كشفت تحقيقات لوكالة “رويترز”، أن شخصيات بارزة موالية للنظام المخلوع، ممن فرّوا خارج البلاد بعد سقوط بشار الأسد، تضخ ملايين الدولارات لدعم عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين، في مسعى لإشعال انتفاضات ضد الحكومة السورية الجديدة واستعادة جزء من النفوذ الذي خسروه خلال الأشهر الماضية.
وتشير التحقيقات إلى أن المخلوع بشار الأسد، الذي لجأ إلى روسيا في 8 كانون الأول 2024، يعيش حالة عزلة شبه تامة في موسكو، وفق أربعة مصادر مقربة من العائلة. لكن شخصيات أخرى من الحلقة الضيقة حوله، وبينهم شقيقه ماهر، لا تزال ترفض التسليم بسقوط الحكم وتبحث عن أدوات لاستعادة النفوذ.
وتكشف “رويترز” أن اثنين من أقرب رجالات الأسد، وهما اللواء كمال حسن، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، ورجل الأعمال رامي مخلوف، يتزعم كل منهما اتجاهاً لتشكيل ميليشيات جديدة في الساحل السوري ولبنان، بالاعتماد على شبكات داخل الطائفة العلوية التي لطالما مثّلت قاعدة السلطة لعائلة الأسد. وبحسب المعطيات، يمول الطرفان، إلى جانب فصائل أخرى، أكثر من 50 ألف مقاتل، في سباق محموم لبناء نفوذ مستقل.
وتظهر الوثائق التي اطلعت عليها “رويترز”، أن مخلوف ضخ ما لا يقل عن 6 ملايين دولار رواتب لمقاتلين محتملين، بواقع 20 إلى 30 دولارًا للعامل الواحد شهرياً. كما تشير إلى سعيه للوصول إلى أسلحة مخزنة في مواقع سرية تعود للعهد السابق، إضافة إلى محاولات لشراء أسلحة جديدة عبر مهربين.
أما حسن فيعتمد على ارتباطاته الأمنية الواسعة وعلى ولاءات ضباط خدموا تحت قيادته لعقود.
وفيما لا يزال ماهر الأسد، المقيم أيضاً في موسكو، يملك تأثيراً على آلاف الجنود السابقين، تشير المصادر إلى أنه لم يقدم حتى الآن دعماً مالياً مباشراً أو أوامر واضحة لحسم الصراع الداخلي.
وتسلط التحقيقات الضوء على شبكة من 14 غرفة قيادة تحت الأرض، أنشئت قرب نهاية حكم الأسد حول الساحل السوري، وتضم مخازن أسلحة وتجهيزات تقنية.
وبحسب صور ووثائق، تحوي الغرف المخبّأة مخزونات أسلحة تشمل بنادق كلاشنيكوف وقنابل، وأجهزة اتصال، وطاقة شمسية، وخريطة عسكرية كبيرة تتوسط إحدى الغرف. ورغم خطورتها المحتملة، يقول مسؤولون إن معظمها اليوم شبه معطّل.
وقد أكد ضابطان ومحافظ سوري سابق لـ “رويترز” وجود هذه المنشآت، التي تظهر تفاصيل منها في صور حصلت عليها الوكالة. ويعتبر كل من حسن ومخلوف السيطرة عليها جائزة كبرى في معركتهما على النفوذ.
وتعتمد “رويترز” في تحقيقها على مقابلات مع 48 شخصاً مطلعاً بشكل مباشر على هذه التحركات، إضافة إلى سجلات مالية ووثائق ورسائل نصية وصوتية تُظهر حجم الصراع داخل الدوائر العلوية المقربة من بشار الأسد.
ومن جهته يؤكد محافظ طرطوس أحمد الشامي، أن الحكومة على علم بهذه الخطط، لكنها تقلل من إمكانية نجاحها، مؤكداً أن شبكة غرف القيادة أضعف بكثير مما كانت عليه.
وفي حين لم ترد الخارجية الروسية ولا الداخلية اللبنانية على أسئلة “رويترز”، أكد مسؤول إماراتي أن بلاده تتخذ إجراءات لمنع أي تدفقات مالية غير مشروعة عبر أراضيها.
