نشرت مجلة ناشونال انترست الأمريكية، أمس الجمعة 6 آب، تقريراً قالت فيه إن إسرائيل مصمّمة على استهداف مواقع إيران في سوريا بهدف إبعادها عن الحدود الشمالية، وسط مخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وروسيا.
وقالت المجلة في تقريرها، إن روسيا تحتفظ حالياً بخمسة آلاف جندي في سوريا، ومن المحتمل سقوط قتلى منهم خلال تبادل النيران بين إسرائيل وإيران، أو خلال مساندتهم لحليفهم النظام السوري في ساحات القتال.
وأضافت الصحيفة: “هذا لا يعني أن إسرائيل أو روسيا متلهفتان لمواجهة عسكرية”، متسائلة: “هل تتدخل الولايات المتحدة إذا حصلت مواجهة عسكرية بين إسرائيل وروسيا بصفتها الشقيق الأكبر لإسرائيل؟”.
ونقلت ناشونال انترست عن مسؤول في الجيش الإسرائيلي قوله إن لا أحد من الطرفين “إسرائيل وروسيا” يرغب في مواجهة عسكرية ستكون ضارة لكلا الجانبين.
وتابع المسؤول: “ليس هناك من شك أن الروس ليسوا حلفاء لنا.. لدى إسرائيل حليف واحد وهي الولايات المتحدة، أما الروس فهم في سوريا لدعم النظام الذي بدوره هدفه واضح وهو إبادة إسرائيل إن استطاع، كما أن الروس هم جزء من تحالف يدعم إيران”.
سياسة إسرائيل في هذا الشأن تتلخص في فعل كل ما تراه ضرورياً لطرد القوات الإيرانية من سوريا حتى لو على حساب علاقتها مع روسيا، “هو ثمن ضمان عدم تحوّل سوريا إلى قاعدة جديدة لإطلاق الصواريخ الإيرانية على حدود إسرائيل”، بحسب الصحيفة.
وبيّنت المجلة أن إسرائيل تعتبر أيضاً أن روسيا قد تكون رادعاً محتملاً لإيران والفصائل الموالية لها في سوريا، وقد تلعب دوراً إيجابياً في إخراج القوات الاجنبية من البلاد، بحسب المجلة، التي ذكّرت بأنه خلال لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق “بنيامين نتنياهو” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شباط/فبراير عام 2019، زعم مسؤولون إسرائيليون أن بوتين وافق على انسحاب القوات الأجنبية من سوريا.
وأشارت المجلة إلى أن إسرائيل قد تتعايش مع الوجود الروسي في الجوار، لكن ليس مع الإيرانيين، في حين حذّر مسؤولون إسرائيليون من خطة لطهران بنشر 100 ألف جندي إيراني أو تابعين للحلفاء في سوريا.
وأضافت المجلة: “يمثل حزب الله، الذي تقدر ترسانته بأكثر من 130 ألف صاروخ، تهديداً لإسرائيل على الحدود الشمالية، لكن الكابوس الإسرائيلي الحقيقي هو في تحوّل سوريا أيضاً إلى قاعدة صاروخية إيرانية”.
ونقلت المجلة عن المسؤول في الجيش الإسرائيلي قوله: “نحاول بقد الإمكان أن نحبط المُخطط الإيراني، أو أقله، أن نفرض ثمناً لا يرغب الإيرانيون في دفعه لحثهم على التراجع”، متابعاً: “تشير أنشطتنا إلى أننا على الرغم من كل شيء، نتمتع بحرية كبيرة في عمل ما نريد”، وذلك في رده على سؤال عما إذا كانت روسيا ستقوم بردع الغارات الإسرائيلية على سوريا.
واعتبرت المجلة أن هذا الموقف الإسرائيلي يطرح سؤالاً هو: “هل تستطيع إسرائيل استهداف إيران في سوريا من دون الاصطدام مع روسيا؟ هناك آليات لمنع التصادم، بما في ذلك خط ساخن بين الجيشين الإسرائيلي والروسي؟”، وهو ما رد عليه المسؤول الإسرائيلي بالقول: “نحن دقيقون للغاية في ما يتعلق بإبلاغ الروس بأنشطتنا”.
ولفتت ناشونال انترست في تقريرها، إلى أنه من المحتمل أيضاً إصابة ضُباط أو مستشارين أو فنيين روس في غارة إسرائيلية على منشأة إيرانية أو سورية، أو توجيه قنبلة ذكية إسرائيلية عن طريق الخطأ لتصيب في نهاية المطاف قاعدة روسية أو طيار روسي، متابعة أن روسيا ليست بحاجة إلى محاربة إسرائيل بشكل مباشر، وأن إسرائيل ليست قلقة بشأن الصدام بين القوات الإسرائيلية والروسية، بل بقيام روسيا بتزويد أسلحة متطورة، مثل الصواريخ المضادة للطائرات، لخصوم إسرائيل وهما سوريا وإيران.
وبحسب المجلة فإنه في حرب 1973 قام الاتحاد السوفيتي بتزويد مصر وسوريا بالعديد من الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، مما تسبب في خسائر فادحة للطائرات الإسرائيلية”، مضيفةً: “إذا أرادت روسيا، فبإمكانها جعل الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا مكلفة للغاية”.
وطرحت المجلة سؤال “هل يمكن أن تؤدي التوترات بين إسرائيل وروسيا إلى وقوع صدام بين القوات الأميركية والروسية؟”.
وختمت المجلة تقريرها بالقول: “في النهاية، سيتعين على طرف ما التراجع، لكن إيران ليست على وشك التخلي عن موقعها على الحدود الشمالية، وروسيا لا تستطيع إجبارها على ذلك، وفي المقابل، تصر إسرائيل على إخراج القوات الإيرانية من سوريا”.
ونقلت صحيفة معاريف العبرية قبل أيام، عن مصادر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، قولها إنه لا يوجد أي تغيير في آلية التنسيق مع روسيا فيما يتعلق بالهجمات التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف في سوريا.
ومن جهته، اعتبر الخبير العسكري الروسي “إيغور كوروتشينكو” أنّ إسرائيل ستواصل ضرباتها لمعسكرات ميليشيا حزب الله اللبنانية والمنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا، دون أي تغيير، مستبعداً عقد أي اتفاقات جديدة بخصوص آليات الحيلولة دون وقوع حوادث خطيرة بين العسكريين الروس والإسرائيليين.