قال وزير المالية، محمد يسر برنية، إن العقوبات المفروضة على سوريا بدأت تُرفع تدريجياً بفضل الجهود الدبلوماسية، مؤكداً أن البلاد باتت في المراحل الأخيرة من عملية رفعها بشكل كامل، بما في ذلك قانون قيصر.
وأوضح في لقاء مع “تلفزيون سوريا”، أن هذا التطور سمح بعودة التواصل مع النظام المالي العالمي، حيث بدأت بنوك وشركات أوروبية وأميركية بالتواصل مع الجانب السوري، من بينها مؤسسات مالية كبرى مثل “ماستر كارد”، إلى جانب وفود استثمارية غربية زارت دمشق مؤخراً.
واعتبر الوزير أن رفع العقوبات يمثل “إنجازاً كبيراً” للدبلوماسية السورية، مشيراً إلى أن البلاد تدخل الآن مرحلة ما بعد العقوبات، وهي مرحلة يجب أن تشهد إصلاحاً اقتصادياً واسعاً بعيداً عن تبرير الصعوبات بالعقوبات السابقة. وقال: “الطريق أصبح مفتوحاً أمامنا، ولا عذر لنا إلا أن نتقدم.”
وفي ما يتعلق بالنظام الضريبي، أوضح الوزير أن وزارة المالية تعمل على إصلاحات شاملة تهدف إلى خدمة الاقتصاد والمواطن وتشجيع الاستثمار وتنمية القطاع الخاص.
وقال برنية إن الوزارة “ليست وزارة جباية وقهر، بل وزارة تنمية وبناء وشراكة”، مشيراً إلى أن الهدف من النظام الجديد هو تحقيق العدالة الضريبية وتشجيع الإنتاج.
وبيّن أن الضريبة على المبيعات المقترحة ستكون من الأدنى في المنطقة والعالم، مع إعفاء معظم السلع الأساسية، فيما سيُخصَّص نحو ربع حصيلة الضريبة لدعم الصادرات السورية.
وأقرّ الوزير بوجود فساد وبيروقراطية في النظام الحالي، مؤكداً أن الحكومة تعمل على معالجتها ضمن خطة إصلاح أوسع تشمل قوانين جديدة يجري إعدادها بالتشاور مع شرائح المجتمع الاقتصادي.
وكشف برنية عن منحة سعودية قطرية لدعم الرواتب، إلى جانب إصلاحات ضريبية وإدارية، وتسريع التحول الرقمي، وتحضيرات لإصدار عملة سورية جديدة بالتنسيق مع مصرف سوريا المركزي.
وأوضح أن المنحة المشتركة من صندوق قطر للتنمية والصندوق السعودي للتنمية مخصصة حصراً لدعم أجور العاملين في القطاعات الاجتماعية، وتغطي نحو 17% من إجمالي الرواتب لمدة ثلاثة أشهر، بقيمة تقارب 29 مليون دولار شهرياً، مع احتمال تمديدها لاحقاً.ووصفها بأنها “منحة غير مشروطة وغير مستردة”، مشيداً بدور الداعمين العرب في هذا الملف.
وأشار برنية إلى مسار متوسط المدى لإصلاح الرواتب، بدأ بزيادة أولية شملت العاملين في الدولة، تلتها زيادات نوعية لقطاع العدل، مع خطط لتحسين أجور موظفي التربية والصحة.
ويستهدف المسار توحيد شرائح الأجور بين المحافظات والقطاعات، مع حوافز إضافية للعاملين في المناطق النائية، على أن تُصمم الزيادات لتفادي التضخم. كما يجري العمل على إصلاح نظام التأمين الطبي لموظفي القطاع العام ضمن خطة أشمل للضمان الصحي الوطني.
ولفت الوزير إلى أن الحكومة تعمل على إصلاحات تشريعية وإجرائية تشمل قوانين الاستثمار والشركات والعمل، وتطوير النافذة الواحدة، مع استحداث محاكم متخصصة لتسوية النزاعات الضريبية والاستثمارية، بما يعزز الثقة ويوفر الضمانات للمستثمرين المحليين والأجانب.
وأما بشأن السياسة النقدية، فأكد وجود تنسيق يومي مع مصرف سوريا المركزي، والتزام الحكومة بعدم تمويل العجز عبر الاقتراض منه، والاعتماد على مصادر غير تضخمية لتمويل الفجوات.
وختم الوزير بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستقوم على الشراكة بين الدولة والمجتمع والقطاع الخاص، وأن الأولويات تتركز على الصحة والتعليم والتنمية وخلق فرص العمل، داعياً السوريين إلى التفاؤل بمرحلة “إصلاح منظم” تهدف إلى تحسين الخدمات ومعيشة المواطنين.