بحث
بحث
مدخل بلدة كويا بريف درعا - انترنت

القصف الإسرائيلي يفاقم معاناة السوريين: منازل مستهدفة وخيام مهترئة

يسبّب القصف الإسرائيلي المتكرر على الأراضي السورية، منذ سقوط نظام بشار الأسد، حالة من الخوف لدى معظم السوريين، ولا سيما النازحين منهم في المخيمات شمال غرب البلاد، ويضاعف شعورهم بالقلق من العودة إلى مناطقهم في ظل الأوضاع الراهنة والتحديات التي تواجههم، يشاركهم هذا الشعور جزء من اللاجئين السوريين في الدول المجاورة لسوريا، إذ يرون أن الوضع الراهن يعيق عودتهم واستقرارهم في البلاد.

حيان أبو زيد، النازح من ريف دمشق، والذي شهد مؤخراً الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المنطقة، قال في حديثه لـ”العربي الجديد”: “كلما فكرت في الرجوع، أسمع صوت قصف جديد”، مشيراً إلى أن حالة الإحباط تزداد لديه بعد مشاهدة الغارات الأخيرة على مناطق متعددة من أرياف حماة ودمشق.

مضيفاً “بيتي ما زال قائماً، لكنه في حاجة إلى ترميم وإنفاق الكثير من المال. أود العودة، ولكن ماذا أفعل إذا كانت المنطقة مستباحة لكل من هب ودب؟ لم نعد ننتظر مساعدات، فقط نريد ألا تقصف رؤوس أطفالنا مجدداً، فالغارات الإسرائيلية عدوان غير مبرر على بلد أنهكته الحرب”.

وأمام هذا الواقع، يشير أبو زيد إلى تعقيد معادلة العودة، فالمخيمات التي يقيمون فيها شمال سوريا، رغم قسوتها، تبدو أكثر أماناً من بيوت قد تقصف فجأة، أو تقع تحت سيطرة مليشيات، أو يستهدف فيها السكان بذريعة حماية الأقليات.

أما محمد طيبة، الذي يعيش في مخيم كللي شمال إدلب، فيعبّر بغضب عن رفضه القصف الإسرائيلي، قائلاً لـ”العربي الجديد”: “من أعطى إسرائيل الحق أن تضربنا؟ نحن الضحية في كل الحالات، فالغارات تقتل الأمل، حتى لو لم تقتل الأرواح، هي رسالة لنا نحن النازحين مفادها: لا تعودوا”. وأضاف: “نرفض كل وجود عسكري غير سوري على أرضنا، فالعودة باتت مستحيلة في ظل السماء المفتوحة للصواريخ وهشاشة الوضع الأمني، وما زالت البلاد ساحة لصراعات إقليمية”.

مشيراً إلى أن “تكرار القصف يرسّخ لدى النازحين قناعة بأنهم أكثر أماناً في مناطق الشمال رغم فقرها، هذه الغارات لا تدمر فقط البنية التحتية، بل تدمر فكرة العودة نفسها”.

وتقول رزان الحديد، وهي نازحة من ريف حماة الشمالي وتقيم في مخيمات الكمونة شمال إدلب،  لـ”العربي الجديد”: “مع كل غارة إسرائيلية، تصبح العودة إلى ديارنا أكثر صعوبة، ويزداد الخوف والقلق، وإضافة إلى الدمار المتواصل، يتضاعف الخوف من استهداف مناطق جديدة، مما يعزز من حالة التشرد ورفض العودة إلى الديار ما لم تتوفر بيئة آمنة.

أصبح النزوح ليس مجرد خيار، بل ضرورة قصوى لعائلات تخشى على أرواح أطفالها ومستقبلهم”. مشيرة إلى أن الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية تعمّق معاناتهم وتبدد أي أمل في استقرار قريب، مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإيقاف اعتداءاتها المتكررة، وتقديم ضمانات حقيقية تمكّن النازحين واللاجئين السوريين من العودة إلى بلادهم مستقبلاً، من دون أن يتعرضوا لمزيد من التشرد أو القتل.

وتشارك النازحة مها الحسين غيرها من النازحين مخاوفهم، قائلة لـ”العربي الجديد”: “لا أعلم كيف أصف الوضع. نحن نعيش اليوم في خوف مستمر من الهجمات، حتى في المناطق التي نعتبرها أكثر أماناً.

والآن، مع تزايد الغارات، بات من المستحيل التفكير في العودة إلى منازلنا. الأمن لم يعد موجوداً، وبالتالي، أينما ذهبنا، نظل في حالة ترقب” أردفت: “السوريون لم يعودوا فقط لاجئين في الخارج، بل أصبحوا لاجئين داخل وطنهم نفسه، كل شيء يتبدل، ومع كل ضربة جديدة تدمر الأراضي، تهدم البيوت، وينقطع الأمل”.

مضيفة: “نريد فقط أن نعيش بسلام، الغارات الإسرائيلية جعلت حياتنا أكثر صعوبة مما كانت عليه أيام النظام البائد، الحرب لم تتوقف، والآن نحن نعيش في محنة جديدة مع كل قصف يتجدد، كانت هناك لحظات بعد سقوط نظام الأسد المجرم شعرنا فيها أننا قد نعود يوماً ما رغم الدمار والألغام، لكن مع هذه الهجمات، لم يعد لدينا ثقة في أن الأمور ستتحسن قريباً”.

وباتت هذه المخاوف أزمة متفاقمة، ولا سيما أن القصف قد يطاول أي منطقة في سوريا في الوقت الراهن. ويقول الطبيب أحمد العلي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إنه يخشى الاقتراب من أي مؤسسة حكومية في إدلب، ولا سيما تلك الأمنية، وأضاف: “لدي هاجس فعلاً. بالأمس، كنت أقود سيارتي في مدينة إدلب، ووصلت إلى مكان للجلوس فيه، وكانت مجموعة من عناصر الأمن العام بالقرب منه، وأصابني قلق شديد من احتمال استهدافهم في أي لحظة”.

وتابع: “أيضاً، هناك الضربات الأميركية بالصواريخ الموجهة، وهي عامل خوف آخر، فقد يستهدفون أي شخص على الطريق”. ويرى العلي أن ردع إسرائيل في الفترة الحالية ضرورة ملحة، وقال: “لست مختصاً في الشؤون السياسية، لكن أرى وجوب التحرك، وشعرنا أن القصف قد ينتهي بسقوط النظام، لكن يبدو أن الأمر لم ينته. منذ فترة زرت دمشق، وحينها قصفت إسرائيل أهدافاً هناك أيضاً. الوضع كان مخيفاً، نرى ما حدث في غزة… دمروا كل شيء ولا يهتمون إطلاقاً بالأرواح”.

يشار إلى أن مدنياً قضى وأصيب سبعة آخرون بجروح من جراء سلسلة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت ليلة الجمعة، عدة مواقع عسكرية في ثلاث محافظات سورية، هي ريف دمشق ودرعا وحماة.

المصدر: العربي الجديد