بحث
بحث
تعبيرية - انترنت

سيدات سوريات واجهنّ محنة الاعتقال وتحديات ما بعد الإفراج عنهنّ

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الإثنين 19 شباط الجاري تقريراً بعنوان “أصوات لا تتزعزع”  سلّط من خلاله الضوء على محنة اعتقال النساء السوريات ومواجهة تحديات ما بعد الإفراج عنهن.

وأشار التقرير إلى أنّ ما لا يقل عن 10197 سيدة ما يزلنّ قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى نهاية العام 2023، منهنّ 8493 سيدة على يد قوات النظام السوري، و255 سيدة على يد تنظم داعش، و45 سيدة على يد هيئة تحرير الشام، و878 سيدة على يد فصائل المعارضة المسلحة، و526 سيدة على يد قوات سوريا الديمقراطية.

وأكد أن النظام السوري هو المسؤول عما لا يقل عن 83% من حالات الاعتقال والاختفاء القسري مقارنةً مع بقية أطراف النزاع. وهذا يدل على تعمد النظام السوري ملاحقة واعتقال وإخفاء السيدات بدوافع متعددة وعلى نحوٍ مخطط ومدروس.

وثق التقرير مقتل 115 سيدة بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى نهاية 2023، وأضاف أن عام 2015 كان الأسوأ من حيث حصيلة الضحايا السيدات بسبب التعذيب، وكانت جميع الحالات التي سجلت فيه على يد قوات النظام السوري 23% وتنظيم داعش، تلاه عام 2012 ثم 2022، وطيلة هذين العامين كان النظام السوري المسؤول الوحيد عن كل حالات الوفيات بسبب التعذيب من السيدات.

كما وثق ما لا يقل عن 21 سيدة مختفية قسرياً لدى قوات النظام السوري تم تسجيلهن على أنهن متوفيات في دوائر السجل المدني وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى كانون الأول 2023، وسجل ما لا يقل عن 11 سيدة مختفية قسرياً لدى قوات النظام السوري تم تحديد هويتهن من خلال الصور المسربة لضحايا التعذيب من المشافي العسكرية “صور قيصر” وذلك منذ مطلع عام 2015 نهاية 2023.

وسجل التقرير ارتكاب أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا ما لا يقل عن 10060 حادثة عنف جنسي استهدفت السيدات، وقال إن النظام السوري مسؤول عن قرابة 75% من حالات العنف الجنسي المسجلة، يليه تنظيم داعش، ويعود ذلك لاستخدامهم أسلوب العنف الجنسي كأداة حرب وانتقام لترهيب المجتمع، ثم فصائل المعارضة المسلحة وقوات سوريا الديمقراطية الذين عمدوا إلى استخدام العنف الجنسي كأداة تمييزية لابتزاز الضحية وذويها.

وطبقاً للتقرير فإن عمليات اعتقال النساء التي نفذتها قوات النظام السوري جرت بطرق متعددة، أثناء مرورهن على نقاط التفتيش والمعابر الحدودية وتنقلهن بين المدن، ومن خلال الكمائن الأمنية عبر استدراجهن بطرق مختلفة للإيقاع بهن بهدف اعتقالهن، وعبر مداهمة منازلهن وأماكن إقامتهن أو أماكن عملهن أو جامعاتهن، وعبر اقتحام الأنشطة المعارضة من تظاهرات ووقفات احتجاجية، وأثناء تأديتهن للأعمال الإنسانية كمساعدة النازحين والجرحى، أو من خلال خطفهن من الشوارع والأماكن العامة، وعبر استدعائهن للأفرع الأمنية للتحقيق ثم اعتقالهن، أو أثناء زيارتهن لمراكز الاحتجاز المدنية لرؤية أقربائهم المحتجزين، وكذلك بعد خروجهن من المناطق التي شهدت عمليات حصار من قبل قوات النظام ومرورهن من المعابر التي أنشأتها قوات النظام السوري.

كما سجل التقرير استهداف النساء على خلفية دورهن وأنشطتهن التي قمنا بها من مشاركتهن في تظاهرات واعتصامات سلمية من أجل التغيير السياسي وبمختلف الأنشطة المدنية والإعلامية والحقوقية وكذلك قامت النساء بجهود إنسانية ملحة، بما في ذلك تقديم المساعدات والرعاية للنازحين والجرحى والأطفال والأسر المتضررة. وأكد التقرير أن محنة الاعتقال التعسفي لا تنتهي بخروج المعتقلات من مراكز الاحتجاز، بل تمتد آثارها إلى ما بعد خروجهن ويتعرضن لانتهاكات متعددة، وتفرض عليهن تحديات إضافية في شكل حياتهن. واستعرض التقرير ما لا يقل عن أربعة عشر نمطاً أساسياً مختلفاً من الانتهاكات والتحديات التي واجهت النساء بعد الإفراج عنهن وعانين منها، معظمهن مورست ضدهن ما يزيد عن أربعة أنماط مجتمعين معاً.

واستعرض التقرير ثماني روايات لسيدات ضحايا وناجيات من محافظات حمص وحماة واللاذقية وريف دمشق ودمشق ودير الزور والسويداء، واللواتي أصبحن نازحات أو لاجئات في بلدان أوروبا وتركيا والداخل السوري، ممن خضن تجارب فريدةً وبارزةً في الأنشطة التي مارسنها بهدف تقديم الدعم لمجتمعاتهن قبل أن يتعرضن لمحنة شديدة تتجلى في الاعتقال التعسفي وما يتضمنه من تعذيب بمختلف أنماطه بما فيه العنف الجنسي والاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، نتيجة تبنيهنَّ أدواراً فاعلةً منذ انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار 2011.

وأظهر من خلال قصص النجاح التي أوردتها أن العديد من النساء السوريات قد واجهن الانتهاكات والتحديات بشجاعة وجرأة، وأكد على أن مشاركتها الفاعلة على الرغم من التحديات الاجتماعية والسياسية والقانونية، تجسد مساهمة أساسية في السعي نحو احترام حقوق الإنسان، وشدد على الحاجة المجتمعية والسياسية للاعتراف بالمساهمات والإنجازات الفريدة التي قمن بها.

أكد أن النظام السوري انتهك العديد من المواد الخاصة بالنساء والتي تضمنها البروتوكول الثاني الإضافي لاتفاقيات جنيف 1977 بما فيها الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب والاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة والاغتصاب والإكراه على البغاء وكل ما من شأنه خدش الحياء.

وأثبت أن وجود أنماط من التمييز بحق المرأة في عدد من الممارسات، وهذا يشكل انتهاكاً لاتفاقيّة القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة والتي نصّت على الأحكام التي يجب على الدول تطبيقها لحماية النساء من الآثار السلبية الناجمة عن التمييز، كما تشكل خرقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1325.

وطالب التقرير المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالضغط على كافة أطراف النزاع والقوى المسيطرة لإطلاق سراح المعتقلات تعسفياً والمختفيات قسرياً. وتأمين حماية ومساعدة النساء المهجرات قسرياً من نازحات ولاجئات، ومراعاة احتياجاتهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً.