أصدّر البنك الدولي تقريران خلصا إلى أنّ معدلات النمو في سوريا في حالة انكماش متفاقم، وسط انهيار رفاهية الأسر، متوقعاً استمرار الانكماش الاقتصادي بالبلاد في العام الجاري.
وبحسب التقرير الأول الذي جاء بعنوان “المرصد الاقتصادي لسوريا ربيع 2024: الصراع والأزمات وانهيار رفاهية الأسرة”، فإنّ الوضع الاقتصادي ما زال كان متفاقماً في عام 2023.
وأدّى الوضع الاقتصادي إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية، بالإضافة إلى استمرار النقص في التمويل ومحدودية المساعدات الإنسانية وزيادة استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة.
وركّز التقرير على ناتج ثانٍ هو “رفاهية الأسر السورية بعد عقد من الصراع”، والذي قدّم تقييماً لبعض عواقب الأزمة على الرفاهية في سوريا ويسلط الضوء على التغييرات في نتائج الرفاهية المختارة بين فترة ما قبل الأزمة وصيف عام 2022، عندما تم إجراء آخر مسح تمثيلي على المستوى الوطني في إطار برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية.
المدير الإقليمي للشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه قال إنّ سوريا “شهدت عدة صدمات متداخلة في عام 2023، من زلازل شباط وامتداد الصراع في الشرق الأوسط”.
وأضاف أنّ “قدرة سوريا على استيعاب الصدمات الاقتصادية الخارجية تضرّرت بشدة، لا سيما مع الانخفاض الأخير في تدفقات المساعدات وصعوبة الوصول إلى المساعدات الإنسانية وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية”.
وتوّقع تقرير “المرصد الاقتصادي السوري لربيع 2024” أن يستمر الانكماش الاقتصادي الذي طال أمده في عام 2024، مرجحاً أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5% في عام 2024، ليواصل الانخفاض بنسبة 1.2% عن عام 2023.
وذكر التقرير أنّ “الاستهلاك الخاص، المحرك الرئيسي للنمو، سيظل ضعيفاً مع استمرار ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية، ومن المتوقع أن يظل الاستثمار الخاص ضعيفاً، وسط وضع أمني متقلب، وحالة كبيرة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي”.
تقرير “رعاية الأسرة السورية” خلص إلى أنّ الفقر يؤثر على 69% من السكان أي نحو 14.5 مليون سوري، فيما أثر الفقر المدقع الذي لم يكن موجوداً تقريباً قبل الأزمة على أكثر من واحد من كل أربعة سوريين في عام 2022.
كما لفت إلى زيادة تآكل رفاهية الأسر السورية في السنوات الأخيرة، وبشكل خاص بسبب التأثير المدمر لزلزال شباط 2023، بالإضافة إلى عوامل خارجية متعدّدة بما في ذلك الأزمة المالية في لبنان 2019 وجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
ووفقاً للتقرير، فإنّ الفقر في سوريا له دلالة مكانية قوية، لافتاً إلى أنّ أكثر من 50% من الفقراء المعدمين يعيشون في ثلاث محافظات فقط، هي حلب وحماة ودير الزور، وتظهر محافظات شمال شرقي البلاد أعلى معدلات الفقر، فيما كانت الأسر التي ترأسها نساء والأسر النازحة داخلياً الأكثر عرضة لخطر الفقر.
ووصف التقرير التحويلات المالية التي يرسلها اللاجئون السوريون إلى ذويهم بأنّها “شريان حياة بالغ الأهمية للأسر السورية”، منوّهاً إلى أنّ تلقي التحويلات المالية من الخارج مرتبط بانخفاض قدّره 12% في معدلات الفقر المدقع وانخفاض بنسبة 8% في معدلات الفقر.