الجزيرة نت –
لم يفت الرئيس السوري بشار الأسد أثناء مقابلاته الأسبوع الماضي مع وسيلة إعلام صينية وبرلمانيين أوروبيين، نفي أي صراع نفوذ بين روسيا وإيران فيسوريا. إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى نقيض ذلك، حيث تشير أنباء إلى ارتفاع التوتر بين الجانبين في عدة مناطق على رأسها ريف دمشق الغربي.
فمنذ مطلع العام الجاري، رصد ناشطون ميدانيون وشبكات إخبار في دمشق، ومنها شبكة “صوت العاصمة”، وصول عناصر من الشرطة العسكرية الروسية وتوزعهم في أماكن مختلفة من ريف دمشق، وتواصلهم مع قيادات معارضة في بلدات جنوب العاصمة، وهي من المناطق التي تعد تابعة لنفوذ حزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية المختلفة.
وفي حديث للجزيرة نت أكد أحد ناشطي وادي بردى هذه المعلومات، وأشار إلى خلافات عدة بين الجانبين الروسي والإيراني في تلك المنطقة الواقعة بريف دمشق الغربي، والتي شهدت أواخر يناير/كانون الثاني الماضي تهجير مسلحي المعارضة إلى إدلب شمالي البلاد إتماما لتسوية مع النظام.
وأفاد الناشط أبو وائل -الذي فضل عدم الكشف عن هويته الحقيقية لأسباب أمنية- باختلاف السياسة التي حاولت كل من روسيا وإيران أن تنتهجها أثناء الحملة التي شهدها وادي بردى أوائل العام الحالي، وسعى النظام وحلفاؤه من خلالها لاستعادة أكثر من عشر قرى كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة.
فإيران التي تسعى جاهدة لإفراغ مناطق سيطرة المعارضة من سكانها ومقاتليها، اصطدمت في وادي بردى بروسيا التي لم تناسبها سياسة التغيير الديمغرافي -حسب أبو وائل-، خوفا من تقليص نفوذها في المنطقة
ذروة الخلاف
ووفق الناشط الإعلامي، وصلت ذروة الخلاف بين الطرفين منتصف يناير/كانون الثاني الفائت، عند تواصل لجنة مصالحة الوادي مع الجانب الروسي والخارجية الروسية التي أرسلت ضابطا روسيا من قاعدة حميميم العسكرية لمراقبة التطورات في المنطقة والتدخل وسيطا في المفاوضات وليس طرفا فيها.
وأثار هذا الفعل غضب قائد الحملة العسكرية على الوادي العميد قيس فروة، وهو مقرب ومدعوم من الجانب الإيراني، مما دفعه لعرقلة هذا التدخل عن طريق اتهام فصائل المعارضة المستمر بخرق الهدنة، وصولا لاغتيال اللواء أحمد الغضبان الذي كان مسؤولا عن ملف التفاوض من داخل الوادي، بهدف منع أي تواصل مع الجانب الروسي.
ولئن ساهمت تلك الحوادث المتعاقبة في انسحاب الجانب الروسي من عملية التفاوض في الوادي، فإن الناشط الإعلامي يؤكد اختلاف المعادلة بعد استعادة الجيش السوري السيطرة على المنطقة، مع وصول عناصر من الشرطة العسكرية الروسية إلى جبل هابيل المشرف على وادي بردى واستيلائهم على جزء منه، رغم وجود ثكنة عسكرية كبيرة تابعة لحزب الله فيه.
ويرى أبو وائل أن استمرار الهيمنة الإيرانية على هذه المنطقة الحيوية وإصرار حزب الله على الاستيلاء مباشرة على نبع عين الفيجة -الذي يغذي العاصمة دمشق بمياه الشرب- سيؤدي لخلافات كبيرة بين الجانبين الروسي والإيراني في الفترة المقبلة.
مضايا والزبداني
ولا يختلف الحال كثيرا في بلدتي مضايا والزبداني بريف دمشق الغربي، حيث تحدثت الناشطة حلا يوسف عن خلافات مشابهة بين الروس والإيرانيين حيث يسعى كل منهم للسيطرة على البلدتين المحاذيتين للبنان.
ووفق الناشطة، تعيش البلدتان حالة من الحصار الخانق والقصف المستمر منذ أكثر من عام ونصف، رغم دخول بعض قوافل المساعدات الغذائية التي كان آخرها الثلاثاء الماضي، إلا أنها مساعدات بالكاد تكفي حاجة عشرات آلاف المدنيين المحاصرين.
وتحاول لجان التفاوض في مضايا والزبداني التوصل إلى اتفاق ينهي معاناة البلدتين المحاصرتين، والمرتبطين كذلك بمصير بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب واللتين تحاصرهما فصائل المعارضة، إلا أنها محاولات تبوء بالفشل مرة بعد أخرى.
وأشارت حلا في حديث للجزيرة نت إلى سعي المفاوضين من البلدتين لفتح قنوات تواصل مع الجانب الروسي، وهو ما تعمل إيران ممثلة بحزب الله على عرقلته، تنفيذا لمصالحها في استمرار السيطرة على تلك المنطقة، والتي تمثل واحدة من أهم صلات وصل الحزب اللبناني بين سوريا ولبنان.
ولفتت إلى أن خلافات الجانبين الروسي والإيراني في مضايا والزبداني مرشحة للتصاعد في الأيام المقبلة، حيث تسعى إيران لتصعيد عسكري يفضي إلى تهجير مقاتلي وأهالي المنطقة مما يسهل لها السيطرة عليها، في حين ترفض روسيا هذا التهجير القسري، والذي لا يبدو متوائما مع مصالحها كما يثير مخاوفها من أن تتحول هذه المساحة الجغرافية الشاسعة لمنطقة عسكرية تابعة لحزب الله، وهو ما بدأ بالفعل بإنشاء مستودع كبير للأسلحة في “مرج التل”.
وتأسف الناشطة لعدم اكتراث أي من الأطراف المتصارعة لحال المدنيين المحاصرين، “فنحن مجرد ورقة ضغط وتفاوض، وندفع ثمن رغبة كل طرف بالسيطرة على بلداتنا وقرانا”.