بحث
بحث

 هجرة عكسية من ادلب إلى مناطق التسويات في ريف دمشق.

صوت العاصمة – تحقيق خاص 

في الوقت الذي يستمر فيه النظام بعمليات التهجير الممنهجة من مدن وبلدات الريف الدمشقي إلى الشمال السوري، ضمن اتفاقيات دولية وتسويات محلية، عاد عشرات الشباب الذين وصلوا في الأشهر الأخيرة إلى مدينة ادلب أدراجهم إلى قراهم ومدنهم في ريف دمشق، لأسباب كثيرة، تبدأ بعدم التأقلم مع المعيشة في المخيمات ومراكز الإيواء، وتنتهي بعدم توفر العمل بشكل كبير في الشمال السوري.

عبر ضباط في جيش النظام وميليشياته، عاد العشرات من أبناء الهامة والتل إلى مناطقهم من مدينة ادلب، مفضلين البقاء في منازلهم ومناطقهم الخاضعة لسيطرة النظام عن المعيشة في الشمال السوري، حيث وصلت تكلفة العودة للشخص الواحد من 200 إلى 350 دولار أمريكي بالنسبة للأطفال والنساء وغير المطلوبين للخدمة العسكرية، فيما ترتفع التكلفة إلى 800 دولار أمريكي، فيما إن كان الشاب أو الرجل مطلوباً للخدمة، شرط عدم التعرض للعائدين أو توقيفهم من قبل الحواجز العسكرية بين ادلب ومقصدهم من مدن التسوية.

مراسلنا في بلدة “الهامة” وثق عودة عدد من العوائل إلى البلدة، وما أن استقروا في منازلهم حتى تم استدعائهم للتحقيق من قبل فرع الأمن السياسي المسؤول عن المنطقة، ولعدة مرات متتالية، استمرت كل منها عدة ساعات، سُئل خلالها المُستدعون عن سبب عودتهم، وماذا فعلوا في الشمال السوري، وماذا يفعل بقية شباب العائلة الذين تم ترحيلهم إلى ادلب ؟؟. وبحسب مراسلنا فإن ذك الاستدعاء والتحقيق لم يستثني حتى النساء وكبار السن والأطفال، فجميع من عادوا إلى البلدة تم التحقيق معهم.

وأما عن الشباب الذي عادوا وهم مطلوبين للأفرع الأمنية أو الخدمة العسكرية، فمصيرهم محكوم بالتطوع في صفوف جيش النظام والميليشيات الموالية له بعد تسوية وضعه، تجنباً لاعتقال أو سحب فوري إلى الجبهات الساخنة

الأمر في مدينة التل يبدو مختلفاً إلى حد ما، فالعودة لم تقتصر على شباب خرجوا فارين من الاعتقال والخدمة الإلزامية، بل وصلت إلى قيادات عسكرية كانت في صفوف المعارضة، خرجت إلى ادلب ومنهم من وصل إلى تركيا قبل أن يعود أدراجه ليتطوع في الميليشيات الموالية.

“عزو مصمص” قائد ما يسمى سابقاً “كتائب المعتز بالله” وأحد أبرز مساعديه “جهاد صالح” من الذين خرجوا إلى ادلب مُهجرين من مدينة التل، وتوجهوا إلى تركيا تهريباً ومكثوا فيها شهرين تقريباً، ليعودوا فجأة إلى مدينة التل برعاية “ناصر شمو” أحد أبرز قادة المجموعات التابعة للمخابرات الجوية في التل.

مدنيين ومقاتلين في حي برزة وبعد عشرة أيام على وصولهم إلى الشمال السوري، اختاروا العودة إلى دمشق عبر لجان المصالحة، وبتنسيق مع النظام السوري، مفضلين التسوية على المعيشة في مدينة ادلب، فبحسب مصدر مطلع في مصالحة برزة، أن أكثر من 75 شاب سجّلوا أسمائهم للعودة إلى الحي في وقت قريب.

ووثق مراسلو شبكة “صوت العاصمة” عودة عشرات الشباب إلى التل والهامة، وانضمامهم في الميليشيات الموالية والفرقة الرابعة والمخابرات الجوية بعد تسوية أوضاعهم، أغلبهم كان سابقاً في صفوف المعارضة المسلحة قبل خضوع تلك المدن للتسوية وترحيل العناصر إلى الشمال السوري.

ولم تعد العودة بالنسبة للشباب خطراً بالنسبة لحواجز النظام فقط، حيث عملت فصائل المعارضة في الشمال السوري، على رأسها هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية على ملاحقة أولئك الذين يرغبون بالعودة لمناطق سيطرة النظام، فقد علمت شبكة “صوت العاصمة” أن حركة أحرار الشام ألقت القبض على أربعة شبان من بلدة الهامة قبل ثلاثة أشهر أثناء محاولتهم العودة إلى دمشق بالتنسيق مع أحد الضباط الذي من المفترض أن يلتقي بهم عند قلعة المضيق، حيث تم القبض عليهم وحكمهم بالسجن لعام كامل، كما وثقت الشبكة اعتقال شابين من مدينة التل من قبل فصائل المعارضة المسلحة في الشمال السوري، أثناء محاولة عودتهم ليبقى مصيرهم مجهول حتى اللحظة.

اترك تعليقاً