تحدث تقرير عن أهم المشاكل التي تواجّه الأطفال في سوريا، أبرزها التعليم وسوء التغذية والمشاكل النفسية والجسدية التي يتعرّضون لها.
وقال الأستاذ في المناهج وأصول التدريس في جامعة باريس السابعة أمين إسكندر إنّ النظام التربوي السوري الذي كان قائماً قبل الحرب لم يعمل على التقليل من وحدة التناقضات بين مكونات المجتمع السوري، وفق موقع الجمهورية.
وأضاف: “قد تخرّجت أجيال على مدى عقود لا تؤمن بحرية التعبير ولا احترام الرأي الآخر وقد بُني على الرأي الواحد واللون الواحد، وأدى الإهمال داخل النظام التربوي إلى حالة تراكمية من المشاكل والتناقضات ساهمت في حالة الانفجار الذي أصاب المجتمع السوري”.
وبعد مرور 13 عاماً من الحرب، باتت غالبية المدارس في سوريا غير صالحة للاستخدام بسبب تضرّرها أو تدميرها نتيجة القصف الذي طالها.
وزاد عدد المدارس المتضرّرة جرّاء الزلزال الذي ضرب سوريا بنسب متضاربة، حيث أشار التقرير إلى أنّ “النظام السوري سعى لضمّ المدارس التي تضرّرت نتيجة القصف إلى إحصائياته للمدارس التي ضربها الزلزال، وذلك بغية التغطية على جرائمه وتأمين ترميمها من قبل المنظمات الدولية أو بعض الدول التي فتحت قنوات علنية للتواصل معه”.
ولفت التقرير إلى أنّ أبرز وجوه هذا الضغط متصل بعدد الطلبة في كلّ مدرسة، ففي بعض المدارس يوضع حوالي 75 طالباً في القاعة الصفية الواحدة والمقاعد لا تتسع لهم، فيضطر قسم منهم للجلوس على الأرض.
أما في الشتاء، فيمكن تخيُل الوضع بوجود الشبابيك والأبواب والمقاعد المُحطمة وغياب الحكومة واعتمادها على المنظمات الدولية لتأهيل المدارس.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد وتدهور سعر صرف الليرة السورية، لفت التقرير إلى أنّ العائلات السورية لم تعد قادرة على تأمين مستلزمات الدراسة لأولادها من قرطاسية وملابس وحقائب، وحتى الكتب المدرسية التي من المفترض أن تُوزّع على الطلاب مجاناً.
وأضاف التقرير: “فقد قامت وزارة التربية بتدوير الكتب القديمة لأكثر من عام ما جعلها مُهترئة وغير قابلة للتدوير في معظمها، إذ تتذرّع الوزارة بالعجز المالي عن طباعة ما يكفي من الكتب الجديدة، مع العلم أنّ هذه الكتب متوفرة في صالات البيع التابعة للوزارة ما يضطر الأهالي لشرائها وهو ما يشكّل عبئاً إضافياً عليهم”.
وأدّى هذا الأمر إلى زيادة التسرّب من المدارس لعدد كبير من الأطفال، والتوجّه إلى سوق العمل لتغطية حاجات أسرهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وقد اتسعت هذه الظاهرة لتصل مستوىً خطيراً.
وبحسب التقرير، يسود سوء التعليم نتيجة قلّة الكوادر التعليمية في أغلب المحافظات، ونتيجة هذه القلة قد تمر عدّة أشهر على بدء العام الدراسي حتى يتم تأمين مدرّس لأحد المواد، وغالباً ما يكون طالباً في الجامعة لم ينهِ اختصاصه بعد، أو حاصلاً على الشهادة الثانوية فقط، وهو ما سبّب ضعفاً في الكفاءة.
وهناك أيضاً رسوخ لأساليب التعليم التي تعتمد على التلقين والحفظ بعيداً عن الاستنتاج والجدل، ويترافق ذلك مع انهيار في النظام الامتحاني والرقابة عليه، فتسرّب الأسئلة الامتحانية وشراء مراكز أو قاعات امتحانية من قِبل بعض المدارس الخاصة أو المتنفذين في الحكومة بات أمراً طبيعياً ومتداولاً في العلن بعد كل دورة امتحانية للشهادتين الإعدادية والثانوية.
كما أدّى تقاسم النفوذ في سوريا من أطراف محلية ودولية إلى وجود خمسة مناهج تعليمية مختلفة على الأقل، تدرّس تبعاً للقوة المسيطرة على هذه المنطقة أو تلك.
التقرير نوّه إلى أنّ أخطر ما يواجهه الأطفال في سوريا حالياً هو وصول المخدرات إلى أبواب المدارس وإلى داخل الصفوف، فقد ازداد تعاطي المخدرات في سوريا بشكلٍ واضحٍ بعد أن غدت مركزاً إقليمياً ودولياً لتصنيعها وتهريبها إلى دول الجوار ودول الخليج وأوروبا، تحت إشراف الفرقة الرابعة وميليشيا حزب الله اللبنانية والميليشيات الموالية لإيران، ما شكّل مصدر دخلٍ مهم للنظام السوري وميليشياته.
وكشف مدير برنامج اليونسكو لمكافحة المنشطات في سوريا صفوح سباعي عن انتشار مخيف للمنشطات والكبتاغون والترامادول والعديد من المواد المخدرة الأخرى بين طلاب المدارس والجامعات في مناطق سيطرة النظام السوري، إذ يبلغ سعر الحبة ما بين 700 إلى 1000 ليرة سورية فقط.
ومن أبرز ما يواجهه الأطفال في سوريا هو الجوع، إذ حذّر الأمين العام للأمم المتحدة من تفاقم المشكلة بشكلٍ لا يمكن تداركه، مشيراً إلى أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، و60% منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وقد انعكس هذا الواقع على الأطفال بالدرجة الأولى، حيث حذّرت اليونيسف من أنّ أكثر من 5 مليون طفل في سوريا في خطر متزايد من الإصابة بسوء التغذية
وأوضح التقرير أنّ حكومة النظام السوري تخلّت عن مسؤولياتها تجاه الناس وتركتهم يواجهون مصيرهم في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة وارتفاعٍ جنوني في الأسعار ناتج عن فقدان الليرة السورية لقيمتها، وكذلك في ظل الزيادة المستمرة في أسعار المحروقات ورفع الدعم عن الزراعة ومستلزماتها.
التقرير بيّن أنّه لم ينجِ طفل في سوريا وبوجه خاص في المناطق التي شهدت فصولاً داميةً من القصف والمعارك، بالإضافة إلى الضغط النفسي الذي خلّفه الزلزال الذي ضرب سوريا.
ووفقاً لدراسة لمنظمة أنقذوا الطفولة، فإنّ التعرُض اليومي لأحداث صادمة يؤدي إلى ازديادٍ في اضطرابات طويلة المدى في الصحة النفسية، مثل اضطراب الاكتئاب الشديد واضطراب القلق المفرط واضطرابات ما بعد الصدمة.
وتابعت: “الأطفال الذين يتعرّضون لأحداث صادمة غالباً ما يعانون من عدم التوازن العاطفي ومن صعوبة النوم والكوابيس المتكررة ومن فقدان الذاكرة، فضلاً عن صعوبات في التواصل مع الآخرين”.
كما رأت المنظمة أنّ سنوات الحرب في سوريا خلّفت آثاراً نفسية عميقة لدى الكثير من الأطفال، وزادت خطر الانتحار وأمراض القلب والسكري والاكتئاب وتعاطي المخدرات على المدى الطويل.