جريدة المدن الالكترونية –
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بنبأ تسليم ماهر الأسد، شقيق الرئيس بشار الأسد، قيادة “الفرقة الرابعة”، أشهر الفرق العسكرية التي ارتبط اسمها بانتصارات النظام السوري خاصة في دمشق وريفها.
وترفع ماهر الأسد من رتبة عميد إلى رتبة لواء، مطلع العام 2017، من دون إعلان رسمي عن ذلك حتى حزيران/يونيو من العام ذاته. وترافق الترفيع مع خبر انتقال ماهر الأسد من قيادة “اللواء 42 مدرعات” التابع لـ”الفرقة الرابعة” إلى “مجلس أركان الفرقة الرابعة” المؤلف من لواء وعميدين. قبل أيام تسلّم اللواء ماهر منصب القائد العام لـ”الفرقة الرابعة”.
ترفيع ماهر الأسد إلى رتبة لواء، جاء كأمر روتيني بعد أربع سنوات من وصوله لرتبة عميد في العام 2014 بالتزامن مع “إعادة انتخاب” بشار الأسد “رئيساً للجمهورية. ماهر كان قد حصل على رتبة عقيد في العام 2000 بالتزامن مع وراثة بشار للرئاسة عن أبيهما، الرئيس السابق حافظ الأسد. الرتب التي اكتسبها ماهر الأسد، ترافقت دوماً مع صفة “ركن”، لأنه أخ لـ”الشهيد” في الجيش؛ باسل الأسد، حسب التصنيفات والقوانين الخاصة بالجيش والقوات المُسلحة.
أخبار الترفيعات والتناقلات العسكرية، لا يتم في الغالب الإعلان عنها بشكل رسمي، بل عبر الإعلام البديل للنظام في مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإخبارية، بعد تسريب تلك الأخبار من مصادر عسكرية “موثوقة”.
ماهر الأسد من مواليد 1967، حاصل على درجة بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، والتحق بالكلية الحربية في عهد حافظ الأسد، وتخرج منها برتبة ملازم أول، والتحق بالخدمة في “الفرقة الرابعة” إلى أن وصل اليوم إلى قيادتها.
المصادر العسكرية تقول إن ماهر هو القائد الفعلي لـ”الرابعة” منذ اندلاع الثورة السورية، وإن الأوامر بتحريك المدرعات والمُشاة من الفرقة تصدر منه شخصياً، حتى أن اسم القائد الحقيقي للفرقة، ويعتقد أنه اللواء ناجي ديب، لم يكن معروفاً خلال السنوات الماضية، ولم يُذكر اسمه من قبل نهائياً.
ورغم أن ماهر هو القائد الفعلي لمعظم مكونات الفرقة، والمتسبب في مئات المجازر على امتداد الأراضي السورية عموماً، ومحيط دمشق على وجه خاص، إلا أن أرض المعركة لم تشهد تواجده خلال السنوات السبع الماضية، ولم يكن له أي ظهور إعلامي سوى بعض الصور المُسربة في مواقع التواصل الاجتماعي، وكان ظهوره يقتصر على الاجتماعات رفيعة المستوى مع أخيه وكبار ضباط “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة” و”قيادة الأركان” والجانبين الروسي والإيراني.
وبحسب معلومات خاصة بـ”المدن”، فإن ماهر الأسد كان الذراع الخفية لقيادة العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية، من خارج أرض المعركة، بعد اجتماعات مُكثفة مع الروس والإيرانيين. عدم ظهور ماهر الأسد في الساحة المعركة وابتعاده عن الإعلام فتح باب انتشار الشائعات في الإعلام المُعارض عموماً منذ العام 2012، حول مقتله أو إصابته، ومحاولات اغتيال له، في محيط دمشق.
وخلافاً لبشار الأسد الذي يُعتبر يد الروس في دمشق، يُعتقد أن ولاء ماهر الأسد لإيران، مع فرقته العسكرية بكافة مكوناتها، والتي باتت تضم مليشيا عراقية “لواء الإمام الحُسين” التي يقودها العراقي أسعد البهادلي، وقوام عناصرها من العراقيين والإيرانيين المُتعاقدين مع اللواء، الذي يتبع لوجستياً وعسكرياً وإدارياً إلى “الفرقة الرابعة”. هذا فضلاً عن التنسيق الكبير بين “الفرقة الرابعة” ومليشيا “حزب الله” اللبنانية في القلمون الغربي ومحيط طريق بيروت دمشق. معظم مقرات الحزب ومستودعاته في مناطق يعفور والصبورة والحدود السورية اللبنانية، تتمركز بالقرب أو داخل مقرات أمنية وعسكرية تابعة لـ”الفرقة الرابعة” أو لماهر الأسد شخصياً.
باستلام ماهر الأسد لقيادة “الرابعة”، بشكل رسمي، يكون قد أصبح الآمر الناهي على الصعيد العسكري في دمشق ومحيطها. إذ تعتبر “الرابعة” التشكيل العسكري الأكبر في العاصمة وريفها وصولاً للقلمون ومحيط محافظة درعا، ويقدّر قوامها العسكري بأكثر من 25 ألف مقاتل، معظمهم من المتعاقدين المرتزقة، وبعضهم من مناطق “المُصالحات” التي عمدت قيادة الفرقة إلى تجنيد الآلاف منهم، ليكون لها يد في كل المناطق في محيط العاصمة.
وتملك “الرابعة” ترسانة عسكرية كبيرة أبرزها دبابات T-90 الروسية، غير الموجودة عند معظم فيالق وفرق قوات النظام الأخرى، فضلاً عن تطوير صواريخ محلية الصنع أرض-أرض معروفة باسم “فيل” و”جولان”، استُخدمت في محيط دمشق خلال العامين الماضيين.
وتُعتبر “قوات الغيث” أحد أشهر التشكيلات التابعة لـ”الفرقة الرابعة”، ويقودها العميد غياث دلة، الذي استطاع بفضل الترسانة العسكرية المُقدمة من قيادة الفرقة تحقيق “انتصارات” كبيرة في دمشق وريفها خلال العامين الماضيين.
وصول ماهر الأسد المُقرب من إيران إلى قيادة “الرابعة”، بشكل رسمي، جاء بموافقة روسية، وسط اتفاق روسي-إيراني على تقاسم دمشق على عسكرياً. فالروس باتوا يسيطرون بشكل كامل على وزارة الدفاع وهيئة الأركان، مع إجراء تغييرات دورية وشهرية تطال كبار الضباط بعد اختبار الولاء للجانب الروسي، وإخضاع عشرات الضباط لدورات تدريبية في روسيا ليتسلموا لاحقاً مراكز حساسة في الأركان ووزارة الدفاع. فيما تتسلم “الفرقة الرابعة” والقوات الرديفة لها؛ “الحرس الجمهوري”، المهام العسكرية وحماية حدود دمشق بتنسيق مع الجانب الروسي.
الاحتفاء الروسي الكبير بقائد مليشيا “قوات النمر” سهيل الحسين، دفع بعض المراقبين، للمقارنة مع تسلّم ماهر قيادة “الفرقة الرابعة”. وفي حين تسيطر “الرابعة” على دمشق ومحيطها القريب وصولاً إلى الساحل السوري، تعتبر مناطق نفوذ “النمر” هي الشرق السوري وصولاً إلى ضفة الفرات الغربية. قد يحمل هذا التقسيم الجغرافي، نوعاً من تقاسم النفوذ أيضاً بين روسيا وإيران.
ويعتبر العميد غسان بلال، مسؤول المكتب الأمني لـ”الرابعة” ويد ماهر اليمنى، مسؤولاً عن مجازر معضمية الشام وداريا، والمُتهم بتنفيذ الضربة الكيماوية على معضمية الشام في آب/أغسطس 2013. غسان بلال يُعتبر الآمر الناهي في بعض الأمور التي تخص شؤون الضباط والعسكريين وبعض التنقلات العسكرية “صغيرة المستوى”، فضلاً عن قيادة مكتب “الترفيق”، المسؤول عن نقل بضائع بين المحافظات السورية بتنسيق مع مكاتب خاصة تابعة لمليشيات النظام مقابل “ضرائب” كبيرة. في حين يدير مشاريع ماهر الأسد الاقتصادية رجل الأعمال الدمشقي محمد حمشو، بالإضافة لشبكة من عشرات التجار في دمشق.