أدت الأوضاع الاقتصادية المتردية في سوريا في الآونة الأخيرة إلى انتشار ظاهرة التسول في العاصمة دمشق بشكل غير مسبوق، حيث أصبح هناك عوائل كامل تمتهن التسول بحسب موقع تلفزيون سوريا.
ورصد الموقع زيادة في أعداد المتسولين من نساء ورجال وأطفال وكبار السن عن الأشهر الماضية نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية إلى 7150 ليرة مقابل الدولار.
ونقل الموقع عن إحدى المتسولات قولها إنها مضطرة لطلب المساعدة من الناس لعدم وجود معيل لأسرتها، مضيفة أنها تحصل على 50 ألف ليرة أو أقل في اليوم الواحد، وهو مبلغ قليل بالنسبة لأم تربي 4 أولاد، وزوجها مختفٍ قسرياً منذ 7 سنوات ولا تعرف عنه شيئاً.
وأشارت إلى أن زوجها اعتقل في منطقة جديدة عرطوز على الحاجز، ولم تسمع عنه أي خبر منذ ذلك الوقت، وحاولت أن تسأل عنه لكن من دون جدوى.
ولفتت إلى أن عائلة زوجها كانت تساعدهم في المصروف في البداية ولكن الآن الجميع بحاجة إلى المساعدة لذلك لجأت إلى التسول لإعالة أطفالها الأربعة وأكبرهم فتاة تبلغ 17 عاماً.
وأكدت المتسولة أنها لا تحب هذا العمل إلا أنها مجبرة بعد أن فشلت في الحصول على عمل يكفيها لتربية أولادها.
وقالت “فاطمة شالاتي” العاملة في إحدى الجمعيات الخيرية بدمشق إنّ “الوضع الاقتصادي في سوريا لم يعد يفرق بين غني وفقير، الطبقة المتوسطة لم تعد موجودة، والمساعدات التي تأتي لجمعيتنا لا تكفي شيئاً”.
وأضافت أن سوء الوضع ونقص الحاجيات الأساسية لدى الناس دفع كثيراً منهم لطلب المساعدة من الجمعيات الخيرية التي ليس بإمكانها تغطية حاجة مئات الآلاف من الطلبات.
ولفتت إلى أنّ “المساعدات التي كانت تأتي للناس من الخارج لم تعد تكفي لأن الغلاء تجاوز المعقول، حيث إن من كانت تأتيه مساعدة بـ 100 دولار شهرياً، لا تكفيه لأسبوع في حين كانت تكفي من قبل لأكثر من 10 أيام في حال التوفير”.
وقال “علي باشا” مالك أحد أصحاب المحال التجارية في دمشق، “في سوريا هناك نوعان من المتسولين، الأول يتبع لعصابات أو أشخاص ليسوا بحاجة فعلية إلى فعل ذلك، حيث إنهم قادرون على العمل بكرامة حتى وإن كانت عوائدهم قليلة”.
وأضاف باشا لموقع “تلفزيون سوريا” أما النوع الثاني فهم محتاجون بشكل حقيقي، خصوصاً من فقدوا ذويهم في الحرب، ولم يعد لديهم أي معيل ولا يمكن للأم أن تعمل وتترك أولادها وحدهم، لذلك تضطر لسؤال الناس.
ولفت إلى أن يومية المتسول قد تتجاوز الـ 150 ألف ليرة في اليوم الواحد، في حين يدفع قسم منهم الرشا للشرطة لكي يبقوا في الطرقات ويأخذوا مزيداً من الأموال.
وبحسب الموقع فإنّ المشكلة الاقتصادية بسوريا تكمن في فشل النظام السوري في إيجاد حل لأي أزمة من الأزمات، كأزمة المحروقات التي زادت مع بداية كانون الأول ما أدى إلى شلل شبه تام في حركة المواصلات، وأشعل أزمة زيادة ساعات التقنين بساعات تصل إلى 23 ساعة يومياً.
ويرتبط بها توقف الأفران الخاصة في دمشق وريفها، لانخفاض مخصصاتهم الحكومية من مادة المازوت وندرتها وارتفاع سعرها في السوق السوداء، مما انعكس على أسعار الخبز السياحي والصمون التي سجلت ارتفاعاً كبيراً، وسط قلة المخصصات اليومية من الخبز المدعوم حكومياً.
وكل ما سبق أثر على دخل المواطن السوري، إذ باتت الأسرة بحاجة إلى 3.5 ملايين شهرياً حتى تبقى خارج دائرة الفقر والبحث عن الوجبة التالية، الأمر الذي زاد من نسب المتسولين في الشوارع.