دفعت الأجور المرتفعة للمنازل والشقق السكنية في دمشق خلال الأشهر الماضية بمعظم المستأجرين وخصيصاً النازحين للبحث عن بدائل في الأرياف القريبة.
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط فإنّ أحياء دمشق الجنوبية شهدت بنسبة كبيرة إخلاء عائلات مستأجرة تتجه غالباً للسكن في محافظة ريف دمشق.
وقال أحد المستأجرين وهو رب أسرة نازحة من محافظة حمص إنه يعاني من تبديل المنازل جراء استغلال أصحاب الشقق للباحثين عن سكن، مضيفاً أنها المرة الرابعة التي يغيّر فيها مكان سكنه بسبب ارتفاع أجور المنازل.
ولفت إلى أنّ إيجارات المنازل كانت عند بداية نزوحه بحدود 20 ألف ليرث سورية وواصلت الارتفاع حتى أصبح يدفع 300 ألف ليرة، ومجدداً أصبح إيجار المنزل الذي يسكن فيه في منطقة الزاهرة 600 ألف ليرة سورية ما دفع به للبحث عن بديل في بلدة يلدا بريف دمشق بقيمة 200 ألف ليرة شهرياً.
وأضاف أنّ غالبية النازحين والمستأجرين قي منطقة الزاهرة رحلوا إلى الأرياف القريبة لعدم قدرتهم على تسديد أجور المنازل خصيصاً أنّ معظمهم يعتمد على حوالات خارجية من أقاربه والتي لا تصل بشكل منتظم.
وبحسب وكالة الأمم المتحدة فآن نصف سكان سوريا المقدر عددهم 23 مليوناً عند بداية الحرب في البلاد في 2011 اضطروا للفرار من منازلهم، وأنّ عدد النازحين بالداخل السوري يقدر بنحو 6 ملايين و700 ألف.
وذكر مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي لغرب آسيا (الإسكوا) أن ثلث العقارات في سوريا دمرت جراء عمليات القصف وبلغ عدد المنازل المدمرة كلياً حوالي 400 ألف منزل و300 ألف مدمر جزئياً مع تضرر البنية الأساسية لحوالي نصف مليون منزل.
ووفق إحصاءات العام 2010 بلغ عدد سكان العاصمة السورية نحو مليونين و800 ألف نسمة إلا أنه مع اندلاع الحراك السلمي في البلاد منتصف آذار 2011 وتحوله إلى حرب طاحنة بعد عدة أشهر نزح إليها عدد كبير من سكان محافظات أخرى كريف دمشق ودير الزور وحمص ودرعا والرقة وحلب ما أدى إلى زيادة الطلب على إيجار المنازل مقابل عروض محدودة.
وقال مالك إحدى المنازل إنه يتقاضى 45 مليون ليرة سورية بدل إيجار سنوي لشقته الواقعة على أوتوستراد حي المزة، الأمر الذي أكده صاحب مكتب عقاري إذ يبلغ إيجار شقة مفروشة ذات مواصفات جديدة في أوتوستراد المزة أو منطقة الفيلات في ذات الحي يصل حالياً إلى 4 ملايين ليرة في الشهر وينخفض إلى 3 ملايين في بعض مناطق الحي ومليوني في مناطق أخرى مثل الشيخ سعد، حسب قوله.
وأوضح صاحب المكتب العقاري أن الرقم في أحياء مثل أبو رمانة يرتفع إلى 5 ملايين في الشهر على أن يدفع المستأجر إيجار 6 أشهر سلفاً وبعض أصحاب الشقق يطالب بإيجار سنة كاملة.
وأشار إلى أن الأسعار تنخفض تدريجياً كلما ابتعدنا عن وسط العاصمة إذ يصل إيجار الشقة المفروشة في حي ركن الدين ومنطقة المجتهد ما بين مليون ومليون ونصف مليون في الشهر وينخفض إلى ما بين مليون و750 ألف في منطقة الزاهرة الجديدة للشقة المفروشة.
وتراوحت الأسعار في مناطق دمشق العشوائية مثل دف الشوك ونهر عيشة وعش الورور إلى ما بين 500 ألف و400 ألف في الشهر لشقة غير مفروشة مساحتها 70 متراً، في حين يبلغ إيجار شقة مؤلفة من غرفة واحدة وبداخلها مطبخ صغير جداً وحمام 200 ألف ليرة شهرياً.
وبيّن صاحب مكتب عقاري في ريف دمشق أنّ أسعار بدل إيجار الشقق السكنية في الريف الملاصق للعاصمة تتراوح ما بين 200 ألف و300 ألف ليرة شهرياً لشقة جيدة غير مفروشة مساحتها 100 متر مربع، بينما يبلغ بدل إيجار شقة مساحتها 50 متراً مربعاً في الشهر ما بين 125 ألف و150 ألف ليرة.
وذكر خبير اقتصادي في دمشق أن الارتفاع الجنوني لبدل إيجار الشقق السكنية لا يقتصر على مدينة دمشق فقط وإنما ينسحب على المحافظات كافة ويرجع السبب في ذلك إلى كثرة الطلب وقلة العرض.
واعتبر أنّ دمار عدد كبير من المنازل جراء المعارك وعمليات القصف تسببت بنزوح الملايين إضافة لمن تضررت منازلهم جراء الزلزال الذي ضرب سوريا في شباط الفائت تسببا بزيادة الطلب على المأوى مقابل قلة العرض.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن الأزمة الاقتصادية المستمرة وغير المسبوقة في البلاد ومواصلة الليرة السورية انهيارها أمام العملات الأجنبية تسببا بارتفاع جنوني لعموم الأسعار وهذا الأمر انسحب على قيمة بدل إيجار الشقق السكنية بشكل خيالي، وأثقل كاهل المواطنين المعدمين أصلاً بعدما كانت أفضل شقة في دمشق في أرقى المناطق لا يتجاوز بدل إيجارها في الشهر 50 ألف ليرة.
وارتفع بدل إيجارات المنازل مطلع العام الجاري بنسبة وصلت إلى 200% في العاصمة دمشق وعموم مراكز المحافظات السورية، وبنسبة وصلت إلى 100% في المدن والبلدات والريفية.