كشفت مجلة المجلة، الثلاثاء 3 حزيران الجاري، أنّ تنظيم “داعـ..ش” يعمل على التجنيد، واستغلال غضب بعض الفصائل من الحكومة السورية وتوجهاتها من خلال تكثيف التواصل مع “الغاضبين” وتهيئة الأرضية المناسبة، لشن هجمات على مؤسسات الحكومة.
واطلعت المجلة على 18 محضراً لمقابلات مع عناصر من تنظيم “داعـ..ش” أمضوا سنوات طوال في سجون قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وقال “أبو محمد” – اسم مستعار – إنّه في سجن الرقة كانت النقاشات بين العناصر أحياناً حادّة.
وأضاف: “أسمع أصواتهم وهم يتهمون بعضهم البعض بالضلال أو الخطأ أو الخروج عن المنهج، ومن بين النقاشات، أنّ مجموعة من العناصر كانوا يطالبون بتغيير جذري للتكتيك القديم الذي استخدمه التنظيم، واعتماد تكتيكات جديدة مثل التحول قليلاً إلى المرونة والتكيف مع الظروف المتغيرة، لكن دون أن يكون هناك تغيير في الثوابت القائمة على إقامة دولة الخلافة من جديد”.
وبحسب المجلة، فإنّ نقاشات جرت بين العناصر حلو الأخطاء التي ارتكبها قادة التنظيم باعتقادهم أنّ القوة والقتل والترهيب تكفي للسيطرة على الأرض.
ووفقاً للنقاشات، فإنّ ذلك لم يكن صحيحاً واستدلوا باستنتاجهم بمساعدة المدنيين لأي قوة حاربت التنظيم، مما يعني أنّهم لم يستطيعوا كسب الناس، كما أنّ من الأخطاء المتصلة بالقوة والترهيب هي الخطاب “المتشدّد جداً”، والذي لم يفهمه الناس، ما أدى إلى عزل التنظيم لنفسه عن القاعدة الشعبية.
ومن خلاصات النقاشات التحوّل من فكر “الدولة” – مؤقتاً – إلى فكر الخلايا السرية، وذلك من خلال إعادة الهيكلة التنظيمية لـ “داعـ..ش”، واعتماد مبدأ اللامركزية للخلايا، حيث يتم إرسال الاستراتيجية والأهداف للخلايا من قبل القيادات، ويُترك أمر التنفيذ لقادة الخلايا.
وأشارت المجلة إلى النقاشات تمحورت حول ضرورة التركيز في الوقت الحالي على ما يطلقون عليه اسم “الدفاع الجهادي”، بمعنى القيام بالعمليات الخاطفة والصغيرة، وعدم الدخول في معارك كبرى تؤدى إلى خسائر فادحة تُضعف خلايا “داعـ..” أكثر.
وبحسب النقاشات التي تمت بينهم، فإنّ هذه الاستراتيجية في الوقت الراهن تخدم التنظيم من عدة نواحٍ: خسائر أقل، خلق فوضى وثغرات أمنية تساعد الخلايا على التحرك أكثر، والحصول على فرصة أكبر لتجنيد مقاتلين جدد في التنظيم.
وتابعت المجلة: “أهمية تشكيل شبكات سريّة تتمحور أعمالها على توفير الدعم المالي واللوجستي للخلايا، دون أن يكون لدى هذه الشبكات علم بأي تفاصيل عن طبيعة العمليات أو مكان الخلايا، بحيث يكونون بمعزل عن التنظيم وعملياته لكنهم يخدمون مصالحه المالية في الوقت ذاته”.
وتمحورت بعض النقاشات حول كيفية تشتيت الجهود الدولية، وذلك من خلال التواصل مع قادة “داعـ..ش” وقادة المجموعات المسلحة التي تشبه توجه التنظيم خارج إطار الجغرافيا السورية، والتنسيق معهم لتنفيذ عمليات في تلك المناطق تستهدف المصالح الدولية، لتخفيف الضغط على التنظيم في سوريا.
ودرست النقاشات ضرورة استخدام الإعلام كوسيلة من أجل نشر أفكار جديدة عن التنظيم – تكون أقل تشدداً في المرحلة الأولى – تمهيداً لتجنيد الشباب، ويرون أن الإعلام يمكن أن يكون حجر أساس في “تكوين قاعدة صلبة من الأنصار المؤمنين بالمنهج، ويكونون رأس حربة في المستقبل لتنفيذ العمليات أو استقطاب الشباب”.
وكل هذه النقاشات ونتائجها ترى طريقها إلى خارج السجن، ولعلّ أحوال التنظيم اليوم واستراتيجياته الجديدة يمكن رؤيتها من نافذة هذه النقاشات، فالتنظيم بعد سقوط نظام الأسد لم يقم بعمليات واسعة، بل ما زال معتمداً على مبدأ الخلايا والهجمات السريعة والصغيرة في منطقة “قسد” ومناطق الحكومة السورية، تبعاً للمجلة.
وبحسب المعلومات، فإنّ تنظيم “داعـ..ش” يعمل اليوم على التجنيد، واستغلال غضب بعض الفصائل من الحكومة السورية الجديدة وتوجهاتها من خلال تكثيف التواصل مع الغاضبين وتهيئة الأرضية المناسبة لتجنيدهم أو التنسيق معهم في شنّ عمليات ضد مؤسسات الدولة السورية وموظفيها.
وأضافت المجلة أنّ “التنظيم من المرجح أن يقوم باستغلال الغاضبين وتحويلهم إلى جواسيس داخل أجهزة الحكومة، فضلاً عن قيامه بتشجيع عناصره للانضمام إلى الأمن العام والجيش عن طريق أبواب الانتساب التي فتحتها الدولة السورية”.
ونوّهت المجلة إلى أنّ جميع العناصر تمت مقابلتهم بعد سقوط نظام الأسد، من بينهم 10 عناصر خرجوا في وقتٍ سابق من السجون.
وأوضحت أنّ الجميع قالوا إنّ “الدولة السورية بقيادة أحمد الشرع هي دولة علمانية، وأنّ قتالها أمر حتمي.