يواجه الرئيس الشرع بعد تسلمه المرحلة الانتقالية في سوريا مهمة شاقة من أجل تأمين حكمه وتجنب أزمة سياسية أخرى، وتحتاج حكومته إلى زيادة إنتاج الطاقة بسرعة لتهدئة عامة الناس القلقين، ولكن خزائن الحكومة خاوية.
وذلك يتطلب التقدم الاقتصادي الدعم من العالم الخارجي، ولكن بدلاً من ذلك، يواجه خطر الاختناق بسبب العقوبات الغربية التي عزلت سوريا عن الاقتصاد العالمي.
وجاء ذلك في مقال لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أوضحت فيه أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ينتظران أدلة على أن حكام سوريا الجدد سيعطون الأولوية للمعايير الديمقراطية وإشراك الأقليات قبل رفع جميع القيود التي استهدفت في البداية نظام الأسد.
وكان الرئيس الشرع لفترة طويلة قائد لـ”هيئة تحرير الشام”، التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة، وعلى الرغم من أن جماعته قطعت العلاقات في عام 2016 ووضعت وجهاً أكثر اعتدالًا لحكمها في شمال غرب سوريا، إلا أن حكومتي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا تزال تدرج الهيئة كجماعة إرهابية، بحسب تقرير الصحيفة.
وخلال سنوات الحرب انكمش الاقتصاد السوري بنسبة 85%، وفقاً للبنك الدولي، ويعيش أكثر من 80% من السوريين الآن في فقر، ففي عام 2011 كان سعر الليرة السورية 47 ليرة مقابل الدولار. وعشية انهيار النظام كان السعر 14 ألف ليرة مقابل الدولار.
وتنقل “واشنطن بوست” عن جهاد يازجي مؤسس ورئيس تحرير “تقرير سوريا”، وهي نشرة إلكترونية تغطي الشؤون الاقتصادية السورية قوله، إن استراتيجية الحكومة في الأمد القريب تتلخص ببساطة في البقاء على قيد الحياة.
ويضيف: “تأمين التمويل، وتأمين الطاقة، وتأمين إمدادات القمح: كل هذه الأمور سوف تكون بالغة الأهمية بالنسبة للحكومة لتجنب أزمة خطيرة في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة”.
ويتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه الشرع وحكومته المؤقتة في كيفية التعامل مع القطاع العام المتضخم، ففي عهد الأسد أدى سوء الإدارة والفساد إلى ظهور قوائم رواتب مكتظة بالموظفين الزائدين عن الحد، بل وحتى “الموظفين الأشباح”، الذين يتقاضون رواتبهم ولكنهم لا يعملون.
وقد وجد تقييم أولي أجرته الحكومة المؤقتة أن قائمة الرواتب تضمنت 300 ألف شخص ربما لم يقوموا بأي عمل.
ولقد أثارت الجهود الرامية إلى خفض رواتب العاملين في القطاع العام بالفعل الاحتجاجات، حيث تجمعت مجموعات صغيرة من العمال المفصولين خارج أماكن عملهم السابقة، مطالبين بإيجاد حلول.
وحتى الآن لم تقدم الحكومة الجديدة سوى القليل فيما يتصل بالرؤية السياسية، وعلى هذا فإن المخاوف الاقتصادية والقلق بشأن الاتجاه الذي قد يسلكه الشرع في البلاد تعمل في كثير من الأحيان على ملء الفراغ.
وقد واجه الشرع بالفعل انتقادات من جانب العديد من السوريين بسبب تعيينه حكومة مؤقتة لا يعكس تشكيلها التنوع الديني والثقافي في البلاد، وبسبب تركيز عملية اتخاذ القرار في دائرة صغيرة.
وقال الشرع إن حكومته المؤقتة ستكون إجراءً مؤقتًا، وحدد الأول من آذار موعدًا نهائيًا لشكل ما من أشكال الانتقال.
وفي الأسبوع الماضي، قال مسؤولون من الاتحاد الأوروبي إن مثل هذا التقدم السياسي قد يؤدي إلى رفع بعض العقوبات.
وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: “لدينا الآن قرار سياسي ـ ولدينا خريطة طريق، وإذا رأينا بعض الخطوات في الاتجاه الصحيح، فإننا على استعداد أيضاً لتخفيف العقوبات المقبلة”.