بحث
بحث

دمشق … شبابها المتبقي تلاحقه الجلطة.


صوت العاصمة – خاص
قبل أعوام لم نكن نسمع بشاب أصيب بالجلطة، وكانت حكراً على كبار السن فقط، أو على الأقل ممن تعدوا الأربعين عاماً، أما اليوم ففي سوريا وخارجها باتت تلك القصص أشبه بالاعتيادية، مع سوء الأوضاع المعيشية وفقدان الأهل بين قتيل وأسير ومهجّر .
مازن، الموظف في القطاع الخاص يبلغ من العمر 38 عاماً، يُصاب بآلام صدرية وتشنجات قوية، يتم إسعافه على إثرها إلى مشفى قريب من مكان عمله، وبعد الفحص الفوري، يتم إدخاله إلى العناية المشددة مع إجراء الإسعافات اللازمة، والتشخيص من قبل الأطباء يكون “جلطة قلبية”. يجلس “عدنان” الأخ الأصغر لمازن في المرر، منتظراً، ويخرج إليه أحد الأطباء ليخبره أن أخاه ما زال على قيد الحياة وقد مرة بحالة صعبة، وكادت الجلطة أن تودي بحياته، الطبيب المستغرب من وضع مازن الصحي، يستفسر من أخاه عن الظروف التي مر بها قبل أين يُصاب بهذه الجلطة، فيجيب الأخر موجزاً: (من 3 أيام خبروه انو مطلوب للاحتياط، ومن شهر ناطر أوراق لم الشمل توصل ع لبنان، مرتو وابنو بهولندا، نضغط كتير هالفترة).
ويحدثنا متطوع في منظمة “الهلال الأحمر السوري” عن حالة تم نقلها إلى أحد المشافي عبر فريقهم، شاب بعمر 27 سنة قضى إثر جلطة قلبية حادة، لم يستطع الأطباء انقاذه على الرغم من صغر سنة. أهل الشاب لم يصدقوا هذا الأمر، ووضعوا التقصير على فرق الهلال الأحمر وأطباء المشفى، فالنبأ صادم، شاب بهذا العمر يقضي بجلطة قلبية بسبب سوء الأحوال المعيشية والظروف الأمنية التي تحيط بمن تبقى من شباب العاصمة وسكانها.
كل هذا يمكن أن نقبله، لكن أن يموت بين يدينا شاب بعمر الثامنة عشر وبهذا النشاط والحيوية بجلطة قلبية، فهذا الشيء الذي لم نراه في تاريخنا العلمي، يقول ياسر الطبيب في إحدى المشافي الحكومية، محدثاً عن شاب توفي قبل شهرين في المشفى التي يعمل فيها، وذلك بعد أن حان موعد سحبه للخدمة الإلزامية، فكيف سيخدم بجيش اعتقل والده وقتله تحت التعذيب، ولمن سيترك أمه وأخته التي لا معيل لهم، وهل يا ترى سيعود بعد شهر جثة هامدة من إحدى الجبهات ؟؟ 
ويضيف الطبيب، هي حالة من عشرات الحالات التي تصل يومياً، سببها واحد، الضيق الاجتماعي والأحوال الصعبة في ظل الحرب، من تهجير واعتقال واختفاء لأفراد العائلة، وتجنيد إجباري وصعوبة السفر، والغلاء و .. الخ) لربما لو اكملتها لتعرضت لجلطة أيضاً، يضحك الطبيب ساخراً من الوضع التي وصل إليه شعبنا.
عشرات القصص تُحكى بين جدران هذه المدينة الحزينة على أحفادٍ طَرَدَ أجدادهم مستعمراً وأذاقوا الويلات لمستعمر آخر، وبات الأحفاد فيها اليوم بين ثائر ومجند ومهجر ولاجئ ومصاب، وآخرهم ميتاً بجلطة جاءته في منتصف شبابه، لتقضي على مستقبله الذي لم يتوقف عن التفكير به يومياً.