار بمقدار 50% وهو ما بدأنا لمسه مباشرة، خاصة بما يتعلق بالسلع الغذائية بينما يتبيّن أثر انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام وسيظهر أثر البطالة بعد ثلاثة أشهر على أقل تقدير”.
المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير