قال موقع “درج” إنه حصل على مجموعة من الوثائق التي تكشف نشاط المدعو السيد (أ)، الذي يعمل مندوب للمخابرات العامة في سوريا، ضمن دوائر المجتمع المدني المحلي والدولي في سوريا، وتبوأ مقعداً في مفاوضات جنيف ممثلاً عن المعارضة.
وبحسب سلسلة وثائق أمنية صدرت عبر السنوات عن شعبة الأمن السياسي في دمشق، واطلع عليها “درج” بشكلٍ مباشر تخصّ المدعو السيد (أ).
وتروي الوثائق حكاية مدير منظمة مجتمع مدني سورية وأحد وجوه معارضة الداخل الوطنية – بحسب سردية الأسد الفارّ وإعلام نظامه –السيد (أ) واظب لسنواتٍ عدة على حضور المؤتمرات الدولية المتعلقة بالشأن السوري، واجتمع مع ممثلي الأمم المتحدة والدبلوماسيين الأوروبيين.
كما تبوأ مقعداً ثابتاً في مفاوضات جنيف وملحقاتها بهدف “إظهار دور المجتمع المدني بشكل فاعل وتقديم أوراق أعمالٍ لتوصيف المرحلة الدستورية والانتخابية المقبلة، وضرورة ملء الفراغ السياسي حسب ما كان يُصرَّح لوسائل الإعلام.
وتزامن نشاطه السابق مع التواصل الدوري والدؤوب مع الأجهزة الأمنية السورية، لتقديم معلومات تتعلق بنشاطات أو أفراد المنظمات المدنية الأخرى إقليمياً ودولياً؛ ما يشمل طبيعة المشاريع، تفاصيل العاملين، أو حتى بيانات حساسة قد تُستغل لإعاقة العمل المدني لتلك المنظمات، إضافة إلى التقييم والرأي الشخصيين بتلك النشاطات من المعارض الوطني في بعض المحاضر.
وجاء بوثيقة صادرة عام 2018 عن شعبة الأمن السياسي، عن الدور الذي لعبه ممثل المجتمع المدني إيّاه بدفع عجلة التطبيع الأوروبي مع الأسد بصفته “مرساة الاستقرار، والذي وصل ذروته قبل سقوط النظام بأشهر قليلة من خلال وثيقة لا ورقة قدمها سبع وزراء خارجية أوروبيين لمنسق السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إضافة إلى مغازلته الأفرع الأمنية السورية.
وتحدَّث السيد (أ) في ورشة عمل في عاصمة أوروبية عن “ضرورة التفكير بواقعية أكثر من الدول المؤثرة بالمنطقة، وبخاصة الأوروبيين، وعدم الوقوف على الحياد والتواصل مع الحكومة السورية وفتح السفارات […] وإلا ستتحمَّل التبعات السلبية كنشر الإرهاب وزيادة عدد اللاجئين.
يوثّق التقرير الأمني دفاعه عن الأجهزة الأمنية على الأراضي الأوروبية ومحاولات تمييع انتهاكاتها من منطلق الجميع ارتكبوا جرائم، إذ يقول في معرض ردّه على حديث أحد المشاركين بالورشة، بحسب الوثيقة الأمنية، القائل بضرورة إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، إنه “يجب العمل أولاً على الاستقرار في سوريا ثم المحاسبة بشكل قانوني وليس بشكل حقدي، فإما أن يحاسب جميع الأطراف أو يسامح الجميع”.
وفي كثير من المواقف وجد السوريون والسوريات أنفسهم خائبين أمام تبنّي الأمم المتحدة سردية النظام التي حاول الترويج لها في المحافل الدولية وعبر الإعلام في ما يتعلق بالوضع المعيشي والأمني وقضايا اللاجئين.
وفي هذا الصدد، أدّى السيد( أ) دوره على أتمّ وجه، إذ تكشف وثيقة أخرى صادرة عام 2019 عن وقائع لقاءٍ جمعه بغير بيدرسن في مكتب الأخير، تناقشا فيه حول اللجنة الدستورية ودور اللاجئين والنازحين السوريين في المشاركة السياسية، فقال فيه للمبعوث الأممي إنه ليس هناك ما يمنع غالبية اللاجئين من العودة والمشاركة، أعتقد أن حوالى 90 في المئة من اللاجئين في أوروبا خرجوا لأسباب اقتصادية اجتماعية وليس لأسباب سياسية أبداً، فلا يمكن القول إن السلطات تطلب اعتقال أربعة ملايين شخص، وهذا مستحيل.
وتتجلّى المفارقة في الصورة التي رسمها “أ” لمبعوث الأمم المتحدة حول الاستتباب الأمني في سوريا عندما طلب نفسه العون من الأجهزة الأمنية، و”التعامل” مع من “يعيقون نشاطه المدني، إذ يكشف كتابٌ مُرسل من فرع الأمن السياسي بدمشق بتاريخ 19 أيار/ مايو 2024 إلى شعبة الأمن السياسي قدَّمه ناشط المجتمع المدني إياه، اتهامه عدداً من ناشطي المجتمع المدني والباحثين الاقتصاديين وموظفي المؤسسات الإقليمية المانحة، بأنهم يعيقون عمله في غرفة دعم المجتمع المدني، وأنهم أشخاص تابعون لـ منظمات مشبوهة خارجية.
وبحسب معلومات قدّمها أحد المطّلعين السابقين على القضية في شعبة الأمن السياسي لـ “درج”، نتج من ذاك التقرير إصدار مذكرات اعتقال بحق بعض من وردت أسماؤهم فيه، فيما حوكم بعضهم الآخر غيابياً في القضاء العسكري بتهم التجسّس لصالح المعارضة الخارجية والتعامل مع دول معادية للحكومة السورية وتسريب معلومات أمنية مهمة والمساهمة بالدفع نحو إقرار قانون قيصر 2.
بينما استُدعي من ورد اسمه في الكتاب وكان داخل البلاد، فحوكم بالتهم ذاتها بشكلٍ مباشر وسُجن في منفردة في صيدنايا لأشهر قبل أن يحُكم عليه بالإعدام بعد جلستين مع قاضي التحقيق، وخرج منه عند فتح السجون ليلة سقوط نظام الأسد.
وفي ذاك التقرير الأمني هو ورود اسم منظمة “فري برس أنليميت” (FPU) في سياق الحديث عن إعاقة عمل السيد (أ) المدني، إذ نقرأ في التقرير أن فريق المنظمة تجاهل تحركات (أ) بالكامل في بروكسيل وتجنب الحديث معه عندما علموا بالنشاط الاستخباراتي الأمني المرتبط بأجهزة الأسد لدى بعضهم.
وقال أحد المطّلعين على تلك المجريات وأحد الحاضرين في تلك الورشة، تبيَّن أنَّ الأمر تجاوز التجاهل وتجنب الحديث، إذ كان من المقرر أن تقدم منظمة “فري برس أنليميتد” تمويلاً قدره 80 ألف دولار لمنظمة الناشط الأمني وألغته لاحقاً عندما علمت بعمله الآخر.