بحث
بحث
فندق فور سيزونز في دمشق - انترنت

العروض السورية للاستثمار السياحي.. مؤسسات مغرية لكن المخاطر مرتفعة


تبدو محاولات وزارة السياحة السورية لبعث الحياة في القطاع السياحي، رمزية وخجولة، كما تعرضت بعض إعلانات استدراج العروض للانتقاد بسبب ما وصفه ناشطون بأنه “تسرع الوزارة في عرض مواقع تاريخية تحمل طابعاً تراثياً للاستثمار التجاري، مثل بيت أبو خليل القباني”، في حين تكثر العراقيل أمام تنشيط عجلة هذا القطاع المتوقفة بسبب تآكل بنيته التحتية ومخاطر الاستثمار المرتفعة.

الوزارة تتحرك

وفي سياق التحركات الحكومية لتنشيط هذا القطاع، أعلنت وزارة السياحة عن استدراج عروض للاستثمار السياحي لثلاثة مواقع في مدينة دمشق، هي: بيت أبو خليل القباني، ومبنى مديرية السياحة بدمشق، ومطعم أوبالين بدمشق القديمة. وسبق أن أعلنت الوزارة عن رغبتها باستدراج عروض لإعادة تأهيل فندق “داما روز” في مدينة دمشق واستثماره وإدارته وتشغيله. 

وتعددت تحركات وزير السياحة مازن الصالحاني، في هذا المجال، بين افتتاح فندق “رويال سميراميس” في دمشق بعد إعادة تأهيله بأحدث معايير الضيافة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة السياحة ومجموعة شركات سعودية- قطرية لتشييد وتطوير بعض المنشآت والمواقع السياحية في سوريا.

كما أعلنت الوزارة عن اجتماع موسع لبحث مشروع إعادة ترميم وتأهيل قلعة دمشق وسوق الحميدية وساحة المرجة والتكية السليمانية في العاصمة دمشق. 

وفي إدلب، جرى بحث إمكانية إنشاء فنادق ومنشآت سياحية جديدة، إضافة إلى إعادة تأهيل فندق “كارلتون” وحمامات الشيخ عيسى في منطقة دركوش، وترميم وتأهيل المواقع الأثرية في المحافظة.

استباق الموسم السياحي

ومن الطبيعي خلال الفترة الأولى من محاولات تنشيط القطاع السياحي لجوء وزارة السياحة إلى طرح المشاريع التي تخصّ بعض الأماكن السياحية في دمشق بهذه الطريقة الاستعجالية، نظراً لأن الطرح يأتي استباقا للموسم السياحي المقبل، وفقاً لحديث الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي.

ويرى قضيماتي أن المحاولات الحكومية لتنشيط السياحة “تعد تحركاً إيجابياً”، إلا أن سرعة الطرح قد تنعكس سلباً على عدم تقديم عروض استثمار جيدة أو مناسبة، وسط ضعف التنافسية ومحدوديتها.

ويتابع أن العوائق أمام هذا التنشيط كبيرة بسبب عدم جاهزية البنية التحتية بشكل كامل، وحالة الخوف التي تعتري الفاعلين الاقتصاديين من الاستثمارات في الوقت الحالي نتيجة الوضع غير المستقر، فضلاً عن الأنظمة والقوانين القديمة والمفصلة على مقاس شخصيات وشركات معينة والتي تحتاج إلى تعديلات جذرية، كونها تعيق دخول المستثمرين إلى سوريا.

واقع سياحي متهالك

ومع أهمية المحاولات الحكومية، إلا أن الواقع السياحي لا يزال سيئاً جداً، نظراً لغياب البيئة القانونية والتشريعية ونسبة المخاطر المرتفعة وانعدام الضمانات الحقيقية للمستثمرين.

ويرى الأكاديمي والباحث الاقتصادي رفعت عامر، أنه “لا يمكن الحديث اليوم عن أي استثمار حقيقي في السياحة، في ظل البنية التحتية المتأكلة، وانخفاض القدرة الشرائية للسكان”، مضيفاً أن “الاستثمار الخاص يحتاج الى الحوكمة والشفافية، كما أن بعض ملفات التخصيص والعقود الاستثمارية تزيد من حذر المستثمرين، علاوة عن حاجتهم لحساب المخاطر والخسائر والأرباح، في ضل تقلبات العملة السورية التي لم تستقر نهائياً بعد”.

وبناء على هذه الأسباب، يلفت عامر إلى أن إعلانات استدراج العروض، “لا تتعدى أكثر من محاولات رمزية ومعنوية من الحكومة لتحريك عجلة القطاع السياحي في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة”، بينما لا يستبعد أن يكون المستفيد الأكبر من هذه المحاولات، “أصحاب مصالح من الفاسدين ورجال أعمال النظام السابق”.

ويشير عامر إلى احتمالية أن تشكل هذه العقود فرصة لهذه الشخصيات تمكنهم من تبيض الأموال الفائضة والمكتنزة سابقاً في عهد النظام البائد، متوقعاً أن الرأسمال العربي والأجنبي سيتريث عن الدخول في هذا القطاع حتى تستقر الأمور في سوريا.

المصدر: جريدة المدن اللبنانية