بحث
بحث
انترنت

إدارة بايدن ترغب في التطبيع مع النظام السوري

إسرائيل تفرض موقفها على الولايات المتحدة لكونها ستكون مجبرة على خوض الحرب معها إذا ما بادرت إسرائيل بشنها

تسعى إدارة بايدن إلى تعطيل وصول مشروع قانون مناهضة التطبيع مع الأسد الذي كان دفعت به مجموعة من النواب إلى التصويت في مجلسي الكونغرس والنواب وفق تصريحات صادرة عن “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية”.

وقوبلت مسارات التطبيع العربي مع الأسد برفض في أوساط المشرعين الأميركيين كما كان قد سُجّل موقف أوروبي أعلنه السفير الألماني لدى القاهرة فرانك هارتمان تمثل في إلغاء اجتماع بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي كان يفترض عقده في الـ 20 من الشهر الجاري تحت عنوان الاحتجاج على عودة الأسد إلى الجامعة العربية.

ويسنجم التطبيع مع الأسد بالنسبة لإدارة بايدن مع السياسات الديمقراطية الرامية إلى إنهاء النزاعات بغض النظر عن مصالح الشعوب وطموحاتها ورغم أنّ المجازر التي يعاقب عليها النظام السوري في إطار قوانين مثل قانون قيصر لا تزال سارية المفعول.

وبحسب موقع تلفزيون سوريا فإنه في حال نضجت الظروف التي تتيح تحوله إلى واقع سياسي وميداني مرتبط بشبكة مصالح اقتصادية وتحولات سياسية عريضة يمكن إخراج المسار الأميركي المؤيد للتطبيع إلى العلن أو عرض ما يمكن أن يكون قد تحقق من عناوين موصولة به بوصفها منتجا بأيدينا يمكن البناء عليه وتوظيفه في الصراعات الداخلية وفي معارك الرئاسة القادمة.

ولا تخرج نية إدارة بايدن في الإفراج عن 10 مليارات دولار لصالح النظام الإيراني مقابل إتمام صفقة إطلاق مواطنين أميركيين محتجزين في إيران عن هذا التوجه الذي يتبلور في السعي لإنجاز اتفاق مؤقت ومرحلي يحل مكان الاتفاق النووي الشامل الذي يبدو أنه من الصعب تحقيق ما يوازيه حاليا.

وتدفع الإدارة الأمريكية لإتمام اتفاق مع إيران مع أنها وصلت إلى عتبة إنتاج سلاح نووي كما تعمل على تفعيل استعداداتها الرامية إلى مواجهة أي ضربة أميركية أو إسرائيلية محتملة وتحصن منشآتها النووية وبشكل خاص منشأة نطنز بحيث تصبح منيعة ضد أي هجوم محتمل.

لم ينتج بايدن عملية التطبيع مع الأسد ولكنه يريد أن يدخلها من بوابة حالة انعدام الوضوح التي تغرق فيها السياسة الأميركية في عهده والتي أرعبت بعض المشرعين الأميركيين من الحزبين ودفعت إلى إطلاق مسار مناهضة التطبيع ومحاولة وضعه في إطار قانوني وتشريعي ولكن في الحقيقة فإن خلاصة كل الموقف الأميركي لا تتجلى في التباين غير المؤثر بين بايدن وبعض المشرعين بل يمكن استشفافها في مسألة الانسجام مع ما تخوضه أميركا حاليا من صراعات ترتبط ارتباطا وثيقا بحضورها في العالم وشبكة مصالحها التي تضررت جزئيا من التشبيك الفاعل بين دول الخليج والصين وروسيا والذي كان التطبيع مع الأسد أحد إفرازاتها الفرعية.

وكان التطبيع مجرد إجراء شكلي يهدف إلى تأمين الإطار العام لصورة مؤسسات مثل الجامعة العربية ولكن البعد الذي تحاول أميركا البايدنية اللعب عليه والمشاركة فيه يتعلق بالدور المفترض في إدارة النفوذ في المنطقة وتوزيع الشراكات الاقتصادية وإدارة سوق النفط وتنظيم شؤون الحرب الأوكرانية التي دخل العرب كوسطاء مقبولين للبحث في حلول منطقية لها.

وتحاول إدارة بايدن إعادة تفعيل دورها الذي تراجع في الآونة الأخيرة عبر مداخل تصفير النزاعات في المنطقة ومنع نشوء حرب خصوصا تلك التي تزمع إسرائيل على خوضها ضد إيران والتي تعارضها إدارة أميركية تحرص على التفرغ لزيادة سطوتها في المجال السيبراني والتكنولوجي.

وتفرض إسرائيل موقفها على الولايات المتحدة لكونها ستكون مجبرة على خوض حرب إذا ما غامرت إسرائيل بشنها وذلك من شأنه أن يعرض مصالح أميركا في المنطقة للخطر من ناحية ويؤثر على مصالحها الاستراتيجية في العالم من ناحية أخرى.

ويشكل تجنب الحروب عمق الاستراتيجية الأميركية في هذه المرحلة وكذلك منع تغيير الأنظمة في منطقتنا فالملاحظ أن الانفتاح الذي تبديه الإدارة الأميركية على النظامين الأكثر عنفا وديكتاتورية في المنطقة جاء بعد فترة قمع طويلة مارسها كل منهما على شعبه الذي كان يخوض ثورة ضده وبعد التأكد من إخماد هذه الثورات وعدم قدرتها على الإطاحة بالأنظمة ولكن إبقاءها في حالة الخلخلة التي تعشق أميركا إنشاء الصفقات تحت ظلالها.

وبنسجم التطبيع مع الأسد مع بنية الخلخلة وعدم الانتظام وكذلك يلعب ما تعده المؤسسات الأميركية اتفاقا سيئا مع إيران على الهدف نفسه فهو قد جاء بعد مرحلة جنحت فيها إيران إلى إنهاء الصراعات مع جيرانها لأنها لم تعد قادرة على إدارتها في ظل ثورة داخلية ضعفت وتشتتت ولكن عناوينها لا تزال حية وآيلة للاشتعال في كل لحظة.

ولا تمانع إيران السير في اتفاق مؤقت مع أميركا تبغي المحافظة على استمرار نظامها والمليارات القليلة التي أفرجت عنها أميركا في صفقة التبادل المنشودة تمثل الاستراتيجية الأميركية في العمل، إذ إنها تعمل بمثابة مسكنات للأزمات وتجعل مستعمليها يعتقدون أنهم شفوا من أمراضهم، في حين أنها تستفحل بانتظام بطيء ومكلف بشكل يصف الكيفية التي تدير أميركا عبرها العالم وصراعاته كما أنّ الأسد وإيران ليسا موجودين في السياسة الأميركية إلا بوصفهما الحصاة التي تحرك مياه المصالح الراكدة.