اتبعت روسيا خلال النصف الثاني من العام 2021، سياسة جديدة حيال الضربات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف مواقع للنظام السوري والميليشيات الإيرانية في مختلف المناطق السورية، عملت خلالها على إصدار بيانات “عاجلة وتفصيلية” عن الهجمات الجوية والصاروخية.
الغارات الإسرائيلية والاهتمام الروسي “إعلامياً”:
وبرز دور الإعلام الروسي خلال الفترة المذكورة بشكل كبير، حيث عمدت وسائل الإعلام الروسية إلى نشر الأخبار وتفاصيل الهجمات الجوية، في وقت يسبق وسائل إعلام النظام بساعات في بعض الأحيان، إضافة لكونها ركّزت على ذكر أنواع الطائرات المهاجمة والمواقع المستهدفة وعدد الصواريخ التي تم إسقاطها من قبل الدفاعات الجوية، على عكس بيانات النظام التي عادة ما تكون مبهمة وتكتفي فيها بذكر وقوع الهجوم والتوقيت، دون تحديد منطقة معينة أو عدد الغارات التي استهدفت المواقع العسكرية.
وتنوعت آلية إصدار البيانات وعرض تفاصيل الهجمات الجوية والصاروخية الإسرائيلية خلال الأشهر الستة الماضية، فمنا نُشر عبر وسائل إعلام روسية “حكومية”، ومنها عن طريق مركز المصالحة الروسي بشكل مباشر، وأخرى عبر تسريبات لوسائل إعلام خاصة.
وكان التركيز الأكبر لمركز المصالحة الروسي، ووسائل الإعلام التابعة لوزارة الدفاع الروسية، وحتى التسريبات لوسائل الإعلام الخاصة، يتمحور حول تصدي الدفاعات الجوية للصواريخ الإسرائيلية، وإسقاط عدد منها قبل وصولها الهدف.
ما حقيقة إسقاط الصواريخ الإسرائيلية؟
ضمن سلسلة بيانات روسية رصدها موقع صوت العاصمة، خلال النصف الثاني من العام 2021، نشرت وسائل الإعلام الروسية تفاصيل كافة الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع للنظام السوري وإيران في مختلف المحافظات السورية.
بدأ الإعلام الروسي أولى بياناته في تموز الفائت، وذكر فيه الأهداف التي طالتها الغارات الإسرائيلية، ومنظومات الدفاع الجوي التي حاولت التصدي لها، إضافة لعدد الصواريخ التي أسقطتها الدفاعات الجوية، في حين اكتفى إعلام النظام الرسمي ببيان لا يتجاوز السطر الواحد، قال فيه إن إسرائيل أطلقت ثمانية صواريخ على مواقع عسكرية، وتمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط سبعة منها.
وبالطريقة ذاتها، أخذت البيانات الروسية تتوالى على مدار الأشهر الستة الماضية، عقب كل هجوم يستهدف مواقع النظام وإيران في سوريا، وفي كل منها تُحدّد أنواع الطائرات والصواريخ المهاجمة، والمواقع المستهدفة، إلى جانب عدد الصواريخ التي أطلقتها إسرائيل.
ونشرت وسائل الإعلام الروسية، ومركز المصالحة في حميميم، في عدّة بيانات، أنواع منظومات الدفاع الجوية التي تتمكن من إسقاط الصواريخ الإسرائيلية، برز خلالها اسمي ” “Buk M2Eو” “Pantsir SEوهما منظومتان من الصناعة الروسية القديمة، عملت روسيا على تعديلها وتطويرها قبل عامين.
مصادر عسكرية مقربة من النظام قالت لـ “صوت العاصمة” إن معظم البيانات الرسمية التي تتحدث عن إسقاط صواريخ “إسرائيلية” في الأجواء السورية عارية عن الصحة، مؤكّدين أن إسرائيل اعتادت استهداف بطاريات الدفاع الجوي المتواجدة في محيط هدفها قبل الإغارة على الهدف نفسه، وهو ما تكرر في معظم الهجمات الجوية الإسرائيلية، ما يمنع الدفاعات الجوية من التصدي لأي هجوم.
وبيّنت المصادر أن دفاعات النظام الجوية، نجحت بالتصدي لصاروخين أطلقتهما إسرائيل في الخامس والعشرين من تموز الفائت، وهي المرة الوحيدة التي تتمكن من إسقاط الصواريخ الإسرائيلية قبل وصولها الهدف المحدد.
وأشارت المصادر إلى أن الصاروخين الإسرائيليين كانا موجهين لاستهداف موقع إيراني في منطقة “السيدة زينب” جنوبي العاصمة دمشق، وسقطا في المنطقة ذاتها بعد التصدي لهما باستخدام منظومة الدفاع الجوي الروسية “Buk M2E”.
هل تتمكن دفاعات النظام الجوية من التصدي للغارات الإسرائيلية؟
أوضحت “المصادر العسكرية” إن دفاعات النظام الجوية قادرة على التصدي للصواريخ والهجمات الجوية، ضمن الأجواء السورية فقط، كونها منظومات دفاع جوية “قصيرة المدى”، لافتة إلى أن وصولها إلى خارج الحدود كالمتوسط والأجواء اللبنانية خارج استطاعتها.
وأكّدت المصادر أن استخدام الدفاعات الجوية يحتاج لموافقة روسية “حصراً”، وأن روسيا تمنع “محاولة” التصدي لأي هجوم خارج الأجواء السورية.
ولفتت المصادر إلى أن النظام طالب الروس عدّة مرات بإنعاش دفاعاته الجوية المتهالكة وتطويرها، مبيّنة أن الرد الروسي اقتصر على إعادة تأهيل منظومات الدفاع الجوية القديمة، دون إجراء أي تعديلات لها وخاصة بما يخص “المدى البعيد” وحدود “الرؤية والرصد”.
وفي ظل التسريبات الإعلامية التي نشرتها صحف إسرائيلية، على رأسها صحيفة “يديعوت أحرنوت” حول عزم إسرائيل تكثيف غاراتها في سوريا خلال العام 2022، يبقى السؤال الأبرز.. “هل تستطيع دفاعات النظام الجوية إسقاط الصواريخ الإسرائيلية مستقبلاً؟”.
المصدر: صوت العاصمة
الكاتب: فريق التحرير