آلية “تنظيم المناطق العقارية” استناداً إلى عدّة قوانين هي جزء من سياسة حكومية أوسع تهدف إلى إعادة الهندسة الاجتماعية لمناطق سوريّة خاصة تلك المحيطة بالعاصمة دمشق
بتاريخ 28 حزيران/يوينو 2022، نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) وعبر موقعها الرسمي خبراً تحت عنوان “صدور المخطط التنظيمي التفصيلي لجوبر والمناطق المحيطة بها”، وأشارت فيه إلى أن محافظة دمشق قد أصدرت المخطط التنظيمي التفصيلي الذي يحمل الرقم /106/ والهادف إلى تعديل الصفة العمرانية للمناطق العقارية التالية (جوبر والقابون وحي مسجد أقصاب وعربين وزملكا وعين ترما).
ويقصد بمصطلح “الصفة العمرانية” في هذا السياق، قيام الوحدات الإدارية (محافظة دمشق أو البلدية) بتحديد الغاية من إنشاء أو تخطيط المنطقة العقارية، وتخصيصها بنشاطات محددة، كأنّ تكون سكنية أو صناعية أو تجارية أو مناطق مخصصة للخدمات المالية. علما بأنّ المخطط التنظيمي لم يحدد ماهي طبيعة الصفة العمرانية في المناطق المنظمة والمشار الها في الخبر.
أفرد الخبر أيضاً، تصريحاً للمهندس “حسن طرابلسي”، مدير التخطيط والتنظيم العمراني في محافظة دمشق، مفاده أنّ الإعلان عن المخطط رقم (106) تمّ في بهو مبنى محافظة دمشق حتى يتمكن أصحاب العلاقة من الاطلاع عليه وتقديم الاعتراضات خلال مدة لا تتجاوز الثلاثين يوماً.
وتابع “طرابلسي” حديثه لوكالة سانا بأنّه ستتم تحويل كافة الاعتراضات إلى اللجنة الإقليمية لدراستها ومعالجة الاعتراضات المحقة وفقاً لأحكام المرسوم 5 لعام 1982 وتعديلاته، أي القانون 41 لعام 2002.
وكانت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، قد نشرت في وقت سابق تقريراً حول “إشكاليات تنظيم مناطق الحجر الأسود والسبينة وجرمانا ويلدا وفق القانون رقم 5 لعام 82 وبيّنت فيه أن توجّه الحكومة السورية نحو “تنظيم” المناطق المنكوبة في ريف دمشق استناداً لعدّة قوانين ومراسيم تشريعية، يوحي بنيّتها في تضليل الرأي العام والحصول على نفس النتائج التي تعيق السوريين من حماية ملكياتهم كما في حالة القانون رقم 10 لعام 2018.
ويقصد بمصطلح “الصفة العمرانية” في هذا السياق، قيام الوحدات الإدراية (محافظة دمشق أو البلدية) بتحديد الغاية من إنشاء أو تخطيط المنطقة العقارية، وتخصيصها بنشاطات محددة، كأنّ تكون سكنية أو صناعية أو تجارية أو مناطق مخصصة للخدمات المالية. علما بأنّ المخطط التنظيمي لم يحدد ماهي طبيعة الصفة العمرانية في المناطق المنظمة والمشار الها في الخبر.
أفرد الخبر أيضاً، تصريحاً للمهندس “حسن طرابلسي”، مدير التخطيط والتنظيم العمراني في محافظة دمشق، مفاده أنّ الإعلان عن المخطط رقم (106) تمّ في بهو مبنى محافظة دمشق حتى يتمكن أصحاب العلاقة من الاطلاع عليه وتقديم الاعتراضات خلال مدة لاتتجاوز الثلاثين يوماً.
وتابع “طرابلسي” حديثه لوكالة سانا بأنّه ستتم تحويل كافة الاعتراضات إلى اللجنة الإقليمية لدراستها ومعالجة الاعتراضات المحقة وفقاً لأحكام المرسوم 5 لعام 1982 وتعديلاته، أي القانون 41 لعام 2002.
وكانت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، قد نشرت في وقت سابق تقريراً حول “إشكاليات تنظيم مناطق الحجر الأسود والسبينة وجرمانا ويلدا وفق القانون رقم 5 لعام 82 وبيّنت فيه أن توجّه الحكومة السورية نحو “تنظيم” المناطق المنكوبة في ريف دمشق استناداً لعدّة قوانين ومراسيم تشريعية، يوحي بنيّتها في تضليل الرأي العام والحصول على نفس النتائج التي تعيق السوريين من حماية ملكياتهم كما في حالة القانون رقم 10 لعام 2018.
تنظيم منطقة جوبر وفق المرسوم 5 لعام 1982 محاولة جديدة قديمة للاستيلاء على عقارات السوريين:
من ناحية أولى، يُعتبر مخطط “تنظيم” منطقة جوبر، أحد أشكال استكمال سياسة الحكومة السورية التي تهدف إلى الاستيلاء على أملاك السوريين/ات العقارية. حيث أنّ معظم سكان المناطق التي شملها المخطط التنظيمي رقم 106 قد أصبحوا في عداد النازحين داخلياً أو اللاجئين، كون أنّ تلك المناطق شهدت معارك ضارية بين القوات الحكومية السورية وفصائل معارضة سوريّة وإسلامية خلال سنوات النزاع السوري الماضية.
ومن ناحية ثانية، تعتقد “سوريون” أنّ طرق “تنظيم المناطق العقارية/المنظمة سابقاً أو غير المنظمة”، هي جزء من سياسة أوسع تهدف إلى إعادة الهندسة الاجتماعية في عدّة مناطق سوريا، وعلى نحو خاص، تلك المناطق التي عُرفت بمعارضتها العسكرية والسياسية للحكومة السورية في محيط العاصمة دمشق، على مدار السنوات الماضية.
وهو ما دفع الحكومة إلى إصدار عدّة مراسيم وقوانين ابتداءً من المرسوم رقم 66 لعام 2012، ولاحقاً القانون رقم 10 لعام 2018، وليس انتهاءً بالمرسوم التشريعي رقم (237)، والذي نصّ على إحداث “مناطق تنظيمية” في مدخل دمشق الشمالي (القابون وحرستا)، مستنداً الى المخطط التنظيمي التفصيلي الذي حمل الرقم (104). تبعها إصدار مخططات تنظيمية مشابهة تخصّ مناطق الحجر الأسود والسبينة وجرمانا ويلدا، وفق المرسوم رقم 5 لعام 1982، والذي يُعتبر حلقة أخرى من حلقات نزع ملكيات السوريين وتجريدهم من حقوقهم العقارية.
استغلال الحكومة السورية لتفويض بعض القوانين لمتابعة الاستيلاء على الملكيات العقارية:
قامت محافظة دمشق باستغلال التفويض الممنوح لها في المرسوم رقم 5 لعام 1982، والمعدل بالقانون 41 لعام 2002، من خلال تحديد المناطق التي تراها بحاجة إلى إعادة إعمار أو توسعة بمساحات معينة، وذلك بناءً: إمّا على زيادة في عدد السكان أو نتيجة الأضرار التي لحقت بالمناطق المتضررة بسبب النزاع السوري، ومنحها صلاحية وضع مخططات تنظيمية لتلك المناطق على أساس المساحة المقترحة.
كما أنّ الحكومة استغلت عدم وجود مدّة زمنية محددة لإصدار المخططات التنظيمية، ما يمنحها فعلياً، سلطة واسعة في اختيار الزمان المناسب والأماكن التي تريد تنظيمها دون الأخذ بالحسبان أيّ من مصالح أصحاب الممتلكات أو السياقات الأخرى كالنزاع أو النزوح أو اللجوء، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إن غالبية مالكي العقارات الخاصة في تلك المناطق المنكوبة لا يقيمون فيها.
تكتيكات الحكومة السورية في الاستيلاء على ممتلكات السوريين وإشكاليات الإثبات:
تعمل الحكومة السورية على خلق حالة من الضبابية والغموض عند تنظيم المناطق المراد الاستيلاء عليها، مستغلة حالة “ازدواجية التشريعيات العقارية” المطبقة في حالات تنظيم المدن السورية المختلفة، وذلك من خلال تطبيق قوانين وتشريعات مختلفة على عدّة مناطق تريد السيطرة عليها، استناداً إلى عدّة قوانين عمرانية مختلفة لتنظيم المناطق المنكوبة، منها (المرسوم رقم 66 لعام 2012 والقانون رقم 10 لعام 2018 والمرسوم رقم 5 لعام 1982).
تعتقد “سوريون” أنّ سبب لجوء الحكومة إلى عدّة مراسيم وقوانين يعود إلى رغبتها في عدم تأليب الرأي العام السوري والدولي عليها، خاصة إذا أخدنا بالاعتبار الضجّة التي رافقت إصدار القانون رقم 10 لعام 2018، رغم أنّ نتيجة جميع تلك القوانين على أصحاب العقارات هي نفسها (نزع ملكية تحت مسمّيات مختلفة).
وتكمن بعض الإشكاليات الأخرى، في اعتماد القانون رقم 5 لعام 1982 لإصدار المخططات التنظيمية، في وسيلة التبليغ لأصحاب الأملاك. فقد نصّت المادة 5 (فقرة ب) من القانون، أنّ التبليغ يتمّ إمّا شخصياً أو عبر نشر قرار التنظيم في صحيفتين محليتين (مثال: صحفة البعث وصحيفة الثورة) أو عن طريق الإعلام المسموع والمرئي.
فمن الناحية العملية؛ فإن أغلب سكان منطقة جوبر والمناطق المذكورة في المخطط التنظيمي رقم 106 أصبحوا في عداد اللاجئين أو النازحين الداخليين، وهو ما يعني صعوبة أو أحياناً استحالة علم/معرفة السكان الأصليين بإعلانات المخططات التنظيمية من أجل الاعتراض عليها أو إثبات ملكياتهم.
ولو فرضنا جدلاً؛ دراية جزء من السكان بتلك الإعلانات، فإنّ نزوحهم إلى مناطق أخرى أو لجوئهم إلى دول أخرى ستقف عائقاً أمام إثبات ملكياتهم أو حتى مجرد الاعتراض على تلك القرارات.
وفي ذات السياق؛ فإن المدّة الزمنية القصيرة الممنوحة للناس (شهر واحد فقط) في حالة الاعتراض على قرارات المخططات التنظيمية، وهي المدّة الفعلية التي يمنحها القانون رقم 5 للعام 1982، من تاريخ إعلان المخطط، تجعل من الصعوبة بمكان إثبات الملكية في تلك المدّة.
عد عن ذلك، فإنّ “ظروف الحرب” في سورية جعلت الكثير من السكان على قوائم “المطلوبين” لسلطات الأمن السوري بسبب آرائهم أو مواقفهم السياسية، وهذا سيمنعهم من المجازفة بطبيعة الحال إلى المثول والاعتراض أمام اللجنة المذكورة، استناداً إلى المادة الخامسة من القانون المذكور.
ومن ناحية أخرى تبقى معضلة الحصول على “الموافقات الأمنية” لإجراء وكالات، عقبة إضافة أمام محاولات إثبات الملكية في سوريا بعد العام 2011. فمن المعروف أنّ أغلب الموافقات الأمنية للوكالات تحتاج لمدة زمنية تصل لستة أشهر للحصول عليها، ذلك في حال كان الشخص المعني غير ملاحق قضائياً أو أمنياً.
أمّا في حال كان هناك إشكالات أمنية أو حكم قضائي غيابي بحق أصحاب الملكيات، فمن البديهي أن تأتي الموافقة الأمنية بالرفض وبالتالي حرمان الناس من حقها في الاعتراض أو إثبات الملكية.
ولو افترضنا جدلاً حصول المالك على الموافقة الأمنية للتوكيل، فالمدّة التي ستستغرقها عملية الحصول على الموافقة، مع الأخذ بعين الاعتبار اجراءاتها الروتينية في استحصالها، سيجعل من تلك المدة أطول من مدة الاعتراض المحددة بـ30 يوم. (أي إن الاعتراض غير ذي معنى ومفرغ من مضمونه).
إنّ تنظيم المناطق وفق القانون رقم 5 لعام 1982، سيؤدي حتماً إلى الاستيلاء على عقارات بعض المالكين في منطقة جوبر موضوع هذه الورقة، جزئياً أو كلياً، كون التنظيم سيقتضي توسيع للطرقات الموجودة وإنشاء لطرقات جديدة وانشاء حدائق ومدارس وغيرها من مرافق عامة، لذلك كان من الواجب السماح قانوناً لمن يرى نفسه متضرراً من وضع تلك المخططات التنظيمية وتنفيذها، باللجوء إلى القضاء لضمان حقه، لكن القانون المذكور نزع عن القضاء هذه الصلاحية وأسندها للجنة فنية تشكل برئاسة المحافظ وعضوية عدد من مرؤوسيه للنظر بالاعتراضات ان وجدت (المادة 5)، وبالتالي سيكون الخصم هو نفسه الحكم في تلك الاعتراضات.
خاتمة:
إن سياسة إعادة الهندسة الاجتماعية التي تمارسها الحكومة السورية بحق السوريين من خلال حرمان المالكين لعقاراتهم، كلياً أو جزئياً، وبدون تعويض عادل تتعارض مع نص المادة 15 من دستور سوريا النافذ حالياً (دستور عام 2012)، الذي أكّد بأن الملكية الخاصة، من جماعية وفردية، مصانة ولا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض يعادل القيمة الحقيقية للملكية (المادة 15
كما يخالف هذه الاجراء نص المادة 771 من القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 لعام 1949، التي أكدت بأنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الاحوال التي يقررها القانون على أن يكون ذلك مقابل تعويض عادل.
كما أنّ الاستيلاء على الممتلكات العقارية لبعض المواطنين/ات في منطقة جوبر التي سيشملها التنظيم العمراني، تحت مسمى “تعديل الصفة العمرانية”، بدون اتباع الاجراءات القانونية السليمة ودون منح الفرصة لهم للاعتراض على قرارات الوحدات الادارية بالشكل السليم، وبدون تعويض عادل وحقيقي، يشكل مخالفة صريحة للعديد من العهود والمواثيق الدولية التي أكّدت على حق الملكية الخاصة، كالاعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، الذي نصّ على حق الإنسان في التملك وحظر حرمان أي شخص من ملكه تعسفاً، والاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان لعام 1950، وهي الوثيقة التي أقرّت بحق الإنسان في احترام حياته الخاصة والعائلية ومسكنه، والميثاق العربي لحقوق الانسان لعام 2004، والذي أكّد بأنّ حق الملكية الخاصة مكفول لكل شخص ويحظر في جميع الأحوال مصادرة أمواله كلها أو بعضها بصورة تعسفية أو غير قانونية.
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة