قالت منظمة الصحة العالمية بأنّها سوف تستفيد من الرفع المؤقت للعقوبات المفروضة على سورية بعد الزلزال المدمّر، بهدف السماح بتوزيع المساعدات الإنسانية بسهولة أكبر في هذا البلد الذي مزّقته الحرب.
وقال مدير قسم عمليات الطوارئ لمنطقة شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية ريك برينان، في إفادة صحافية نقلتها “فرانس برس”، إنّ منظمته “تتحرّك بسرعة كبيرة الآن مع شركائنا للاستفادة من هذا الرفع المؤقت للعقوبات. وقد بدأنا بالفعل في طلب المعدّات والإمدادات، ونعمل مع شركاء الأمم المتحدة على نهج جماعي للاستفادة من هذا الرفع”.
وكان الزلزال الذي وقع في السادس من شباط الجاري قد ضرب الشمال السوري الذي يضمّ مناطق خاضعة للمعارضة السورية وأخرى تحت سيطرة النظام، إلى جانب الجنوب التركي. وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فقد تسبّب الزلزال في مقتل نحو 4.525 شخصاً في شمال غربي سورية وحده، مشيرة إلى أنّ جهود الإغاثة تتعقّد في هذه المنطقة.
ومع الزلزال المدمّر، ازدادت احتمالات تفشّي أمراض في المنطقة التي يسيطر عليها معارضون للنظام. وقد أكد مسؤولو منظمة الصحة العالمية أنّها زادت إمداداتها من المضادات الحيوية ومسكنات الألم وعلاجات الصدمات وأدوية الأمراض غير المعدية إلى سورية، مع التركيز بشكل رئيسي على المنطقة الواقعة في شمال غربي البلاد.
من جهتها، قالت كبيرة مسؤولي الطوارئ في منظمة الصحة العالمية لمنطقة أوروبا “كاثرين سمولوود” إنّ المنظمة أعادت قنوات التوزيع في داخل سورية ونقلت أكثر من 139 طناً من الإمدادات الطبية الإضافية، بما في ذلك مضادات حيوية ومستلزمات أخرى خاصة بالجراحات إلى المناطق المتضرّرة.
كذلك أفاد مسؤولو منظمة الصحة العالمية بأنّهم يعملون لضمان توفير المياه والصرف الصحي بصورة أفضل في شمال غربي سورية، مع 1.7 مليون جرعة من لقاحات الكوليرا التي تؤخذ عن طريق الفم والتي يخططون لتوفيرها للمجتمعات الأكثر ضعفاً بحلول الأسبوع الأوّل من شهر مارس/ آذار المقبل.
وفي سياق متصل، هبطت 213 طائرة محمّلة بأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية في مطارات سورية، مذ ضرب الزلزال المدمّر شمالي البلاد، بحسب ما صرّح مسؤول الجاهزية في وزارة النقل سليمان خليل لوكالة فرانس برس، اليوم الأربعاء. وتصل الطائرات إلى مطارات دمشق وحلب (شمال) واللاذقية (غرب) لإغاثة السكان المقيمين في مناطق سيطرة الحكومة السورية والمتضرّرين من جرّاء الزلزال الذي تسبّب في مقتل نحو 46 ألف شخص في سورية وتركيا.
وأشار خليل أنّ 92 من تلك الطائرات أتت من دولة الإمارات التي أعادت فتح سفارتها في دمشق في عام 2018 بعد قطيعة دبلوماسية منذ اندلاع النزاع في منتصف مارس/ آذار من عام 2011.
أولى الطائرات الأوروبية تهبط في دمشق
وبعد ظهر اليوم الأربعاء، هبطت في مطار دمشق طائرة آتية من النرويج محمّلة بـ14 طناً من المساعدات المقدّمة من
الصليب الأحمر النرويجي. وقال المسؤول في هذه المنظمة يورغن هالدورسن إنّ “الأشخاص المتضرّرين (من الزلزال) هم في وضع هشّ جداً من جرّاء سنوات من الحرب والأزمات”. وتُعَدّ النرويج من أكبر الدول المانحة واستجابة للأزمة الإنسانية التي خلّفها النزاع السوري.
وكانت حكومة النظام السوري قد تقدّمت عقب الزلزال بطلب مساعدة رسمي إلى الاتحاد الأوروبي عبر آلية الحماية المدنية. وعلى الأثر، دعت المفوضية الأوروبية، وفقاً للمفوض “يانيز ليناركيتش”، الدول الأوروبية إلى “الاستجابة إيجاباً لهذا الطلب”. وتأتي المساهمة في هذه الآلية من قبل الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ثماني دول مجاورة غير منتسبة للتكتّل، من بينها النرويج.
وتعد الطائرة النرويجية أول طائرة أوروبية تهبط في المطارات السورية منذ عام 2011، حيث فرضت الدول الأوروبية عقوبات على النظام السوري.
وكانت دول أوروبية أرسلت مساعدات لمنكوبي الزلزال، لكن ليس عبر مطارات سورية، حيث وصلت شحنتان من المساعدات الإغاثية والطبية وسيارات الإسعاف حملتها طائرة إيطالية هبطت في مطار بيروت وباخرة أوروبية رست في الموانئ اللبنانية، وتسلمها الهلال الأحمر التابع للنظام عند الحدود السورية اللبنانية بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني.
ونقل موقع “سبوتنيك” عن رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري خالد حبوباتي قوله، من المتوقع أن تصل خلال الأيام القليلة المقبلة إلى مطار دمشق طائرة مساعدات دنماركية تحمل مساعدات للمتضررين.
كما وصلت إلى مطار دمشق الدولي اليوم طائرتان إندونيسيتان على متنهما وفد رسمي وفريق إغاثي ومساعدات للمتضررين من الزلزال.
وعبر البر، ذكرت وكالة أنباء النظام السوري “سانا” أنه وصلت اليوم قافلة مساعدات إغاثية من الأردن مقدمة من قبل غرفة تجارة العقبة إلى محافظة حلب، تضم 6 شاحنات تحمل على متنها 100 طن من المواد الغذائية والطبية وأغطية لمساعدة المتضررين من الزلزال.
كما وصلت إلى مركزي الإيواء بمدينة “الأسد” الرياضية وملعب “الباسل” اليوم شحنة المساعدات الإنسانية الإغاثية من جمهورية الشيشان.
تجدر الإشارة إلى أنّ المساعدات تتدفّق إلى دمشق، في وقت انتقدت سلطات محلية وناشطون معارضون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري تأخّر الأمم المتحدة في الاستجابة للزلزال وإدخال قوافل المساعدات للمتضرّرين.
عودة اللاجئين من تركيا إلى سورية
من جهة أخرى، أعلن القائمون على معبر تل أبيض الحدودي مع تركيا، في بيان، عن رفع فترة البقاء الإلزامية داخل الأراضي السورية إلى ثلاثة أشهر، للقادمين من الولايات التركية المنكوبة بالزلزال.
وأوضح البيان أن القرار سوف يكون سارياً اعتباراً من اليوم الأربعاء، وكل من دخل قبل هذا التاريخ يحق له العودة إلى تركيا بعد مضي شهر واحد على دخوله إلى سورية، بموجب “الإجازة” المخصصة لمتضرري الزلزال من اللاجئين السوريين.
وكان القائمون على معابر باب الهوى وتل أبيض وباب السلامة وجرابلس الحدودية مع تركيا، قد أعلنوا السماح لجميع السوريين المقيمين في جميع الولايات التركية المتضررة من الزلزال من حملة بطاقة الحماية المؤقتة القيام بزيارة “مؤقتة” إلى سورية وفق شروط محددة. وقد عاد الى سورية بالفعل آلاف السوريين حتى الآن، وسط مخاوف لدى اللاجئين من قرار تركي مفاجئ يمنعهم من العودة إلى تركيا، بعد انتهاء فترة الإجازة.