أصدر القضاء الفرنسي الأربعاء 15 تشرين الثاني الجاري أربع مذكرات توقيف بحق كل من بشار الأسد وشقيقه ماهر واثنين من معاونيه لاستخدامهم الأسلحة الكيميائية في هجمات ضد المدنيين في ريف دمشق عام 2013.
واعتبر المركز السوري للإعلام وحرية التعبير الذي قدم شكوى جنائية بالاستناد لشهود ذوي الضحايا والناجين وبدام الأرشيف السوري ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح ومنظمة المدافعين عن الحقوق المدنية، أنّ إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس لا يزال في منصبه “سابقة تاريخية ونصراً للضحايا وذويهم والناجين، وخطوة على طريق تحقيق العدالة”.
وقال مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش إنّ “قضاة التحقيق في فرنسا قالوا كلمتهم في هذا النوع من الجرائم، ولا حصانة لأحد”، مضيفاً “نتوقع من السلطات الفرنسية احترام معاناة وحقوق الضحايا وقرارات القضاء الفرنسي”.
وصدرت مذكرات التوقيف بحق العميد غسان عباس مدير الفرع 450 من مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية، والعميد بسام الحسن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية السورية، إلى جانب بشار الأسد بصفته القائد العام للجيش السوري وشقيقه ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة.
واتخذ قضاة التحقيق الفرنسيون هذه الإجراءات في أعقاب تحقيق جنائي أجرته الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة للمحكمة القضائية في باريس حول هجومين بالأسلحة الكيميائية في آب 2013 استهدفا مواقع مدنية في ريف دمشق وخلفا أكثر من ألف قتيل.
واعتبر مؤسس الأرشيف السوري هادي الخطيب أنّ فرنسا بإصدارها مذكرات التوقيف الأربعة تتبنى موقفاً حازماً مفاده أن الجرائم المروعة التي وقعت قبل عشر سنوات لا يمكن أن تبقى دون حساب.
وأضاف “نأمل أن تقوم بلدان أخرى قريباً بالأخذ بالأدلة القوية التي جمعناها على مدى سنوات وأن تحاسب المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم جنائياً”.
وعلق كبير المحامين الإداريين في مبادرة عدالة المجتمع المفتوح ستيف كوستاس على الإجراءات القضائية بأنها المرة الأولى التي يتم فيها إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس دولة أثناء توليه السلطة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقال كوستاس “هذه اللحظة تاريخية ولدى فرنسا في هذه القضية فرصة لترسيخ مبدأ عدم وجود حصانة للجرائم الدولية الأكثر خطورة حتى على أعلى المستويات”.
وأشارت كبيرة المستشارين القانونيين في منظمة المدافعين عن الحقوق المدنية عايدة السماني إلى أنّ مذكرات التوقيف هي رسالة واضحة وعالية الصوت إلى الناجين وجميع المتضررين من هذه الهجمات وغيرها من الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في سوريا مفادها أن “العالم لم ينساهم وأن النضال من أجل العدالة سوف يستمر”.
ولفت المركز السوري للإعلام وحرية التعبير أنه يمكن للمحاكم الفرنسية استخدام مبدأ الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية للتحقيق في الجرائم الدولية الفظيعة المرتكبة على أراضي أجنبية ومقاضاة مرتكبيها في ظل ظروف.
وأصدرت الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس سبع مذكرات التوقيف في قضايا مختلفة بحق سبعة مسؤولين كبار آخرين في النظام السوري بينها علي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري.