كشف استطلاع رأي أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع لاجئين سوريين في العراق والأردن ولبنان ومصر أنّ الوضع الاقتصادي المتردي وعدم توافر فرص العمل في سوريا يمنع الغالبية من العودة إليها.
وبحسب الاستطلاع الذي أُجري على ثلاثة آلاف عينة في الدول الأربعة وشمل عدة خيارات منها الخوف من استمرار النزاع الدائر والقلق من عدم الالتزام بالقانون والخوف من التفجيرات ونقص الخدمات الأساسية وانعدام البنية التحتية والخوف من التوقيف والاحتجاز فإنّ 56% من اللاجئين أبدوا رغبتهم بالعودة إلى سوريا شرط توافر فرص العمل واستقرار الرضع الاقتصادي في البلاد.
وحل الوضع الأمني في المرتبة الثانية إذ تتخوف شريحة واسعة من اللاجئين من العودة إلى سوريا في ظل التشديد الأمني الذي تفرضه سلطات الأمر الواقع في مناطق سيطرتها وما يعقبه من تبعات كالاعتقال والتعذيب والقتل.
وأكّد ثلث الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع إلى عدم رغبتهم بالعودة إلى سوريا نهائياً واستقرارهم في البلدان التي يقيمون فيها بينما أبدى 26% من اللاجئين رغبتهم في الانتقال إلى دول أخرى.
ودعمت نتائج الاستطلاع التحوّلات الإقليمية حيث تكثف الدول العربية تعاطيها مع الملف ومع النظام السوري على أمل اتخاذه إجراءات بشأن القضايا العابرة للحدود منها محنة ملايين اللاجئين.
وسجلت نتائج الاستطلاع تدنّ طفيف في نسبة الرافضين للعودة خلال 12 شهراً بلغت في لبنان 19% و97% في الأردن ونسبة متدنية في مصر 6% وبحسب بيانات المفوضية سجل لبنان العدد الأكبر من اللاجئين المسجل رسمياً 805 آلاف يليه الأردن 600 ألف ومصر 45 ألفاً فيما تفيد أرقام الحكومة اللبنانية بأن أعداد اللاجئين تصل إلى أكثر من مليون ونصف مليو ، تقل أعمار 51% عن 18 سنة.
ويؤكّد الاستطلاع على أوضاع اللاجئين المعيشية السيئة لجهة تلبية حاجاتهم الأساسية ولعائلاتهم وندرة فرص العمل والحصول على مساعدات مالية وحلّ الخوف من الترحيل المرتبة الخامسة يتبعه التوتر مع المجتمعات المحلية المحيطة وخطط جامعة الدول العربية لتشجيع عودة اللاجئين إلى ديارهم وإقناع الدول الغربية لتخفيف العقوبات على النظام السوري.
وأثارت التحرّكات لإعادة إشراك النظام في جامعة الدول العربية مخاوف من المدافعين عن حقوق الإنسان أن يصبح مخطّط عودة اللاجئين الذي طرحه الأردن قبل عامين حقيقة من دون ضمانات فعلية.
وتتعلق المخاوف بشأن سلامة العائدين إذ ترافقت المحاولات السابقة لإعادتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام مع تعرّضهم لانتهاكات على الرغم من تراجع حدّة الصراع الدائر في سورية فالجماعات الحقوقية وثّقت استمرار الاعتقالات والاختفاء القسري والتجنيد والاضطهاد كما منع بعض العائدين من الذهاب إلى مناطقهم الأصلية إذ أجبروا على العيش في مناطق تشرف عليها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري وأمن ميليشيا حزب الله كما تمنع وكالات الأمم المتحدة باستمرار من مراقبة عمليات العودة ويشكك عمال الإغاثة وبعض المراقبين في أن نظام الأسد مستعد لتغيير سلوكه.
وبحسب موقع العربي الجديد فقد تكون خطّة عودة اللاجئين في اجتماعات بروكسل المقبلة طريقة لاختبار ما إذا كان النظام السوري جادّاً ويمكن الوثوق به لاتخاذ إجراءات منها الموافقة على عودة آمنة للاجئين وإجراء إصلاحات تمهّد لمناقشة مساعدته اقتصادياً مقابل التقدّم في مسألة العودة والمخدّرات.
وأشار الموقع إلى المرحلة التالية يجري فيها تقييم الخطوات وفقاً للدبلوماسيين العرب مع أن هناك وجهة نظر صادمة للبنانيين والأردنيين والأتراك مفادها بأن الحكومة في سورية ليست جادّة ولكنها الطريقة الوحيدة لاختبار هذه الجديّة من خلال خريطة طريق بعودة عملية هادئة بعيداً عن أجواء الشعبوية والعنصرية فضلاً عن توخّي الحذر إزاء حجم الدمار الهائل الذي تعانيه مناطق العودة وانهيار الاقتصاد السوري.
يخشى معظم اللاجئين على حياتهم إذ لا يزال عشرات الآلاف من السوريين محتجزين بشكل تعسفي أو مختفين قسرياً مما يمنعهم بالوثوق من نظام تسبّب بمقتل نصف مليون شخص وأجبر 12 مليوناً على ترك منازلهم.
وعلّقت بعثات الأمم المتحدة في لبنان في 27 أيار الفائت تقديم المساعدات النقدية للاجئين السوريين بالعملتين اللبنانية والدولار بعد سلسلة لقاءات عقدت الجمعة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور الحجار نتج عنها هذا القرار.
وأعلن وزير الخارجية التركية السابق مولود جاويش أوغلو 24 أيار أنّ الحكومة التركية ستجري مباحثات مع النظام السوري لإعادة اللاجئين السوريين القادمين من المناطق التي يسيطر عليها مشيراً إلى وجود مفاوضات بهذا الشأن.
وقدم الأردن مبادرة خطوة مقابل خطوة بحيث يقدم المجتمع الدولي المساعدات الاقتصادية للنظام ويرفع العقوبات عنه مقابل إطلاق سراح المعتقلين وكتابة دستور جديد للبلاد وتأمين عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.