بدأت ظاهرة وزن الأموال تنتشر في أسواق دمشق خلال الأشهر الأخيرة مع تراجع مستمر لقيمة الليرة السورية وارتفاع مستوى التضخّم لأرقام قياسية واحتياج السكان لكميات كبيرة من العملات النقدية لشراء قطعة الكترونية أو قطعة ذهب فضلاً عن استخدام تلك الطريقة من قبل تجار الجملة الذين يقبضون يومياً عشرات الملايين ثمن تلك البضائع.
وبدأت الظاهرة من تجار الذهب في أسواق الصاغة مع وصول سعر غرام الذهب إلى قرابة نصف مليون ليرة سورية ووجود كميات كبيرة من الأموال تدخل خزينتهم بشكل يومي ليمتد الأمر بعدها إلى تجار الجملة وبعض تجار التجزئة بالنسبة للمواد التموينية والغذائية.
ويرى أحد تجار دمشق في حديثه لـ صوت العاصمة أنّ استخدام “عدادات النقود” الالكترونية يكاد يكون مستحيلاً نظراً لكون معظم العملات المتداولة في الأسواق مهترئة ولا يمكن أن تمر عبر العدادات.
ويقول التاجر إن العدّ اليدوي للعملة يستغرق وقتاً طويلاً نظراً لكميات الأموال التي تُدفع يومياً في المحال التجارية ولدى الفعاليات الصناعية مشيراً إلى أنّ العملات المهترئة تزيد من الوقت.
وقالت سيدة لموقع صوت العاصمة إنها دفعت مبلغ 18 مليون ليرة سورية مقابل قطع ذهبية في أحد أسواق الصاغة بمدينة دمشق وتفاجأت عندما وضع الصائغ الأموال على الميزان بالترتيب حسب الفئات، وقام بجمع المبلغ ليتبين أنه صحيح خلال أقل من دقيقتين.
وقال صائغ في سوق الصاغة بمنطقة الحريقة إن نسبة الخطأ قد تصل إلى 0.5 % من إجمالي المبلغ الموزون وذلك تبعاً لوضع العملة واهتراء الورق ووجود لاصق عليها.
واعتبر الكثير من التجار أن طريقة وزن الأموال تختصر وقت وجهد كبيرين خاصة مع المبالغ الكبيرة التي تُدفع ثمن بضائع او عقارات أو سيارات.
ونتيجة التداول بين التجار لعمليات وزن العملة أصبح هناك أرقام ثابتة تُحسب فيها قيمة الحمولة النقدية الموضوعة على الميزان.
ويعادل سعر غرام الذهب من عيار 21 أكثر من كيلو وربع من الأوراق النقدية من فئة 500 ليرة سورية النسخة القديمة، بينما يصل إلى 980 غرام للإصدار الأخير من الفئة ذاتها و 500 غرام من فئة ألف ليرة من الأصدار الجديد، وربع كيلو من فئة الألفي ليرة.
ويصل وزن ما يعادل ألف دولار أمريكي أي نحو 9 ملايين ليرة سورية إلى 23 كيلو غرام تقريباً من فئة 500 ليرة قديمة، بينما يصل الوزن إلى نصف ذلك مع الإصدار الجديد.
ويبلغ وزن المبلغ ذاته 1 كيلو و 680 غرام في حال كانت العملة من فئة 5 آلاف ليرة التي طرحها المصرف المركزي خلال العامين الماضيين في الأسواق، والتي يفضلها التجار دوناً عن غيرها.
ويرى بعض التجار أن استخدام هذه التقنية لحصر قيمة الأموال الموجودة بين يديهم قد يعرضهم لمسائلة أمنية بتهمة إهانة العملة الوطنية، بينما لم يروا أي بند قانوني يحظر استخدام هذه الطريقة، ليبقى التخوف من تدخلات أمنية من بعض الضباط أو مسؤولي الجمارك والمكتب السري لتلفيق تهم معينة حيال استخدام الميزان لتقدير قيمة الأموال، بهدف تحصيل المزيد من الإتاوات من التجار.
وبلغ معدل التضخم بين عامي 2011 و 2023 الجاري أكثر من 16000% وفقاً للخبيرة الاقتصادية رشا سيروب في آخر تصريحاتها مشيرة إلى أن الأسعار تضاعفت بما يتجاوز 161 مرة خلال هذه السنوات.
وعزت الخبيرة الاقتصادي في تصريح لـ”جريدة الوطن” مشكلة التضخم لعدة أسباب أبرزها تراجع أجور المواطنين وتضخم التكلفة الناتجة عن قرارات الحكومة وخروج أجزاء كبيرة من الأراضي السورية عن سيطرة الدولة وطباعة العملة التي أودت لفائض بلا قيمة بالإضافة لمعدل الفائدة السلبي في المركزي السوري والتهرب الضريبي الضخم للشركات وعدم فرض ضريبة على الثروات.
وتّجرم القوانين السورية التعامل بالعملة الأجنبية بشكل رسمي عبر عمليات البيع والشراء والتداول أو حتى حيازتها بشكل غير شرعي عبر منافذ السوق السوداء الأمر الذي يُجبر الكثير من التجار على تداول الليرة السورية في عمليات البيع والشراء تجنباً للملاحقة الأمنية
وأوجد التضخم المالي في سوريا فرصة عمل للعتالين على أبواب المصارف و البنوك السورية لخدمة العملاء وحمل الصناديق والأكياس المليئة بالأموال وثقيلة الوزن بينما قام غالبية المراجعين أصحاب المعاملات المالية الضخمة بتأمين عتالين من جهتهم قبل مجيئهم بحسب مدير إحدى المصارف السورية.