أقرّت عدة دول، بينها الأردن، ومصر، وألمانيا، وإيطاليا، ورومانيا بتحوّل التحالف الميداني في سوريا بين نظام بشّار الأسد، من جهة و”الحرس الثوري الإيراني”، من جهة ثانية إلى “كارتل مخدّرات عالمي”، علماً أن “حزب الله” كان متهماً بتجارة المخدرات في وقت سابق بشكل فردي.
ودفعت شحنات المخدرات المخبأة في الخضار والفواكه، المملكة العربية السعودية إلى حظر استيراد أيّ مواد من لبنان إليها أو عبرها، بعدما تحوّلت الصادرات اللبنانية الى مخابئ متقنة لحبوب الكبتاغون.
وأعلن الملك الأردني عبد الله الثاني، في أحدث مقابلة تلفزيونية له، أنّ “الميليشيات الشيعية” الناشطة في المناطق الحدودية في سوريا، هي المتورّطة بتنظيم عمليات تهريب المخدّرات الى بلاده، في كلام أعقب ما كان قد كشفه، قبل أسابيع قليلة المتحدّث باسم الجيش الأردني الذي وجّه، في ضوء ما باتت السلطات الأردنية تملكه من معطيات وأدلّة ميدانية، أصابع الاتّهام الى “التنظيمات الإيرانية”.
وألمح الجيش الأردني إلى تورط نظام الأسد بعمليات التهريب التي تقوم بها تنظيمات مزوّدة بأحدث الأسلحة والسيارات والطائرات الموجّهة، حيث أكد المتحّدث باسمه، في وقت سابق أم مطالب الأردن كانت تتمثل في أن تؤدّي السلطات السورية واجباتها، وأضاف: “لم نلمس أنّ لنا شريكاً حقيقياً في حماية الحدود، على الرغم من أنّ عمليات تهريب المخدّرات قد أصبحت منظمة، وتلقى الرعاية والدعم من أشخاص في القوات السورية وأجهزتها الأمنية، إلى جانب حزب الله وإيران الموجودة في الجنوب السوري”.
وتولى أكثر من مصدر تأكيد التعاون الكامل القائم بين “التنظيمات الإيرانية” أو “الميليشيات الشيعية”، من جهة والنظام السوري، من جهة ثانية، وفق صحيفة “دير شبيغل”، التي نشرت معلومات موثّقة في المحاكم الألمانية عن تورّط النظام السوري عموماً و”الفرقة الرابعة” في “الجيش السوري” بقيادة ماهر الأسد، خصوصاً في تصدير المخدّرات.
وتحدّثت “دير شبيغل” عن المخدّرات التي يتم تصديرها، بحراً، عبر مرفأ اللاذقية، حيث بلغت إيراداتها، في العام الماضي، أكثر من خمسة مليارات وسبعمائة مليون دولار أميركي، وفق الصحيفة، التي توقفت عند ما جرى ضبطه في ألمانيا نفسها كما في رومانيا وإيطاليا ومصر.
ونقلت الصحيفة عن المبعوث الأميركي الخاص بسوريا جول رايبورن قوله إن ” النظام السوري لا يغض الطرف عن هذه التجارة بل هو الكارتل نفسه”.
ولا تغيّب “دير شبيغل” دور “حزب الله” بل تضعه في مرتبة متقدّمة، مشيرة الى أنّه استفاد من خبرته في تصدير المخدرات من سهل البقاع، من أجل تصديرها بعد سيطرته على غرب سوريا”.
واستوردت سوريا عام 2020، وفق سجلّات الأمم المتحدة، خمسين طنّاً من مكوّن أساسي في صناعة الكبتاغون، بحيث فاقت هذه الكمية تلك التي تستوردها سويسرا التي تعتبر أكبر دول أوروبا والعالم في صناعة الأدوية.
وبالعودة الى الأدبيات الأردنية، سواء التي يتوسّلها الملك عبد الله الثاني أو المسؤولون العسكريون، يظهر بوضوح أنّ مشاكل التهريب بدأت مع تمّدد الميليشيات الموالية لإيران في جنوب سوريا، الأمر الذي لم تشهده سابقاً حين كانت بعهدة “الجيش السوري الحر” فالعشائر المتفاهمة مع القوات الروسية.
ولا يخفي الأردنيون اعتقادهم بأنّه يقف وراء عمليات التهريب هذه “أمر عمليات” مصدره إيران، بهدف “زعزعة الأمن” في الأردن والدول التي يتم تمرير المخدّرات إليها عبرها، فيما كان مسؤولون سعوديون قد أكدوا أنّ “الحرس الثوري الإيراني” يتوسّل إغراق السوق السعودية بالمخدّرات، في إطار حربه على المملكة ومجتمعها.
ولم يخلُ أيّ بيان تلا اجتماع القيادة السعودية مع أيّ مسؤول عربي من وضع بند عن مكافحة تهريب المخدّرات التي تتولّاها أذرع إيران في البيانات المشتركة.
وبالرغم من المواقف السورية واللبنانية “المتبرئة”، والتي أرفق في بعض الأحيان بعمليات مداهمة كالتي تولّاها الجيش اللبناني في البقاع، مؤخّراً، لم تتمكن تلك المواقف من إقناع الدول المستهدفة بالتهريب المنسوب الى “حزب الله” وسائر “التنظيمات الإيرانية”، بأّن هناك جديّة في المكافحة أو قدرة في التصدّي الفاعل لهذا التصدير الإجرامي.
وتسبب توقّف الجيش اللبناني عن مواصلة عملياته في البقاع، إثر تدخّل “حزب الله” لمصلحة المجموعات المستهدفة بعملياته، بأثر سلبي على لبنان، إذ تجدّدت الثقة بأنّ الأمرة في لبنان هي لـ “حزب الله”، فيما الجيش اللبناني لا يستطيع أن يتخطّى “العمليات التسويقية”، حتى لو كان يرغب بذلك.
ومن الواضح أنّ الكلفة على الكيانات التي تأوي التنظيمات المتّهمة بتصدير المخدرات سوف ترتفع، في ضوء هذا التّصعيد الأردني-السعودي-الأوروبي ضدها، في المستقبل القريب.
مشكلة الشعبين اللبناني والسوري، فيما يحدث، أنّهما غير قادرين على وضع حدّ لهذا “التحالف الإجرامي” الذي يتحكّم بدولتيهما، ويرمي بهما إلى ما تحت خطّ الفقر.
ولا تكتفي هذه العصابات، التي تشعر بفائض القوة، بتوفير حمايات وحصانات لها، بل تفعل كلّ ما أمكنها من أجل أن تمسك بكامل القرار في لبنان، ولا تتخلّى عن مركز قوة واحد في سوريا.
وهكذا، يتماسك التحالف بين النظام السوري و”حزب الله” وسائر “التنظيمات الإيرانية”، بحيث يوفّر هذا “الكارتل” لنفسه ما يحتاجه من أموال “يُبيّضها” بفتاوى واجتهادات “غبّ الطلب” وبشعارات رنّانة وبكلام معسول وبعقائد تخديرية، على حساب أدنى حقوق الشعبين السوري واللبناني بالعيش.